إيمان حمود الشمري
منذ أن وصلتَ بكين وأنا محاطة بالمنتجات والصناعات الصينية، أجهزة كهربائية: (شاومي، هايسنس، ميديا، هاير، وغيرها الكثير، إضافة للمستلزمات المنزلية التي استخدمها يومياً، مروراً بالسيارات التي أشاهدها بالشارع: هونشي، جيلي، شانجان، جيتور ... إلخ، وطائرات محلية الصنع أبرزها C919، كجزء من إستراتيجية الصين لتقليل الاعتماد على الشركات الأجنبية.
تلك البلد التي تعتبر بلداً نامياً جعلت تصنيفها أكثر تعقيداً! وعلى الرغم من ذلك تنبذ الهيمنة، وتتحلَّى بروح التعاون والمشاركة.
بالمِنجل والمطرقة تكاتفت الصين ونهضت على أيدي أبنائها، مسحت كل الجراح وطغت على جميع أسباب التخلف، قاومت العدوان وحاربت الفساد بشراسة وما زالت، وآمنت أن اليد الواحدة هي القدر الذي سينتشلها، أعطت الحرية وفي الوقت ذاته حكمت بقبضة من حديد لأنها أدركت أن التفكك خانها في أكثر من موضع، وجعلها فريسة سهلة لأشرس الحروب كحرب (الأفيون) بمراحلها الثلاث، والتي ابتدأت عام 1840 ودمرتها بسبب أزمة الإدمان الكبيرة التي عمَّت الشعب، وكنوع من الإذلال التاريخي تم إحراق أحد أهم معالمها التاريخية آنذاك، حديقة الحدائق أو (يوان مينغ يوان) وسرقت آثارها التي ما زالت معروضة في متحف اللوفر بباريس حتى هذا اليوم! كما عانت من مطامع الاستعمار، وتحالف ثماني دول عام 1900 تسبب بنتائج كارثية في تلك المرحلة التي أُطلق عليها (قرن الإذلال).
ولكن الصين قرَّرت ألا تطرق رأسها ثانية لأي عدو بالتكاتف والتسلح بالعلم والقضاء على الفقر. رؤية بدأها القائد (ماو) الذي أسس بجهوده جمهورية الصين عام 1949 ووحَّد صفوف شعبها، وتوالى القادة بعده بالاستمرار في الإصلاحات الاقتصادية وتقليص الفجوات الاجتماعية، حتى وصل الحكم للرئيس الحالي شي جين بيينغ عام 2013، الذي أطلق نموذج التحديث الصيني وحقق للصين نهضة اقتصادية، عسكرية، تقنية.
بلد عانى من قسوة الحروب، وتذوّق بعدها طعم الأمن والاستقرار والرخاء، وانشغل ببناء نفسه، من الصعب أن تستدرجه لساحة المعركة من جديد! هي لم تعد بلد العالم الثالث بتلك القوة الاقتصادية وتطور البنية التحتية.
الصين تعرف أنها قوية ومكتفيه بذاتها ورغم ذلك ترحب بتبادل المنفعة.. تستطيع أن تعيش معتمدة على منتجاتها وصناعاتها، لكنها فتحت بابها للاستثمارات الأجنبية.. تَعْلم أنها الطرف الرابح بتواضع، ولكن إياك أن تنظر لها نظرة دونية!
فأنت بذلك لا تستفز الصين.. وإنما تستفز التنين.