م. سطام بن عبدالله آل سعد
حين يقرّر الهلال أن يكتب فصلاً جديدًا في كتاب المجد الآسيوي، فإنه يفعل ذلك بطريقته الخاصة؛ انتصارات ساحرة، وعروض فنية راقية، واحتفالات تليق بزعيم القارة. فقد كانت سباعيته النظيفة في مرمى «غوانغجو» الكوري، إعلانًا مدوياً أن الهلال حضر ليصنع أرقاماً جديدة.
ومع ذلك، وسط هذا الاحتفال، هناك حقيقة لا يجب تجاهلها؛ فالفريق الكوري بدا شبحاً باهتاً لا يقوى على المقاومة، فهو أقرب إلى فرق وسط الترتيب منه إلى فرق النخبة. هذا التفاوت لا يقلّل من قيمة الفوز، لكنه يرفع راية تحذير مبكرة؛ فبين طيات الانتصارات الجميلة قد تختبئ عيوب لا تظهر إلا أمام خصم يملك أنيابًا حقيقية. فالخطر لا يكمن في ضعف المنافس فقط، بل في الغفلة التي تتسلل إلى العقول المنتشية؛ إذ إن الرقص على جثة الخاسر قد يكون مشهداً مبهراً، لكنه لا يحقق بطولة، ولا يكشف صلابة الفريق أمام الخصوم الأقوياء.
نصف النهائي المقبل هو الاختبار الفاصل؛ حيث تنتهي الحكايات وتبدأ ملحمة البقاء للأقوى. فالهلال، رغم انتصاره العريض، يقف على أعتاب معركة لا تغفر لمن يركن إلى نشوة العبور، ولا ترحم من يخدع نفسه بأمجاد مؤقتة، بل تتطلب فريقًا بعقلية البطل؛ يتعامل مع كل تمريرة، وكل قرار فني، كأنها الفرصة الأخيرة لإثبات الجدارة. فالمباريات السهلة تزرع الغرور، أما البطولات العظيمة فلا يحصدها إلا من يملك قلباً شجاعاً وعقلاً بارداً لا يخدعه بريق اللحظة.
إنّ بطولة كأس نخبة آسيا تمثّل للهلال أكثر من مجرد لقب قاري؛ فهي بوابة معنوية كبرى وشحنة ذهنية عالية للاستعداد لكأس العالم للأندية. فالمجد لا يُختصر في لحظة تتويج عابرة، بل يُبنى عبر مشروع متكامل يرى في كل لقب محطة انطلاق نحو آفاق أكبر. والهلال اليوم، وهو يخطو بثقة نحو العالمية، أمام فرصة تاريخية ليبرهن أن زعامة آسيا لم تكن إلا البداية لكتابة اسمه بمداد الفخر في سجل الكبار على مسرح كرة القدم العالمية.