جاهلية
ليلى الجهني
دار الآداب 2007م
تستطيع المؤلفة أن تكتب القصة القصيرة أو الطويلة ولكن الرواية تختلف في البناء والتكوين عن القصة، ولا يكفي الأفكار المنثورة أو الإنشاء الجيد في خلق رواية مؤثرة كما لا يكفي الخروج على المألوف وتسويق التمرد الأنثوي وكشف الغطاء وصفع الواقع والسعي للشهرة المتعجلة.. كل ذلك لا يكفي للوصول إلى النجاح في الرواية أو خلق روائي ناجح يستطيع الاستمرار في العطاء.
إن الأثر الذي يتركه العمل الأدبي والروائي منه هو الجدير بالاعتبار وليست الشهرة الآنية أو التأثير المؤقت، فأين ذهبت فقاعة (بنات الرياض) التي استفاد منها الناشر مادياً وقد تكون المؤلفة قد استفادت منها بعد أن أصبح اسمها يتردد فترة قصيرة وبعد أن رمت حجراً في المياه الراكدة.. وكانت جريئة في الطرح والشرح!؟ ولكن أين الفن الروائي في بنات الرياض أو جاهلية أو الفردوس اليباب أو القرآن المقدس وإلى حد ما - الآخرون؟! بل أين في هذا الكم الذي هبط علينا فجأة من كتاب وكاتبات مبتدئين؟ لكني فرح مع كل ذلك بوجود مجموعة من الكاتبات السعوديات المتنورات ممن أشرت إلى إنتاجهن القليل آنفا ولا يسعني - أو غيري - أن نجعل من رجاء الصانع أو صبا الحرز أو ليلى الجهني أو سارة العليوي روائيات بمجرد إنتاجهن لرواية أو روايتين كما يكتب عادة على الغلاف وليس على محك النقد الأدبي والشروط الفنية.
إن الروايات التي بقيت في الآداب العالمية منذ ظهور فن الرواية وهي التي عرفت بالخالدة هي الروايات التي اكتملت فيها عناصر الرواية وعالجت من مواضيع كبرى وتطرقت إلى أحداث غير آنية فإكسير الخلود له شروطه ومواصفاته كالترياق؟! من يستطيع أن يمحو من صفحة الخلود الأدبي روايات ناضجة مستوية على عرش الديمومة كالشيخ والبحر لهم نجواي أو البؤساء لهيجو أو قصة مدينتين لديكنز أو الأم لتولستوي أو الأرض الطيبة لبيرل باك أو غيرها من الروائع القديمة والحديثة.
إنني لا أحبط أحداً بقولي هذا.. ولكن أعطونا فناً متكاملاً نعطيكم التأييد والإعجاب.
أما الكتابة الإنشائية أو الثرثرة البيانية أو (طق الحنك) فليس من الفن القصصي أو الروائي في شيء!
طنين
سيف الإسلام بن سعود
دار الفارابي 2006م
رواية مطولة تستند إلى حوادث تاريخية سابقة وتتطرق لأول مرة إلى شخصيات مسكوت عنها في التاريخ المحلي وتنهج نهج الكاتب: أمين معلوف بل تتقمصه، وهذا ليس عيباً فالمعلوف لا ولن يحتكر هذا النوع من السرد الذي يمزج التاريخ بالخيال، والماضي بالحاضر، والاستنساخ مطلوب ومشروع في بعض الأحوال، وقد سبق المعلوف غيره من كتاب الغرب وبعض الكتاب العرب.
أعجبتني قدرة المؤلف على لملمة الحوادث وصياغته الجيدة لها وصبها في قالب قصصي ممتع ومؤلم في آن واحد، إنه يكون خلطة جميلة ويبعث لنا شخصية منسية من التاريخ السعودي الماضي ويجيد حقاً في تصوير الحوادث والمآسي التي أحاطت بوطن ممزق.. وبشخصية استثنائية وجدت في غير وقتها ولولا بعض الأخطاء الإملائية واللغوية وعدم التصحيح الجيد للبروفة الأولى لبدت هذه الرواية التاريخية متكاملة.. ولكن هذا لا يفقدها سحرها الذاتي وتأثيرها المؤلم الذي شعرت به عندما كنت أقرأ صفحاتها المطولة (أكثر من 340 صفحة) وإنني بصدد قراءة رواية الكاتب الثانية (الكنز التركي) التي اشتريتها من البحرين متمنياً على المؤلف إذا كان لديه الوقت والجلد أن يكتب روايات مماثلة عن أحداث التاريخ السعودي في أدواره الثلاثة وهي مليئة بمادة تثري تجربته مثل قصة والده مع الحكم التي ما تزال طازجة؟!
