د.نايف الحمد
يروى أن صديقين قد خرجا للصيد فرأيا سوادًا خلف شجرة، فقال الأول: هذا غراب؛ وقال الثاني: بل هي عنز. ولما اقتربا من الشجرة، فإذا بغراب أسود يطير ويحلق في الفضاء، فقال الأول لصديقه: أرأيت، ألم أقل لك إنه غراب؟ فقال صاحبه: بل هي «عنز ولو طارت»! فأرسلها مثلاً سارت به الركبان.
تذكرت هذا المثل وأنا أتابع ردة فعل نادي النصر وبعض إعلامييه ومؤثريه مع نهاية عمل فريق مشروع توثيق الحركة الرياضية الضخم، الذي أفاد أن عدد بطولات الدوري العام 63 نسخة قد اكتملت والجميع يعرف أبطالها، حيث حصل النصر على عشر نسخ. في حين واصل النادي إصراره على موقفه السابق قبل المشروع، وأعلن عن حصوله على 19 دوريا في مشهد هزلي ومحاولة أخيرة لخلط الأوراق وتخفيف صدمة ظهور الحقائق بعد التوثيق، والتي تتعارض مع ما كان النادي والآلة الإعلامية النصراوية يروجون له خلال السنوات القليلة الأخيرة بعد أن قاموا بزيادة عدد بطولات الدوري لرصيدهم.
المضحك أنك لو سألت نصراويًا ممن يتبنون هذا الرأي: هل الـ 19 بطولة دوري التي يدعي النادي تحقيقها هي من ضمن الـ 63 نسخة التي أعلنت عنها وكالة الأنباء السعودية أو مسؤولي التوثيق، فلن يستطيع الإجابة بنعم!.
الجميع يعلم، بمن فيهم النصراويون إدارة وإعلاما وجماهير، أن الـ 19 دوريا ما هي إلا وهم، وأنها مجرد أرقام لبطولات دوري درجة ثانية ومنافسات مناطق لم تُلعَب أبدًا على مستوى المملكة؛ حتى إن قائمة النادي المذكورة قد ذكرت تحقيق الفريق لدوريين لا يفصل بينهما سوى 75 يومًا!.
لقد تغير في الرياضة السعودية كل شيء إلا التعاطي النصراوي مع الأحداث، وأنا هنا لا أحمل الجماهير النصراوية المسؤولية، بل أتوجه لإدارة النادي وبعض إعلامه وأتساءل: ما الذي يمنعكم من مصارحة جماهيركم بالحقيقة؟! لقد أصبح الموضوع مكشوفًا وما يحدث يثير السخرية!.
النصر ناد كبير ويمتلك إرثًا كبيرًا وهو ركن من أركان الكرة السعودية، ولا يفترض أن يسمح المخلصون من أبنائه بأن يتلاعب البعض بتاريخه وإظهاره بهذا المظهر فقط من أجل مناكفة جماهير الهلال.. كما أن منافسة الهلال لا يمكن أن تكون على الورق، بل في العمل الجاد من خلال التصالح مع الواقع والسعي لصناعة مستقبل مشرق.
أتمنى ألا ينتهي مشروع التوثيق بطريقة مؤسفة وعودة للمربع الأول وفتح المجال على مصراعيه للمضللين ليكتبوا ما شاءوا، فيشوهوا عمل المشروع الضخم وتاريخ الكرة السعودية. وواجب الجهات المسؤولة إظهار نتائج العمل بكل وضوح وشفافية.
نقطة آخر السطر
نجحت الأندية السعودية الثلاثة في تجاوز نظيراتها في شرق القارة الآسيوية وضمان الوصول لنصف النهائي في بطولة النخبة المقامة في جدة؛ حيث سيتقابل الهلال والأهلي غدًا الثلاثاء في مواجهة عاصفة، في حين سيواجه النصر السد القطري أو كاواساكي الياباني يوم الأربعاء.
كان ظهور العملاق السعودي الأزرق وزعيم القارة الآسيوية طاغيًا؛ حيث اكتسح الفريق الهلالي الفريق الكوري بسباعية مع الرأفة، وأظهر نواياه الكبيرة بحصد اللقب وتأكيد زعامته المطلقة على القارة الصفراء. فما قدمه نجوم الهلال أعاد للأذهان الأداء المبهر والسطوة التي أظهرها الفريق في الموسم الماضي، وقد بدا للمتابع الروح الكبيرة والرغبة الجامحة للاعبين في تعويض جماهيرهم عن الأداء غير المرضي الذي قدمه الفريق هذا الموسم.
أما فريقا الأهلي والنصر، فقد حققا فوزين 3-0 و4-1 على التوالي، وسط سيطرة واضحة على مجريات المباراتين للفريقين السعوديين. وقد ظهرت الفوارق الكبيرة بين فرق الغرب والشرق، وبات اللقب شبه محسوم لأندية الغرب التي لا تجد صعوبة في حسم مواجهاتها أمام النمور الآسيوية.
موعودون بمواجهات كبيرة في محاولة جادة وحاسمة لكتابة التاريخ في نسخة دوري الأبطال بثوبها الجديد.