عبد العزيز الهدلق
يملك مدرب الهلال وإدارة الفريق كل البيانات والمعلومات والإحصاءات التفصيلية لما بذله لاعبو الفريق من جهد الموسم الماضي، والذي كان قياسياً، في نتائجه، وعدد نقاطه وأهدافه وانتصاراته، وبطولاته، ودقائق مشاركات اللاعبين، وقياسات الجهد البدني والحركي والسرعات للاعبين، ومعدلات استنفاد الطاقة، واستجابة العضلات، وأنواع الإصابات وفترات الاستشفاء. وبالتالي يستطيع المدرب، ومعه صاحب القرار في الإدارة أن يضعوا خطتهم للموسم الجديد بناءً على تلك المعلومات، وأن يحددوا إن كان هؤلاء اللاعبون قادرين على العطاء للموسم الآخر بنفس الوتيرة، أم لا!
وقد كان واضحاً أن لاعبي الهلال جميعاً لا يملكون القدرة على المواصلة بنفس العطاء والجهد والتركيز، قياساً بالجهد الخارق الذي قدموه طوال موسم كامل، وخصوصاً أن الأعمدة الرئيسية منهم لم يتمتعوا بفترة راحة كافية بين الموسمين لارتباطهم بمشاركات دولية مع المنتخبات. وهذا ما زاد من الأحمال البدنية عليهم. وفي ظل هذه الظروف كان من الواجب اتخاذ قرار بدعم الفريق بعناصر أجنبية جديدة تقاسم اللاعبين تحمّل الأعباء والأحمال، وتشاطرهم بذل الجهود، وتسهم في رفع الأداء الفني. وكان منتظراً أن يكون لنيمار دور في ذلك، ولكن سارت الأمور في اتجاه معاكس، وغادر الفريق بعد شفائه من الإصابة، ليأتي دور الإدارة في إيجاد البديل، خلال فترة الانتقالات الشتوية. ولكنها كانت تغط في سبات عميق.
وما إن بدأ الموسم الجديد حتى تساقط اللاعبون بالإصابات العضلية، وغابوا لفترات مختلفة، ووصل غياب هداف الفريق ميتروفيتش إلى ثلاثة أشهر. وتراجعت مستويات مالكوم وسافيتش، وهذا الأخير أصبح يؤدي بنصف مجهوده لانخفاض مستوى طاقته البدنية، وأصبح غير قادر على إكمال مباراة واحدة بدون رباط طبي ضاغط على فخذه!
والإدارة الرياضية التي تعمل باحترافية وكفاءة عالية يكون لديها باستمرار خطط بديلة تُسمى (Plan B)، تكون جاهزة للتطبيق عند أي ظرف طبيعي أو طارئ. ولكن من الواضح أن الإدارة الهلالية لا يوجد لديها أي خطط أو أفكار من هذا النوع! فالأمور تسير بالبركة.
ففي الموسم الماضي وبعد إصابة نيمار بالأربطة انتظر الجميع فترة الانتقالات لاستقطاب لاعب بديل في مركزه، ولغياب فكر الأولويات لدى صاحب القرار تفاجأ غير الهلاليين قبل الهلاليين أن الاستقطاب اتجه نحو الظهير الأيسر وتم إحضار لودي! رغم وفرة اللاعبين المحليين في هذا المركز الذي لم يكن يشكل أي أزمة في الفريق.
وانتهت فترة انتقالات وجاءت فترة، ثم أخرى والإدارة لا ترى أن الفريق بحاجة لدعم بأي عنصر أجنبي جديد، رغم الحاجة الماسة إلى لاعب وسط (مركز 10) يساعد اللاعبين ويتحمّل أعباء صناعة الهجمات.
وبعد غياب الهداف ميتروفيتش وانخفاض مستوى وأداء وجهد الثنائي مالكوم وسافيتش انخفض مستوى الفريق كاملاً، وأصبح بمقدور فرق كالخليج وضمك والرياض والقادسية والاتفاق أن تجاري الهلال حامل كل ألقاب الموسم الماضي وتتفوَّق عليه وتنتزع النقاط منه بالقوة. وتراجع الفريق من الصدارة إلى مركز ثان ويكاد أن يفقده.
والفريق اليوم مقبل على الأدوار الإقصائية في بطولة النخبة الآسيوية لأبطال الدوري التي ستُقام في جدة. والتي سيدخلها الهلال بخطوات مرتبكة، نظراً لغياب فكر التخطيط الإستراتيجي لدى الإدارة.
ولو عدنا لما قبل بداية الموسم وشاهدنا كيف استعدت الأندية الكبرى للموسم، لرأينا الاتحاد يستقطب سبعة لاعبين أجانب جدد دفعة واحدة، خلال فترة الانتقالات الصيفية، خلاف من استقطبهم وأعارهم لأندية أخرى، والنصر استقطب أربعة عناصر جديدة، ثلاثة في الصيفية، وعنصر واحد في الشتوية، والأهلي استقطب عنصرين مؤثرين جداً إيفان توني وجالينو. فيما اكتفى الهلال بعنصرين مواليد فقط، وجاء كانسلو بديلاً عن سعود عبدالحميد، فلم يكن عنصر إضافة على المجموعة، بل بديل لغائب مميز تم إخراجه عنوة من الفريق.