أرجو للكاتب الاستمرار بقدرة المعلوف وشهرة ج زيدان الذي ترك روايات كثيرة عن تاريخ الإسلام... ولكن لكل من هذين الكاتبين عصره وأدواته، ونجاحه وهفواته وللأمير سيف المتخصص في علم الاجتماع صولاته وجولاته؟!
حب في السعودية
إبراهيم بادي
دار الآداب 2007م
رواية حادة مما كان يطلق عليه في الستينيات (الأدب المكشوف) وكانت ليلى بعلبكي وكوليت خوري وليلى عسيران ومن بعدهم غادة السمان فرسان أو بالأحرى فارسات هذا النوع منه.
يبدو المؤلف عنيفاً في طرحه متعجلاً في أحكامه مقرراً عن عمد فضح شريحة صغيرة من المجتمع لا تمثله بالطبع ولا تمثل أخلاقه وقد اعترف المؤلف أنها شريحة هجينة (الأب سعودي والأم لبنانية أو مصرية) وبعض جنسيات النسوان مغربية!؟
ليس هذا تنزيهاً للذات أو عزفاً على وتر الأصالة والأنساب من طرفي فكلنا في الهم والانحراف (بشر) كما أن الملائكة الأطهار لا جنس ولا جنسية لهم!؟
يبدو السرد الحار السريع والدراما والديالوج الداخلي المستتر من أدوات وأسلحة الكاتب الذي ذكر في الغلاف أنه يكتب للمسرح.
لم أسمع به من قبل ولم أقرأ له.. ولكن هذا لا يقلل من شأنه في الحاضر والمستقبل ويكرسه - كما أراد - روائياً.. ربما؟! ولكن عليه أن يجيد فن الرواية وأن يجعل الجنس كالمتبلات أو المقبلات في عمله الروائي وليس كالماء والهواء كما في قصته الطويلة المسماة رواية فليس بالجنس وحده يحيا الإنسان! وليس كل حكاية أو ذكريات رواية؟!
إنني أثق بأن البادي لديه القدرة والحماس والاندفاع الكافي والأسلوب الجيد إلى حد مقبول لتكريسه في المستقبل كاتباً قصصياً أو مسرحياً أو حتى روائياً إن شاء الله! فالموهبة ظاهرة لديه ككاتب سيناريو (سيناريست) وليس كروائي؟!
سعوديات
سارة العليوي
فراديس للنشر والتوزيع 2007م
قصة طويلة أو عدة قصص قصيرة في إطار العنوان ممتعة وشيقة ينقصها الديباجة الأدبية والخلو من الأخطاء الإملائية وأحياناً اللغوية وكم كبير جداً من الأخطاء المطبعية والكلمات العامية.
يلفت القارئ مثلي لهذه الرواية - القصة أنها محشوة بكم هائل من المفردات العامية حتى في الحوار الذي يتم بأكمله باللهجة الشرقية - الخليجية وهي غير مفهومة لي كسعودي فما بالك بالعربي، كما أنها ثقيلة جداً وتضيق صدر القارئ حتى الذي من النوع الصبور مثلي؟!
والمعروف في القصص والروايات أن العامية إذا زادت عن 5% من النص فهي حشو وتخريب له!؟ قرأتها بالسرير في عدة ليالي فهي طويلة أكثر من 300 صفحة وهي تكشف عن شريحة اجتماعية غنية (متبرجزة) تقضي إجازاتها بين كندا وبريطانيا ولبنان ومصر وتعيش في المنطقة الشرقية السعودية.. وتتداخل بعض شخصياتها مع شخصيات خليجية أخرى من الإمارات والبحرين والكويت.
تحاكي الرواية - القصة (بنات الرياض) في طريقتها وتتفق معها في ضعفها الفني وتزيد عليها بضعفها في الصياغة والأسلوب واللغة وكثرة الأخطاء المطبعية وسيادة اللهجة المحلية المناطقية في الحوار.
تفضح هذه الرواية - مجازاً الكثير من المستور الاجتماعي وهو ديدن المنشورات الجديدة ربما لهدف التسويق أو الشهرة أو الاستعجال وهذا كله لا يمكن أن يخلق فناً روائياً جيداً. كلاهما ليس رواية - في رأيي - على الأقل؟!
-