سلمان بن محمد العُمري
برنامج الفحص الطبي قبل الزواج الذي بدأ تطبيقه بشكل إلزامي قبل عشرين عاماً اكتشف منذ انطلاقته أكثر من 359 ألف حالة من الأمراض الوراثية نتيجة إجراء الفحص الذي توافر في أكثر من 300 مستشفى ومركز للرعاية الصحية الأولية في جميع مناطق المملكة لتقديم خدمات فحص ما قبل الزواج.
وزارة الصحة مشكورة لم تكتف بتشغيل مراكزها، بل أتاحت لمنشآت القطاع الصحي الخاص إجراء الفحص بدون موعد مسبق والحصول على النتائج بسرعة وسهولة، ومن خلال هذه الخدمة تُرسَل بيانات شهادة الزواج إلى أنظمة وزارة العدل إلكترونيًا، وإتاحة إجراء الفحص للطرف الآخر في القطاع الخاص أو الحكومي، إضافةً إلى إصدار شهادة إلكترونية معتمدة من وزارة الصحة فور ظهور النتائج.
برنامج الفحص الطبي قبل الزواج الذي حقق نجاحات كبيرة منذ البدء به، تم التأكيد والتعميم على مأذوني الأنكحة بعدم إجراء أي عقد نكاح إلا بعد أن يتم فحص الزوجَيْن، والكشف عليهما طبيّاً، وتعميد مأذوني الأنكحة بذلك حرصاً على تلافي حدوث الأمراض الوراثية التي يمكن أن تنتج من بعض الزيجات، وغيرها من الأمراض، ولاطلاع الزوجَين على الأعراض المرضية التي يمكن انتقالها لأحدهما، وهو قرار حكيم، يُسجَّل لبلادنا تطبيقه، وهذا الإجراء من باب الأخذ بالأسباب، ولا ينافي -إن شاء الله- مسألة التوكل على الله. وهي أسباب؛ إذ أثبت الطب الحديث -بإذن الله- نسبة تلافي المرض أو وقوعه نتيجة لحالة أحد الزوجين. وفي هذا الإجراء تجنيب وحفظ لحقوق الأولاد الذين سيولَدون لهذين الزوجين، وهو من الطب الوقائي، وكما قيل في الأمثال: «درهم وقاية خير من قنطار علاج».
ومع التثقيف الصحي، وزيادة الوعي في المجتمع، يرى الكثيرون أن برنامج الفحص الطبي الحالي لا يفي بأغلب الأسباب التي من أجلها قام هذا الإجراء؛ فالجمعية السعودية للطب الوراثي سبق وأن دعت إلى إضافة الكشف عن مرض هشاشة العظام لفحص ما قبل الزواج بسبب وجود إنزيم له وظيفة في تكوين العظام، وينتج من ذلك نقص في مادة الفوسفور بالعظام؛ وهو ما يؤدي إلى نوع من الهشاشة وقابلية التكسُّر، كما يطالب البعض بإجراء فحوصات طبية للأمراض النفسية، والمخدرات والمسكرات، وكنت ممن طالب قبل سنوات عدة في مقالات سابقة بضرورة إدراج فحص المخدرات قبل الزواج، وفي دراستي العلمية عن «ظاهرة الطلاق في المجتمع السعودي» أظهرت أن تعاطي المخدرات كان من ضمن الأسباب الرئيسة للتفكك الأسري ووقوع حالات الطلاق في المجتمع.
وإدراج فحص المخدرات لدى المتقدمين للزواج سيسهم -بإذن الله- في حل بعض الإشكالات المستقبلية، ولدى القضاة في المحاكم العامة، ومحاكم الأحوال الشخصية، العديد من الشواهد، والقصص، والمآسي المحزنة.