أحمد آدم
ورفضت مصر والأردن وبشكل قاطع فكرة تهجير الفلسطينيين بينما يقول ترامب وأنصاره إنه يقدم فكرة جديدة وقوية في محيط فشلت فيه المبادرات والخطط على مدى عشرات السنين. هذا الرفض المصرى الاردنى قد يقابله ترامب بمنع أو تخفيض المعونات الامريكية الاقتصادية والعسكرية المقدمة لمصر لأنه كان قد سبق له قطع المعونة على الأردن، ولكن المعونة الامريكية لمصر بمبالغ أصبحت حاليا لا تشكل ضغطا مؤثرا فالمعونات الامريكية لمصر لا تتخطى حاجز الاثنين مليار دولار.
ماذا يريد ترامب من الفوضى التي أحدثها بمنطقة الصراع العربى الاسرائيلى هل يرغب في تأمين اسرائيل كليا، وكذا التحكم التام في كل ما يدخل قطاع غزة أو يخرج منها بالإشراف على المعابر المؤدية لقطاع غزة وكذا الاشراف على تأمين الحدود بين مصر والقطاع من داخل الأراضي المصرية ليمنع تسرب الوقود والمواد الغذائية وخلافه من مصر للقطاع فيحدث التحكم الكامل في قطاع غزة هذا ما ستجيب عنه الأيام القادمة.
أما بخصوص الحرب بين روسيا وأوكرانيا فقد أحدث فيها ترامب تغييراً استراتيجياً كبيراً ودخل في خلاف مع الحليف الأوكراني.
ويرى ترامب أن الحرب ما كان يجب أن تندلع وأنها يجب أن تتوقف الآن ولا يبدو بذلك أن صيغة إنهاء الحرب ترضى أوكرانيا أو حلفاء أمريكا الأوربيين ومع ذلك فإن ترامب مستمر في طريقه ويضغط بكل قوته على الجانب الأوكراني فقد أعلن على إيقاف الدعم الأمريكي لأوكرانيا وبدون ذلك الدعم سوف يصبح من الصعب على أوكرانيا أن تحارب خصمها الأكبر. كما اتفقت إدارته مع روسيا على إعادة العلاقات وإحياء التعاون الثنائي وذلك في اجتماع بين وزيري خارجية البلدين استضافته السعودية في مبادرة دبلوماسية كبيرة وتعتبر بمثابة إعلان لزعامة السعودية للمنطقة العربية. ويؤمن ترامب بأن روسيا قوة عالمية كبيرة وبأن استمرار الحرب بهذه الطريقة يضع السلام العالمي في خطر وهذا معاكس تماماً لمبدأ بايدن الذى كان متعهدا بدعم أوكرانيا باستمرار وبعدم التنازل لروسيا وعدم السماح لها باحتلال الأراضي الأوكرانية.
يرغب ترامب في أن تنخفض المساعدات الأمريكية العسكرية وبشكل كبير فقد قام وزير دفاع ترامب باستقطاعات من ميزانية الدفاع التي تعتبر الأكبر في العالم وتنفق أمريكا ترليون دولار تقريبا سنويا وقد أصدر وزير دفاع ترامب في بادرة لم تكن متوقعة أوامر بإجراء مراجعة تهدف إلى خفض الإنفاق العسكري تدريجيا على مدى السنوات المقبلة كما لم يستبعد ترامب وجود هدر كبير في وزارة الدفاع قد يكشفه إيلون ماسك كما ذكر.
فرض ترامب رسوما جمركية على الصين بنسبة 125 % بالإضافة إلى الرسوم التي كانت تفرض على واردات أمريكا من الصين.
وعلى الرغم من ادراك ترامب أن فرض هذه الرسوم على الصين سيعمل على اتجاه الصين لمزيد من الشراكة الاقتصادية مع دول صاعدة اقتصاديا ممكن ان تزيد من قدرات الصين الاقتصادية الا أنه عازم على عدم التراجع والمضي في فرض رسوم أخرى جديدة على واردات امريكا وهو ما أحدث ضجة كبيرة في مختلف دول العالم. وهناك احتمالات كبيرة بتحول بضائع صينية كانت ستتوجه لأمريكا إلى المنطقة العربية وبصفة خاصة للدول الخليجية، كما سيتحول جزء من البضائع الصينية المتجهة لأمريكا إلى الاتحاد الأوروبي وكذا تركيا. وهي بضائع ذات جودة مرتفعة قد تؤثر سلباً على صادراتنا لهذه الدول. لأن الصين هي أهم شريك تجارى للاتحاد الأوروبي وكذا هي أهم شريك تجارى لدول الخليج كما تعد الصين حاليا ثالث أكبر شريك تجاري لتركيا.
