شروق سعد العبدان
يبدو أن المخيلة تعرف الأمكنة..
فأنت عندما تغادر مكانك الذي تحتويني به أشعر بوحشة الشعور وغربة الوقت.
وقتما تعود تلبسني الطمأنينة.. عجيب هذا القلب..
رغم بعد المسافة بيننا إلا أنه يخيل له أن كل الأماكن التي تكون بها معه هي مكانه..
أشياء لم يخلق الله لها من علم ولا مفهوم.
نجهلها حتى لو اجتهدنا على معرفتها.
تبقى سراً نقف أمامها في حيرة من أمرنا..
والحب الذي نشعر به تجاه أحدهم من أسرار العلم الذي لم نعلمه حتى الآن.. فهو أمر لا شرط له ولا ومسببات. شيء عظيم يقع في منتصفك إلى أن يشُل أركانك ويتحكم بك.
وأنت الذي كنت تعتقد بأن لا شيء يستطيع أن ينالك.
لكن الأمر أكبر من كونه صُدفة.
لأنه شيء قد خُلق بك ومعك. يستمر حتى وأنت لا تريد..
يُذكر بأن شمس الدين التبريزي اعتكف مع تلميذه جلال الدين الرومي أربعين ليلة ليضع قواعد العشق الأربعين وكان آخر ما كتب..
«يمكن لأي شخص أن يختارك في توهجك؛ لكنني سأختارك حتى حين تنطفئ، وتأكد بأني وأن رأيت النور في غيرك سأختار عتمتك».
ولم تكُ هذه القاعدة محض فكرة، بل كانت من شيء قد مر به بلا شك.. فالجاهل بالشيء لا يكتب قواعده..
فمن عمق هذه المقولة تعرف بأن الانطفاء هو مؤشر البقاء..
فلن يكون شخص على توهج واحد مهما اجتهد.
لكنه سيعود له وقتما يرى الذي يشعله حينها.
فما الذي يجعلنا نظل في عتمة أحدهم ونحن نبحث عن النور سوى الحب..
فمن نال من هذا الجانب جانباً في حياته.
يجعله سارحاً في ملكوت الخيالات ومرتبطاً بالمسافات ومتأثراً بالكلمات.
يُساق مع الذكريات ويبكي من ما هو فات..
فليعلم بأن العمُر أخضر..
زهر يملؤه وسُكر. وبأنّ الله أكبر
قد أوجد الحُب وقدّر..