عبدالعزيز صالح الصالح
الله سبحانه وتعالى وهب الإنسان مخا عظيما يُميز به عن سائر المخلوقات الموجودة على سطح الكرة الأرضيَّة، فقد أكرمه الله تعالى عن باقي المخلوقات، فهو يفيض بالمشاعر والأحاسيس، حيث يتحكم المخ البشري في السّلوك، والتَّصرفات، والعواطف الإنسانيَّة، والغرائز. فقد تمكن العلماء بعد الله أن هناك أجزاء من مخ الإنسان مسؤولة عن أبجديات المشاعر والسّلوك، وقد خرجت التَّجارب الَّتي أجريت على كافَّة الحيوانات وعلى الإنسان تثبيط مشاعر الحب والإرادة والغضب والكراهية والخوف والجوع والجنس والعدوان والفرح والسَّرور، فهذه الأمور سابقة الذكر من أساسيات المشاعر غير المكتسبة، فهي تنتقل من الآباء إلى الأبناء عن طريق الوراثة فهي تحافظ على بقاء المرء، فالكل يحافظ على الحياة. والجنس يحافظ على النوع، وبقية الدَّوافع تساعد الإنسان على النِّضال من أجل المحافظة على النفس وتجنب المخاطر، فإن كبت هذه الدوافع تؤثِّر على المخ والجسم، وقد أثبتت التجارب التي أجريت على الإنسان أن المخ يملك مراكز السرور والعقاب، وأن «الهيبوثلاموس» هو المكان المسؤول عن الانفعالات، وأن جهاز المشاعر في الإنسان عبارة عن دائرة تسمَّى (ليمبيك سيستم) ويعتبر «الهيبوثلاموس» أهم الأجزاء المباشرة التي تؤثر على النبضات العصبية وتأثيرها غير المباشر على الغدد التي تفرز الهرمونات، وهذه الهرمونات تؤثِّر على السلوك، وهناك بعض الروائح تثير الإنسان وخاصَّة رائحة اللحوم المشوية ورائحة العطور التي تضعها النِّساء، وهناك أدلَّة على ذلك أن روائح جسم الإنسان تسمَّى (فرمون) تؤثر على النشاط الجنسي عند الإنسان كما تفعل بالضبط عند الحيوانات، فإن مراكز الفطرة تستجيب استجابات سلوكية مناسبة للدوافع الفطرية حتى ترضي حاجة المرء، فالإنسان يستجيب لدافع الجوع بأن يسعى جاهداً للحصول على الطعام، وكذلك يستجيب لدافع الجنس بأن يسعى إلى الزواج. وقد تعلم المرء كيف يستجيب لهذه الدوافع الفطرية وهو يستطيع أن يكيفها ويحولها إلى طرق أخرى، أما الحيوانات بشكل عام فهي تتصرف بطريقة أتوماتيكية للحصول على الطعام أو القتال أو المغازلة. فقد قام مجموعة من الباحثين بزراعة أسلاك كهربائية فوق «الهيبوثلاموس» لمخ قطة جائعة ثم قدموا الطعام للقطة، فأكلت القطة، بعد ذلك قاموا بتنبيه مع القطة عن طريق الأسلاك الكهربائية، فلاحظوا أن القطة توقفت عن الأكل، كما لو كانت تعاف الطعام وعند إعادة التجربةقامت القطة بتجنب الطعام بالرغم من شعورها بالجوع. وقد استنتج الباحثون أن الأعصاب التي تنبهت بالتيار الكهربائي أثارت شعور (العقاب) عند القطة، لهذا تجنبت القطة الطعام، بل اشمأزت منه، وقد أوضحت الأبحاث أن مركز السرور في المخ يوجد في «الهيبوثلاموس». وقد حدد الباحثون الخلايا العصبية المسؤولة عن السرور في «الهيبوثلاموس» ووجدوا أنها عبارة عن حزمة من الخلايا العصبية، ووجدوا أن داخل هذه الحزمة خلايا مسؤولة عن الدوافع الأخرى مثل الجوع والغضب والمشاعر الأخرى، لأن السرور يعمل على تقويم بقية الدوافع الأخرى مما تؤكد على بقاء الإنسان، وفي إحدى التجارب التي أجريت على الفئران وجد الباحثون أن تنبيه «الهيبوثلاموس» مما يجعل الفأر مسروراً وكأنه حصل على جائزة، وعندما أعطوا الفأر فرصة ثانية عن طريق الاسلاك الكهربائية المتصلة «بالهيبوثلاموس»، وجدوا أن الفأر نبه نفسه حوالي خمسة آلاف مرة في الساعة حتى يشعر بالسرور، على الرغم من توفر الطعام والجنس إلا أن الفار فضل تنبيه نفسه للحصول على الشعور السار، حيث يعتبر «الهيبوثلاموس» مركز الانفعالات والمشاعر في الإنسان، وله دور مباشر في السلوك الاساسي، إلى جانب الهرمونات الجنسيَّة التي تفرز الخصيتان والمبيضان لكل من الرجل والمرأة، والهرمونات التي تفرزها الغدة الدرقية داخل جسم الإنسان لأنها مهمة لنمو الجسم كما أن هرمون الإنسولين الذي يفرزه البنكرياس يحفظ المعدل الطبيعي للجلوكوز في الدم ومعظم غدد الجسم تأخذ أوامرها من الهرمونات التي تفرزها الغدة النخامية المتصلة بحزمة من الألياف العصبية «بالهيبوثلاموس» التي تنفذ أوامر المخ حتى تتمكن من السيطرة على جسم المرء حيث إن المخ يسيطر على السلوك حالة التوتر العصبي عن طريق التعاون الوثيق بين الهرمونات والأعصاب - حيث تظهر براعة التنسيق والتعاون بين المخ والهرمونات في السلوك الجنسي، وقد ظهرت هذه المعلومات بعد سلسلة من التجارب التي أجريت على القطط والفئران والتي ألقت الضوء على تطور السلوك، كما أنها أعطت مفاهيم خطيرة بالنسبة للإنسان مما اتضح دور الهرمونات في تحديد سلوك الإنسان، وأن عدم التوازن الهرموني يمكن أن يؤدي إلى حالات الشذوذ الجنسي، كما أن حقن الهرمونات الذكرية يعيد الرغبة الجنسية القوية عند الرجال المسنين.