منذ أن قرأت للدكتورة فاطمة الوهيبي، وعرفتها من خلال مشاركاتها في المشهد الأدبي والثقافي والفكري السعودي وأنا أزداد اعجابا بها وتقديرا لهذه القامة الأكاديمية المشرِّفة، ومن الإجحاف ألا يكون لها مكانها اللائق بها في جامعاتنا السعودية ، فقد علمت أنها انتقلت من جامعة الملك سعود إلى جامعة الحدود الشمالية ثم طلبت التقاعد المبكر، وهذه طاقة وطنية أهدرت، وأزعم أن في جامعاتنا السعودية من الأخوات المتعاقدات مع تقديري للجميع من لا تصل إلى عشر معشار هذه القامة الأكاديمية السعودية الدكتورة فاطمة الوهيبي.

مشكلتنا في جامعاتنا السعودية أننا نتعمد الإقصاء والتهميش بشكل لا يمكن إنكاره ولا نسعى لاستقطاب الكوادر الوطنية المؤهلة - أقول هذا وأنا مسؤول عما أقول - لأسباب لا علاقة لها بالمستوى الأكاديمي، وإنما لأسباب غالبا ما تكون شخصية، أو تصفية حسابات رخيصة أو السماع لوشاية كاذبة، لا نقف مع من يحتاجون الوقوف معهم في وقت الحاجة, بل نقسوكثيرا ونظن أننا في مأمن من دول الأيام، وأعجب عندما يتقدم أحد السعوديين أو السعوديات ممن يحملون مؤهلا عاليا للعمل في الجامعة ، فيبقى أشهرا وربما سنوات تحت الإجراء بينما يذهب المسؤول للتعاقد من خارج المملكة في التخصص ذاته فيمنح العقد في أقل من عشر دقائق.

إنني أعمل في المجال الأكاديمي منذ اثنتين وثلاثين سنة، وكم يحز في نفسي أن أرى زميلا أو زميلة - وربما كنت أنا منهم - في هذه المهنة الشريفة يهضم حقه ويهمش ويقصى لا لشيءٍ إلا لأنه مخلص صادق حريص على أن يؤدي واجباته بكل صدق وأمانة وقد تقاطع في هذا مع بعض الرؤى الضيقة، فكان من المغضوب عليهم، وكان مصيره المضايقة والحشد النفسي حتى يأتي الله بأمره.

الدكتورة فاطمة الوهيبي ثروة وطنية يجب استغلالها في المجال البحثي والإدارة، وأن يهيئ لها المكان المناسب لأداء واجباتها التي نحن في حاجة إليها للنهوض بمستوى طالباتنا الأكاديمي، فهي باحثة متمكنة وأكاديمية قديرة جادة في عملها مخلصة فيه، وقد سعدت كثيرا عندما فاز كتابها ( الظل ) بجائزة الترجمة لأنه عمل إبداعي كبير يستحق الثناء والتقدير.

أتمنى للدكتورة فاطمة التوفيق والسداد، وأن نجدها دائما في المكان اللائق بها وبأمثالها من أبناء وبنات هذ الوطن المخلصين دائما.