علي حسين (السعلي)
أدب الخيال: فن يقوم بالأساس على الخيال الواسع والأساطير والخرافات ذات الشعبية الواسعة لدى الجمهور، والتي تتمتع بجاذبية قوية بسبب قدرتها على أخذ القرّاء أو المشاهدين في رحلة جميلة في فضاء الخيال، والأساطير التي طالما سمع بها على مدار التاريخ، ويتميز هذا النوع من الفن بقدرته على التشويق والإثارة القائمين على الغموض، ويعتبر أبو عمر مصطفى من أبرز رواد هذا النوع من الأدب في العالم العربي.
طبعا هناك ما يسمى أدب اليوتوبيا المدينة الفاضلة والتي تشتق من تعريفات أفلاطون وعكسها ديستوبيا، وهذا الفن العجيب وحين أقول عجيبا لقدرته على خلق الدهشة وإثارة العجب فهو بين مُعْجِب ومُعْجَب فمهما بلغ الكاتب من إبداع يبقى أسير فطرته في خلق عوالم يصنعها هو وطريقة يسيرعليها يجملها ويضع حدودا لها لا يتقنها إلا هو.
فمثلا يعرف متى يقف ويتمادى بكتابة غرائبه وكم حجمها متى ما أراد أو شاء وأين يذهب لأقصى مدى حتى يصل لنقطة ممتدة بين سطرين والحروف تمشي عليها ببطء وقد تتسارع تلهّفا دون أن تقع بينهما أو تقف من السطرين هكذا هو كاتب ومبدع إن شئتم الأدب العجائبي أو العالم السحري في ادخال دمية وعندما أقول دمية أعنيها فالدمية مجرد جسمٍ بأيد ورجلين ورأس ووجه، ربما بلا ملامح لكن الكاتب أراد إدخالها هنا ليخلق بفنه السحري تلك الدمية أن تتحرّك وتتفاعل وتشعر بروح كاتبها أى لنقل براويها العليم هذا هو كاتب الأدب العجائبي والسحري خاصة فلا ضابط له حين أراد كتابة نص أدبي بشكله التفاصيلي هو يعمد بذكاء إلى جر إن جاز لي استعمال هذه الكلمة في جر القارئ لعالمه الخاص في الكتابة برضاه يمضي قراءة صفحة تلو صفحة دون أن يشعر لا يملك سوى أن يبتسم مرة يضحك ويندهش يشهق مرات كل تلك الحالات صنعها كاتب الأدب العجائبي بإتقان عجيب ونادر وفريد.
فالأدب عموما هو متعة للكاتب وتسلية في المقام الأول ثم بعد ذلك يصبغها بفنه الجميل بألوان مخاتلة للقارئ وأحيانا خداعة بطرفة السرد، هناك مقالات متخصصة بالبحث في الشيخ قوقل نجد الكثير والكثير من التعريفات السهلة والمعقدة في الأدب العجائبي مثل ما قاله تودروف وما كتبه أبوديب وهكذا، لكن لعلي أكتب من وحي فكري غوصا من تجاربي الخاصة في قراءة هذا النوع من مثل كتاب ألف ليلة وليلة وقصة زيد الهلالي وطبعا كتاب الجاحظ على لسان الحيوانات وهكذا ولكن وقفت كثيرا في كتاب فن المقامة لبديع الزمان الهمذاني ففيه الغريب والعجيب بمعنى لم ولن نستطيع ايجاد تعريف خاص بالأدب العجائبي لكني من خلال مقالتي هذه أقول الأدب العجائبي:
هو: ما بين الخيال والتخييل، ولم ولن أدخل في منافسة طريقة أفلاطون ولا أرسطو في كتاب «في النفس» لكن وجهة نظري تخصني من اطلاعاتي.
الخيال: في الأدب هو تجاوز اطلاق حواس الكاتب إلى عوالم غريبة وعجيب لا يمكن حدوثها واقعا لكن يستسيغها القارئ بذكاء ودهاء من الكاتب يدخل القارئ معه في هذه الحبكة منذ البدء إلى الانتهاء وكأنه كان معه في كل الأحداث والدليل رواية الخوف لدى الكاتب أسامة المسلم، بينما التخييل:
هو إطلاق حواس الكاتب لعالمه الكتابي تخييلا في أشخاص أو أحداث قد تمر على القرّاء من هنا أو هناك فيتلذذ بها الكاتب والقارئ معا في إمكانية حدوثها واقعا كالسفر بين دولتين وتقع أحداث فيهما، ومن ثم يبدع الكاتب في تخييل ذلك كرواية سمراويت لحجي جابر.
سطر وفاصلة
السعليّة
وقفت أمام المرآة متفحّصا ندبة قديمة في عيني اليسرى اقتربت حتى أبصرها وإذ؛ بخيالٍ مرّ خلفي رجعت للوراء ملتفتا عدت للمرآة مندهشا وهذه المرة شاهدت وجها بلا ملامح رأس صغير بآذان كبيرة وشعر مجعّد كالغجر هكذا في لمحة توجّست خيفة انسللت تحت الغطاء ورأسي يشتعل تحت موقد والظلام دامس!
حركة غريبة دخلت وأنا لا حراك مغمض العينين، أصابع تمتدّ من أعلى طرف اللحاف، دقات قلبي تتسارع كطبول الجاز، فتحت عيني اليسرى الآن هو أمامي بالكاد التقطت قداحة بجانبي قفزت كملدوغ فتحت الضوء بسرعة قالت: اسم الله عليك أنا زوجتك يا المخلوق، تمتمت بكلمات هاربا من البيت ومنها.