د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
تساءلنا كثيرا هل يحتاج التعليم إلى نسخة أكثر جرأة!؟ أعتقدُ ذلك! فأتمنى أن يكتب المعلمون بلغة جريئة عن مسيرتهم في التدريس التي أحبوها مع تلاميذهم! ودائما نتساءل هل صمت المعلمين ركيزة مهنية تتلاشى مع نتائج التحصيل أم رِكازٌ ثمين سوف يصنع كنوزا في عقول الطلاب تُستثمر إلى الأبد؟ فالمعلمون لديهم محادثات رسمية وغير رسمية مع المرجعيات التنظيمية وحتما جميعها قد لا تصنع واقعا مميزا للطلاب إذا لم يشترك المعلمون في حياكتها! حيث توجد كثيرٌ من المعطيات المُشاهدة والملحّة لذلك التساؤل! فلو مكثنا غير بعيد واتكأنا على دراسات متأنية مستوعبة عن واقع المعلمين مع طلابهم وحكاياتهم الخالدة تقوم بها فرق متخصصة لغنمنا الكثير وتوصلنا إلى نتيجة رئيسة أن التعليم الحالي يحتاج إلى تطوير حقيقي وعميق ينطلق من بناء علاقة مجزية بين المعلمين وتلاميذهم كأفراد يعلمونهم كيف يكونوا منتجين وسعداء والخلاصة أن الأدوات الحالية ومنهجية التشغيل المدرسي لا يمكن الاتكاء عليها لإحداث النهوض والتغيير المراد لقيادة الاقتصاد والتنمية الوطنية والمجتمعية! فكم يحتاج المعلمون إلى زمن جدير يحمل التطوير المعلن عنه من خلال خطة استباقية ومن خلال نسق تنظيمي تطويري مرتبط بالمواد التدريسية؛ وأشرقتْ خلال ذاك أنباء ترقيات جديدة للمحتوى التعليمي في المقررات التدريسية وزيادة الوزن المعياري لعدد الحصص في بعض المواد؛ فحضر خطاب الرياضيات وتربع خطاب العلوم وتهادى خطاب اللغة الإنجليزية ومهارات الحياة؛ وتصدرتْ العقول اهتمام القيادة؛ فالأجيال ناقلة للمعرفة ولكنها لا تصنعها وصناعة المعرفة مستهدف رئيس! والمعرفة محركها الأول المعلمون! ومن خلال ما استعرضناه فإنَّ وقار التعليم هو المعلم الكفؤ المتميز الذي يتجه إلى تصحيح حياة المدارس، فمن مفاتيح التطبيق الصحيح لمفردات الثورة التعليمية الجديدة التركيز على الميسرين في التعليم وهم المعلمون وتحدي قناعاتهم الثابتة حول جملة من القضايا العالقة منذ الأزل مما قلّ منه أو كثر، وهي حتما شحنات تستنزف الجهد وما تلبث أن تتلاشى ويبقى المحتوى المعرفي لم يحظ بود!
وكفاءة التشغيل حتما لا تعني أولياء الأمور وما يعنيهم هو مخرجات التشغيل في معارف الطلاب وسلوكهم! والتعليم قوة لا حدود لها وتلك القوة تكمن في غزارة المعرفة ومن ثمّ إدارة أحوال مؤسساتها بقوة من خلال تشريعات عليا لا تكون ندا للمعرفة فتصرف الاهتمام عنها وعند ذاك يكون الثناء على الطلاب للعمل الجاد والتركيز على الاستراتيجيات المتبعة للقيام بعمل يسفر عن عقلية نامية قابلة لمواجهة التحديات وأن يمس التغيير وعي الطلاب وحسهم وفكرهم تجاه الحياة. وأن تكون عمليات بناء المهارات ليست تجميعية بل تصنع للطلاب مزيجا من التلاؤم مع كونهم مواطنين مسئولين في مجتمعاتهم وأوطانهم ودوائرهم الأسرية لينقلهم التعليم إلى مفاهيم دقيقة وعميقة تسندهم في التعامل مع أعماق الأشكال التي تستولد منها أغراض حياتهم وطموحاتهم؛ ولتحقيق ذلك لابد من فهم الصورة الكلية الكبيرة ومعرفة ما يحقق النسخ الجديدة للتطوير الشامل؛ ودون ذلك الفهم النظري يكون مستحيلا إجراء أي توقعات موثوقة، ووضع خطط تتمتع بفرص كبيرة للاستمرار فلم يعد اكتساب المعرفة أولوية بقدر اختراع تلك المعرفة! والالتفات للمدرسة كمحضن للعقول يجب التركيز فيه على التلاميذ وأن نمنح المعلمين مفاتيح الأبواب المغلقة ليمنحوها بدورهم للطلاب؛ وبما أن التعريف العميق للتعليم [أنه التفاعل المعرفي بين ملقي وهو المعلم ومتلقي وهو الطالب] فأرى أن ينصب التركيز «التطويري على هذين القطبين الأساسيين وما بينهما من محتوى معرفي غزير فالمدارس تستنبت العلماء والمفكرين» وأجزم أن استراتيجيات التنفيذ حظيت باهتمام الوزارة يتصدرها إعداد الناقل التربوي المتميز «المعلم» وهذا القطب يلزمه مراجعة خطط الإعداد المعرفي والتطبيقي في الكليات التربوية، فالتدريب أثناء الخدمة يصقل المعرفة ولكنه حتما لا يوجدها! كما أن واقع تدريب المعلمين أثناء الخدمة لم يسفر عن نتاج ولا نتائج مشجعة إلا لُماما..
ومن مراقي تنفيذ استراتيجية الثورة التعليمية الجديدة رعاية التقويم والاختبارات التحصيلية التقييمية منذ ولادتها والتقويم التحصيلي شأن مهم جدا تعددتْ مرجعياته فتوارى من سوء ما أحاطه!؟ والتقويم الصحيح يولد الاقناع الوطني بأننا نحقق تقدما! ولذلك نتمنى أن يكون الاعتماد المدرسي المبني على التقويم الصحيح قاعدة تأسيسية لتعزيز الثقة في العملية التعليمية والعاملين عليها، وترقية مخرجات الطلاب، ولعل وزارة التعليم تتوقف كثيرا لتعالج خلل التقويم بشكل كلي وكامل وألا تدخل التعديلات المجزأة فقط باسم التطوير ولتعدد مرجعيات القرار في شأن التقويم التعليمي وحتى يرتفع مستوى التنسيق والمشاركة هل نرى «مركز التعليم» كجهة تنظيمية ليعلم كل أناس مشربهم من خلاله.. وختاما فإن الثورة التعليمية الجديدة منهج لافت حديث في الترقي سوف يكون حصادها نضرا بإذن الله إذا ما أُحسن إليها!