وطبيعي أن يكون لهذه الاستقطابات دور كبير في مسيرة هذه الفرق في الموسم. فالاتحاد صاحب النصيب الأوفر من الدعم يتصدر حالياً الدوري، وتأهل لنهائي كأس الملك، والنصر وضعه الفني جيد، وهو مرشح أول لبطولة النخبة الآسيوية، والأهلي تحسَّن كثيراً عمَّا كان عليه الموسم الماضي، وهو من أقوى المرشحين لتحقيق بطولة النخبة الآسيوية مع النصر، وهو الفريق الآسيوي الوحيد الذي سيشارك في الأدوار النهائية لبطولة النخبة بفريق مكون من (11) لاعباً أجنبياً. وقد أحسنت إدارته التخطيط، حيث تعاملت مع الأنظمة بذكاء، وركزت على البطولة الآسيوية بشكل متميز.
فهل بعد جهود هذه الأندية يمكن أن يكون للهلال موقع في المنافسة؟!
وإذا كانت هذه الأندية حظيت بتعامل خاص من برنامج الاستقطاب وحققت لها طلباتها، فيما لم تتحقق مطالب الهلال، فإن إدارة الهلال كان يمكن لها أن تتحرك ولا تقف مكتوفة الأيدي، فكان واجباً عليها أن تدعم فريقها بجهودها الذاتية ومداخيل النادي المليارية. وخصوصاً أن العناصر المطلوبة محدودة جداً ولا تزيد عن عنصر واحد فقط في منتصف الملعب. ولو حدث هذا لكان وضع الهلال اليوم مختلفاً تماماً، ولكان هو المرشح الأول بلا منازع للفوز ببطولة النخبة الآسيوية.
وخلاصة ما تقدم فإن إدارة الهلال مسؤولة مسؤولية تامة وكاملة عن وضع فريقها الكروي الحالي، وما وصل إليه من حالة متردية. فهي التي لم تخطط بشكل جيد للموسم، ولم تدعم الفريق بعناصر أجنبية مؤثِّرة كان بأمس الحاجة لها، ولا يمكن أن ترمي بالمسؤولية على أي طرف أو جهة. فهي التي قصَّرت وعليها تحمّل مسؤولية تقصيرها.
زوايا
** إدارة الهلال نالت الموسم الماضي من الثناء والتمجيد ما لا يمكن وصفه بعد النجاح الكبير، لذلك فعليها هذا الموسم أن تتقبل النقد، فليس من المقبول أن تنتظر الثناء حتى إذا أخفقت! أو ترفض النقد إذا أساءت العمل.
** مقولة إن الهلال تم إضعافه والمنافسين تمت تقويتهم حقيقة واضحة لكل متابع لا جدال فيها، ومع ذلك كان الهلال قادراً على مواجهة هذا الوضع بقوته الذاتية، وليس بالاستسلام كما فعلت الإدارة.
** الأزمات تكون محكاً لكفاءة الإدارة في أي ناد، فهناك إدارات تصنع عملاً مميزاً في الظروف العادية، ولكن ما إن تواجهها أزمة حتى تغرق، وتتعطّل قدراتها عن التفكير السليم.
** أمام الاتفاق عاد خيسوس لطريقة المدافعين الثلاثة التي سبق أن جربها في عدة مباريات وأثبتت فشلها ومع ذلك يكررها، ولم يستطع الهلال قلب ميزان التفوق في المباراة إلا بعد التخلي عن هذه الطريقة العقيمة بإخراج كوليبالي والدفع بالشهراني.
** المستوى الذي قدمه الهلال في الشوط الثاني أمام الاتفاق والذي جعل خبيراً مثل الكابتن سامي الجابر يرجح حظوظ الفريق للفوز ببطولة النخبة الآسيوية يؤكد أن الرهان الهلالي في البطولة سيكون على اللاعبين، فالفريق قدم كل شيء في كرة القدم لكنه افتقد حسن النهاية لعدم استرجاع ميتروفيتش حساسية التهديف بعد العودة من الغياب الطويل.
** أساليب نفي خيسوس لمفاوضاته مع المنتخب البرازيلي ما زالت في منطقة رمادية! فهو لم ينف بشكل قاطع وحاسم، ولكنه يقول لا يوجد شيء حالياً! وهذه الأساليب يجب أن تضع لها إدارة الهلال حداً.
** في هذه المرحلة بالذات يجب استمرار إدارة ابن نافل، واستمرار خيسوس، حرصاً على هدوء الأوضاع، فحالة الفريق قابلة للانفراج، والتحسّن، والرهان على روح اللاعبين وعطائهم وإصرارهم، أما رحيل الإدارة والمدرب حالياً أو أحدهما فهو كارثي إن حدث.
** يبدو أن إضعاف الهلال وتقوية منافسيه لم يكن كافياً لتفوقهم، فالصافرة غيَّرت كثيراً من النتائج ومنحتهم انتصارات ونقاطاً غير مستحقة، غيَّرت مسار المنافسة.