خالد بن حمد المالك
اختلف الفلسطينيون بين من هو مع حركة حماس ومن هو ضدها في هجومها على الإسرائيليين في السابع من أكتوبر، فبينما اعتبره المؤيِّدون المناصرون لها بأنه انتصار لم يسبق أن واجهت إسرائيل مثله في كل حروبها، اعتبره الطرف غير المؤيِّد لما حدث بأن حماس ورَّطت الفلسطينيين، وأعطت إسرائيل مبرراً لتقوم بحرب إبادة في قطاع غزة وحتى في الضفة الغربية.
* *
بعض المؤيِّدين في بداية الهجوم (الحماسي) تراجعوا عن موقفهم، ورأوا أن المكاسب التي حققتها حركة حماس لم تدم أكثر من بضعة أيام، وتالياً دفع الفلسطينيون ثمناً لا حدود له تمثَّل في قتل قادة حماس والجهاد، وقتل أكثر من خمسين ألفاً من المدنيين، وأكثر من مائة وخمسين ألفاً من الجرحى، عدا آلاف من المفقودين، وتدمير أكثر من 85 % من مباني القطاع، وبدء العد التنازلي لاحتلال غزة والضفة الغربية.
* *
بعض المتمسكين بالدفاع عن حماس، يتساءلون: هل من خيار آخر غير الذي فعلوه، وهل البديل هو أن يتم التسليم بما تريده إسرائيل، وإقفال ملف الدولة الفلسطينية عسكرياً ودبلوماسياً، وترك مستقبل الشعب الفلسطيني للمجهول، خاصة مع تصريحات الرئيس الأمريكي بأن قطاع غزة لم يعد صالحاً لسكن الفلسطينيين، وبالتالي فيجب تهجيرهم إلى مصر والأردن ودول أخرى.
* *
يقول الفلسطينيون المعارضون لتصرف حماس، إن مغامرتهم أعادت القضية الفلسطينية إلى الوراء سنوات طويلة، وجردتها من الفرص التي كانت تتيح العمل للأخذ بخيار الدولتين، بل إن التصرف من جانب حماس زاد من نفوذ وقوة إسرائيل لتحتل أراضي في لبنان وسوريا، وتمهد الطريق لاحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة.
* *
مؤيِّدو حركة حماس يرون أنها تمر الآن بأوضاع سيئة بعد أن فقدت سلاحها وقادتها، وحُوصرت من إسرائيل من كل جانب، ولا يجب أمام هذه النهاية أن نزيد من مآسيها، بما يخدم إسرائيل، دون أن ينكروا أن حماس ورَّطت الفلسطينيين في معركة غير متكافئة مع إسرائيل وبدعم من أمريكا والغرب.
* *
الفلسطينيون المعارضون سئموا من تصرفات حركة حماس بدءاً من هيمتها على قطاع غزة، والانشقاق من الحكومة الفلسطينية الشرعية، وتكرار حروبها غير المتكافئة مع إسرائيل، حتى أن مظاهرات في قطاع غزة نفسها ظهرت تطالب بطرد حماس من القطاع، ومثلها مناشدة حكومة محمود عباس بإيقاف القتال من طرف حماس وإطلاق الرهائن حتى لا تستمر إسرائيل في قتل الأبرياء، وإزالة ما تبقى من المباني في غزة، واصفاً عناصر حماس بأبناء الكلب.
* *
وبين المؤيِّدين والمعارضين، لا شك أن غلبة المعارضين تأتي من النتائج التي انتهت فيها حرب السابع من أكتوبر، والمآسي التي خلفتها، والانتصارات الإسرائيلية المدوِّية، والتغيير الكبير في قواعد الاشتباك مع العدو الإسرائيلي، إذ أصبحت الأجواء مفتوحة ومسرحاً لطيرانه ليضرب دون مقاومة، ويستفز دون رد فعل، والويل لمن يفكر في إطلاق مسيَّرة واحدة، لأن الرد سيكون موجعاً بأضعاف ما تم إطلاقه من صواريخ أو مسيَّرات تسقط في الأراضي الإسرائيلية البيضاء، دون تحقيق أي هدف.
* *
حماس أخطأت، وتعرَّضت لهزيمة كبرى، وما حدث خَلَطَ الأوراق، وغيَّرَ وجه التعامل في مقاومة إسرائيل، فإسرائيل أصبحت اليوم في مأمن، وفي استراحة، وما كان ضمن أجندتها من مخططات استعمارية مؤجلة، أصبحت الآن جاهزة للتنفيذ فقد ساعد حادث السابع من أكتوبر على إنجاز ما استعصى عليها إنجازه منذ احتلالها لجزء من فلسطين في العام 1948م. كل هذا بسبب حماس، وبالتالي فمن تتحمَّل جرائم إسرائيل هي حماس، ولا تُعفى إسرائيل وأمريكا من ذلك.