والمحصلة أن صادراتنا للاتحاد الأوروبي وأمريكا وتركيا والإمارات والسعودية تبلغ 62.3 % من إجمالي الصادرات ستتأثر لا محالة من قرارات ترامب بزيادة الرسوم الجمركية على الصين.
ويريد ترامب من سياسة فرض رسوم وبشكل تصاعدي على واردات أمريكا من الصين وكذا على صناعات بعينها مثل صناعة الحديد والصلب والسيارات أن تستعيد الشركات الأمريكية سيطرتها على السوق الداخلية. فقد شهد السوق الأمريكي تغيرات كبيرة فقد فقدت الشركات الأمريكية سيطرتها الكاملة على السوق الداخلية وتواجه الشركات الأمريكية منافسة متزايدة من الشركات الأجنبية منذ عدة عقود.
ففي فترة الستينيات والسبعينيات بدأت الشركات اليابانية والأوروبية وخاصة في صناعة السيارات في اكتساب حصة سوقية في الولايات المتحدة كانت الشركات اليابانية مثل: تويوتا وهوندا تقدم سيارات أصغر وأكثر كفاءة في استهلاك الوقود مما جذب المستهلكين الأمريكيين الذين يبحثون عن بدائل للسيارات الأمريكية الكبيرة كما بدأت الشركات الأوروبية مثل فولكس فاجن في تقديم سيارات عالية الجودة بتصميمات مميزة.
كما شهدت فترة الثمانينيات والتسعينيات استمرار المنافسة الأجنبية في النمو وتوسعت لتشمل صناعات أخرى مثل الإلكترونيات والأجهزة المنزلية وبدأت الشركات الكورية الجنوبية مثل سامسونج وإل جي في دخول السوق الأمريكية بقوة وتقديم منتجات تنافسية من حيث الجودة وشهدت بعض الصناعات الأمريكية تراجعا كبيرا مثل صناعة الصلب والمنسوجات نتيجة للمنافسة الشديدة من الشركات الأجنبية.
أما خلال القرن الحالي والذى شهد صعودا كبيرا للصين كقوة اقتصادية أصبحت الشركات الصينية منافسا قويا في العديد من الصناعات بما في ذلك الإلكترونيات والصلب والمنسوجات وواجهت الشركات الأمريكية تحديات جديدة مثل التغيرات التكنولوجية السريعة، وظهور نماذج أعمال جديدة تعتمد على الإنترنت والتجارة الإلكترونية ففقدت الشركات الأمريكية سيطرتها على قطاعات مثل الإلكترونيات الاستهلاكية وأجهزة الكمبيوتر أمام الشركات الآسيوية.
ثانيا: قرارات وتصريحات
تناولت قضايا داخلية
وقع ترامب على أوامر تعلن الهجرة غير الشرعية على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك حالة طوارئ وطنية وتصنف العصابات الإجرامية منظمات إرهابية وتستهدف الجنسية التلقائية للأطفال المولودين في الولايات المتحدة لمهاجرين غير شرعيين وسيعلق أمر ترامب الذي يتعامل مع إعادة توطين اللاجئين في الولايات المتحدة البرنامج لمدة أربعة أشهر على الأقل وسيأمر بمراجعة الأمن لمعرفة ما إذا كان المسافرون من دول معينة يجب أن يخضعوا لحظر السفر وجاء في الأمر أن الولايات المتحدة تفتقر إلى القدرة على استيعاب أعداد كبيرة من المهاجرين، كما ألغى الرئيس الأمريكي قرار رفع كوبا من قائمة الدول الراعية للإرهاب الذي كان سلفه جو بايدن قد أعلن عنه قبل أيام في إطار تشجيع مبادرة للكنيسة الكاثوليكية للإفراج عن عدد كبير من السجناء السياسيين الكوبيين.
وتختلف هنا استراتيجية ترامب في إحداث الفوضى الخلاقة في قراراته التي تتعلق بالخارج عنها في الداخل الأمريكي فهو يرغب في أن يحوذ على ثقة المواطن الأمريكي حتى يتمكن من تنفيذ إستراتيجيته وبشكل سريع، كما يرغب ترامب في فرض الأمن وأن يشعر المواطن الأمريكي بالأمان، ويعتمد ترامب على نجاح مبادرات خفض الإنفاق الحكومي وعلى جذب الاستثمارات الخارجية خصوصاً من السعودية التي تتجه إلى توسيع علاقاتها الاقتصادية مع أمريكا كما سيسعى ترامب على الأرجح إلى طلب مساعدة السعودية في خفض أسعار النفط العالمية؛ لأن ذلك سيؤدي إلى خفض أسعار الوقود داخل أمريكا وهو أمر يخفف الضغط على باقي الأسعار داخل أمريكا، ويؤدي إلى رضا المواطن الأمريكي مما يعطيه أريحية هو وإدارته في تنفيذ إستراتيجيتة الخارجية والداخلية.