مثلما اقتحمت المرأة مجال الصحافة كما ذكرنا قبل قليل، وعرضنا بعضاً من مقالاتهن الأدبية الاجتماعية، استطاعت المرأة أن تحقق ما حققه الرجل في مجال البحث العلمي والأدبي، والنقدي والنشر في المجلات العلمية المحكمة، أضف إلى ذلك ما حققته بالمشاركة في الندوات والملتقيات والمؤتمرات، في الداخل والخارج، وكان معظم ما تشارك به المرأة لا يتعدى ما يشارك به الرجل، فإما أن يكون بحثاً لهدف من الأهداف العلمية والمطلوبة في الترقيات، وإما أن يكون لحاجة ملحة في جدول المؤتمر أو الندوة، وعلى أي حل، كلها تصب في مصلحة التنمية الفكرية والثقافية، ونجد أن مشاريع الأندية الأدبية قد أعطت مزيداً من الفرص لمشاركة المرأة في هذه المجالات، وكان بعض تلك الأندية يعقد ملتقاه في كل عام في فن من الفنون الأدبية، ويشترط على الباحثين التقيد بأصول البحث العلمي المتعارف عليها عالمياً، فنادي جدة الأدبي الثقافي يعقد دورته في كل عام تحت عنوان (قراءة النص) ويحدد من خلاله موضوعاً لم يطرق من قبل، وبعد إجازة الموضوع وطرحه في الملتقى للمناقشة يتم نشره في مجلة (علامات في النقد) وهي المجلة ذائعة الصيت التي أعطت الباحثين فرصة النشر والانتشار في الأوساط الأدبية والنقدية العلمية، أضف إلى ذلك بقية المجلات المتخصصة، التي تصدر عن النادي نفسه، مثل: نوافذ المختصة بالترجمة، والراوي التي تهتم بالقصة، وجذور المختصة بالتراث..، وغيرها من المطبوعات المتخصصة، وكذلك بقية الأندية الأدبية التي تصدر مطبوعاتها من المجلات والكتب، وتقيم الدورات المتخصصة على أيدي متخصصين في القصة والرواية والنقد الأدبي والإخراج المسرحي والتليفزيوني، وقد شارك عدد من الأكاديميات والباحثات في مناشط هذه الأندية ببحوث قيمة أخذت طريقها إلى النشر، وأصبحت مراجع للدارسين والباحثين، ودارت حولها النقاشات، ولعلنا لا نجانب الصواب عندما نستعرض النتاج النسائي في هذا المحور من البحث، مبتدئين بأول الأبحاث التي نشرت لهؤلاء الباحثات، فقد كان الجيل الأول منهن مهتما بالدراسات المنهجية للحصول علة الدرجة العلمية التي تؤهل لقيادة جيل متعلم على المناهج الحديثة، فكانت سعاد المانع التي حصلت على الدكتوراه في الأدب والنقد عند العرب، من قسم دراسات الشرق الأوسط، جامعة ميتشيجن- آن آربر، بالولايات المتحدة، عام1986م، وكانت حصلت على الماجستير من كلية الآداب/ بجامعة القاهرة عن رسالتها التي نشرت عا1982، بعنوان (سيفيات المتنبي/ دراسة نقدية للاستخدام اللغوي) وكانت سعاد المانع التحقت بجامعة القاهرة، قبل أن توجد الدراسات العليا في جامعة الملك سعود(الرياض آنذاك) وتوالي المانع نشر مقالاتها الأدبية والنقدية في الصحافة العربية والمجلات العلمية، وتشارك في وضع خطط تنموية ثقافية وحضارية، وتعتبر سعاد المانع من المشتغلين بالنقد الأدبي (قديمه وحديثة)، إضافة إلى نشاطها المنبري داخل الوطن العربي وخارجه، وترجمت أعمالها إلى اللغات العالمية، مثل الإنجليزية، وأعمالها التي كتبت بالإنجليزية إلى العربية في عدد من الموسوعات والكتب التي اهتمت بأدب الجزيرة العربية، وللدكتورة سعاد المانع حضور أدبي واجتماعي في الأوساط الثقافية، في البلاد العربية والغربية، وتعتبر من ركائز التنمية الثقافية في الوطن العربي، ومن مؤسسي التنمية في المملكة. وفي نفس السياق نجد الدكتورة نورة الشملان، إحدى الرائدات في مجال التنمية الثقافية والاجتماعية، ومن أوائل الحاصلات على الشهادات العليا في المملكة، حيث حصلت على الدكتوراه، عام 1987م، من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وفي سنة 1990، بدأت النشر، وتعدت في أبحاثها المنشورة في المجلات العلمية، دون الصحف المحلية والعربية ثلاثين بحثا، مثل: مجلة الدارة في الرياض، ومجلة جامعة بغداد، والقاهرة، والعصور، وفي مجلة اليرموك في الأردن، وعين شمس في القاهرة، والمنصورة، وتونس، وقطر والخرطوم، وعلامات في النقد، وموسوعة مكة الجمال والجلال- مؤسسة عبد الله با شراحيل، ومجلة الخدمة الاجتماعية في الكويت، ومجلة جامعة الملك سعود/ الرياض، والفيصل، والمجلة العربية، وغيرها من المجلات، وتميزت أبحاث نورة الشملان بالرصانة العلمية والابتكار والدقة في المعلومة، والدكتورة نورة الشملان معروفة بنشاطها المتواصل في خدمة الثقافة، والتنمية التربوية والاجتماعية، وحسن القيادة، ومشاركاتها معروفة في مجال التنمية الثقافية، فقد شاركت في أكثر من أربعين مؤتمراً وندوة ولقاء، وأدارت مثلها، في الداخل والخارج، فهي شخصية مرموقة ومعروفة لدى الجميع، وألفت عدداً من الكتب، منها: أبوذؤيب الهذلي، حياته وشعره، 1981، وشخصية المتنبي في آثار الدارسين، 1990، والمتنبي الإنسان والشاعر، 1992، وأبو تمام الشاعر الفنان، 1996، وإضافة إلى ما نشرته في الصحافة والمجلات المتخصصة. أما سهيلة زين العابدين حماد، فباحثة في الشئون الإسلمية ولها مشاركات في التنمية العامة، من خلال دراساتها وأبحاثها، ومشاركاتها في الندوات والمؤتمرات، والكتابة في الصحف والمجلات العربية والمحلية، ولها دور ملحوظ في الحركة الفكرية والتنموية بشكل عام، وكانت ورقتها التي قدمتها في مؤتمر المؤرخين العرب والمسلمين في الأزهر، سنة 1996، حول مستقبل الدراسات التاريخية مثار إعجاب ومناقشة، من قبل المؤتمرين في ذلك الوقت، وكانت لها ردود على كثير من الباحثين، وبعض المؤلفات التي ترى - من وجهة نظرها - أنها تحتاج إلى إعادة نظر، مثل: طه حسين وتوفيق الحكيم ونوال السعداوي، وكان لها رأي في مسيرة المرأة السعودية، في كتابها (سيرة المرأة السعودية إلى أين)، وقد طبع ثلاث مرات آخرها عام 2003م، وفي كتابها (دور المرأة المسلمة في وضعنا الراهن) 1987م، وكتابها(عمق الروح وصلب الفكر.
وللحديث بقية
-
+
الرياض