يدلف الدكتور سعد الموينع في كتابه «المأذون.. ومواقف ساخنة» إلى القارئ من خلال باب السرد الحكائي الممتع، حيث يسعى المؤلف إلى استنباط فكرة التوارد الإلماحي لدلالات المقولة التي تنبع عادة من رحم التجربة أو الممارسة على لسان راو عليم ومحنك فطين؛ يستطيع أن ينفذ بنصه إلى القارئ بطريقة شيقة ذات دلالات ومعانٍ تتمتع بالقصر غير المخل والإلماح المفضي إلى المعرفة والإيجاز بالعبارة بغية تقديم نص رشيق يحقق ثنائية المتعة والفائدة.
برع الدكتور الموينع في هذه الإضمامة القصصية أو الحكائية «المأذون» في تحديد ملامح الرؤية لكل قصة حيث تدور على محاور ثلاثة يبدؤها بالرؤية الساخرة التي تحرر النص المنقول من تكوينه اللفظي الصرف إلى دلالات أكثر ولغة أرحب تستميل القارئ نحو القراءة المستفيضة، ليحقق المؤلف من خلالها معادلة متعة الطرفة وفائدة النص وأثره في الذات.
ويرتكز المحور الثاني في بطانة النص وديباجته الفاخرة على الاستشهاد ببعض الآيات الكريمة التي تسهم في تتويج متعة القراءة، كما يأتي المعاضد الشعري بأبهى صوره حيث يوازي الكاتب «الموينع» بين السرد والشعر لخلق مناخ قرائي يتجاوز فكرة «المأذون الشرعي» وهمومه وبعض تفاصيل طرف ممارساته للعمل في هذا الشأن.
فالكاتب شغل في اقتفاء المفارقة الطريفة والموقف المعبر والمشهد العفوي الذي يرد على هيئة استخلاص عبرة من وراء هذه الإطلالات الرشيقة حيث يلتقط منها القارئ بعض الدروس لا سيما وأنه عني في إيضاح بعض الحقائق في نهاية كل قصة بطريقة سهلة وغير متكلفة.
كتاب «المأذون» قد لا يحفل باللغة الأدبية والسرد الفني الحديث للقصة القصيرة والرواية إنما هو استدعاء مناسب للحكاية واتكاء على الطرفة بغية إيصال الخطاب التنويري لهذه التجربة التي خاضها المؤلف فكانت سبباً في تفعيل عنصر الاستفادة من تلك المواقف والأحداث والطرف التي توالت بشكل شيق يقبل عليها القارئ ويتفاعل معها من منطلق تذوقي يستخلص الدروس والعبر.
عني المؤلف من خلال هذه القصص الطريفة في معالجة الكثير من الممارسات والعادات الخاطئة التي ترتكب خلال عقود الزواج، لا سيما في لحظات كتابة العقد الشرعي وما يتصل فيه من ترتيبات قد لا يكون من المناسب إثارتها أو الحديث عنها على نحو الشروط والمطالب التي قد تثقل كاهل الشاب المتزوج إضافة إلى شرحه وإيضاحه للكثير من الأحكام والشروط التي قد تخفى على الكثير من الناس أو ربما لا ينتبه إليها حتى من يتصدى لعقد الزواج.
وكأن مؤلف هذه القصص قد خشي سأم القارئ -وهو لم يفعل- فقد وجد أن من المناسب أن يوجد في ثنايا هذه القصص والمواقف بعض الإنثيالات الشعرية الجميلة حيث استنبطها على نحو مناسب يفي بالغرض ويحقق الهدف المنشود منها.
للدكتور الموينع عدد من المؤلفات في هذا المجال على نحو مجموعته القصصية عجائب القدر التي عني فيها بتدوين محطات إنسانية متعددة كان للمفارقة الحياتية أثر فيها.
كما صدر للكاتب العديد من المؤلفات في الحقل الأدبي والاجتماعي فهو المتخصص في هذا المجال والأجدر فيه بالكتابة والتعريف والكشف، فقد حاز الموينع إجازة الدكتوراه في الأدب العربي فلماذا لا يكون مبرزاً في هذا المجال الأدبي الذي خاضه وأمتع القارئ على نحو قصص المأذون ومواقف ساخنة.
***
إشارة:
المأذون ومواقف ساخنة (قصص)
الدكتور سعد بن محمد الموينع
الرياض (ط1) 1431هـ / 2010م
يقع الكتاب في نحو (204صفحات) من القطع المتوسط
-