بتواضع الكبار وبساطة العلماء الأخيار يستقبل رجل الأعمال الرائد، ورجل العلم والفكر والثقافة الشيخ جمعة الماجد زواره في مكتبه على طريق (دبي - الشارقة) ذاك المكان الذي كان يوماً بداية انطلاقته التجارية الكبرى يخيل إليك وأنت تصافحه وتتحدث إليه. أنك تتحدث إلى شخصية مؤثرة قرأت عنها في كتب السير والمشاهير من الرجال والعلماء. تواضعه الجم يزيدك إعجاباً بشخصه، وحديثه العذب يملؤك شعوراً وثقة بالاقتراب منه وحكمته وعقله، يسموان بك إلى آفاق مدينة فاضلة كل رجالها جمعة الماجد. أنشأ مؤسسة تجارية رائدة على ضفاف الخليج العربي منذ أكثر من أربعة عقود من الزمن، حيث لم يكن الاتحاد بين الإمارات العربية المتحدة قائماً وفي إمارة دبي إمارة العقل والمال ترعرعت هذه المؤسسة ونمت فصارت دوحة سامقة الذرى وارفة الظلال يتفيأ ظلالها إلى جانب فروعها التجارية المنتشرة على طول الإمارات وعرضها العديد من الكيلات والمعاهد، والمكتبات الزاخرة بألوان المعارف، تضم في رحابها آلاف الطلاب والطالبات من أرجاء الوطن العربي والإسلامي في صرح علمي قل نظيره عند رجل أعمال في منطقتنا العربية.. ولا أعتقد أن أحداً يجاريه في هذا المشروع العملاق، ولولا زهده الشديد في الأضواء والإعلام لأصبحت هذه الأعمال مثال الإعجاب عربياً وعالمياً. حين يتحدث جمعة الماجد الرئيس العام لمجموعات شركات جمعة الماجد ورئيس مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث. ينقلك إلى بدايات أعماله، وكيف أن العقل والعقل وحده هو الذي يجب أن يكون جالباً للثروة والتجارة وأن ما يصنعه الإنسان بنشاطه وعقله وجهده هو الثروة المميزة ذات القواعد والأسس السليمة وأن ما يتم جمعه من ثروات عن طريق النهب والاختلاس والتعدي على المال العام هي ثروات مزيفة لا تنتج إلا الفساد والمفسدين، وهذه لا يمكن أن تحقق بناءً للوطن والمواطن ثم إن المال إذا لم يستثمر في المشاريع النافعة داخل الوطن فهو مال مشبوه لا خير فيه وحين يتحدث عن مشاريعه الثقافية والفكرية والتعليمية.. يتحدث بأريحية لا حدود لها.. فلا خير في مال ولا يستثمر لبناء الإنسان وتطوره ولا خير في مال لا يساهم إسهاماً فاعلاً في ترسيخ قيما للحضارة والبناء الكوني الذي أمر الله به: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} (30) سورة البقرة. وتلك هي رسالة السماء إلى الأرض عبر رسله وأنبيائه.
جمعة الماجد الحاصل على العديد من الجوائز العربية والعالمية ومنها جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام 1999 يسعى جاهداً أن يكون ممتثلاً لأمر الله سبحانه.. فأسس كلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي عام 1986 للميلاد وقد بلغ عدد الطلبة والطالبات فيها ما يقارب 2.700 طالب وطالبة. في مختلف الدراسات والتخصصات الإسلامية والعربية.. كما أنها تمنح الدرجات العلمية العليا - ماجستير ودكتوراه في اللغة والأدب، والفقه وأصوله وتمنح طلابها الدارسين فيها إعانة شهرية مقدارها 500 درهم.. هذا إلى جانب تأمين المواصلات.
لقد بلغ عدد الطلبة الخريجين منذ تأسيسها عام 1986م وحتى عام 2011م، 8022 طالباً وطالبة في شتى التخصصات الفقهية والأدبية وعلوم اللغة العربية.
الكلية تنظم إلى جانب مناشطها المتعددة في الحاسوب، الإدارة، والتدريب.. ندوة دولية كل عامين حول الحديث النبوي الشريف. وتأخذك الدهشة حين تزور مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث، حيث أصبح هذا المركز قبلة تهفو إليه أفئدة الباحثين والدارسين، إذ يضم جميع الأوعية الثقافية المخطوطة والمطبوعة من أرجاء العالم وحفظها وتنظيمها، وإتاحتها للباحثين والدارسين.. كما تشير إلى ذلك الكراسة الصادرة عن المركز، والتي حددت أهدافه على نحو ما يأتي:
- السعي إلى إنقاذ أوعية التراث الإنساني بأي دين أو توجه، والمحافظة عليه.
- العناية بالتراث وتيسير سبل الوصول إليه.
- بناء مركز ثقافي شامل يساهم في تطوير مسيرة البحث العلمي.
- تبادل الخبرات مع الهيئات الثقافية ومراكز البحث داخل دولة الإمارات وخارجها.
- الإسهام في نشر المؤلفات العلمية والدراسات والبحوث التي تخدم الثقافة الإنسانية.
- نشر الوعي المعرفي من خلال دورات متخصصة وأنشطة ثقافية عامة. ومن يقرأ هذه الأهداف الممنهجة بدقة وإحكام يرى مدى الأهمية البالغة التي يضطلع بها هذا المركز الأنموذج في هذه المنطقة العربية. والذي قال عنه أحد المفكرين: إن هذا المركز بكل ما فيه سيكون صدى لنهضة علمية إسلامية تسود عالمنا العربي والإسلامي).
إن من يزور هذا المركز المتقدم لا يفوته أن يمر على المكتبة المركزية والتي قسمت إلى أقسام في غاية الدقة والتنظيم.. فهي خزانة الثقافة الإنسانية بأوعيتها المتنوعة من: كتب، ودوريات، ورسائل جامعية، ووثائق، ووسائط رقمية، مفهرسة وفق المعايير العالمية في ميدان الفهرسة ومصنفة وفق أحدث طبعات ديوي العشري وتحتوي على 350 ألف عنوان من الكتب المطبوعة متاحة في أكثر من 12000000 مجلد أو جزء.
20 ألف رسالة جامعية ورقمية.
6500 دورية (صحف ومجلات).
350 ألف من الوثائق التاريخية والفرمانات.
يمتلك المركز ميراثاً فكرياً نادراً بلغ نصيب المركز منه 300 ألف مخطوط أصلي ومصور من موضوعات متنوعة أدبية وعلمية وبلغات عدة وتجري فهرستها وتقييد بياناتها في نظام إلكتروني يعمل عليه فريق متكامل من المتخصصين في علم المخطوطات والمكتبات. وهذا الكم الضخم من المخطوطات يجعل المركز واحداً من أهم المراكز المتقدمة عالمياً في اقتناء المخطوطات والعناية بها.
هذا الصرح الكبير الواسع سعة صدر صاحب هذا المركز (جمعة الماجد) الذي أفنى الوقت والجهد والمال الوفير في سبيل تحويله إلى مركز مرموق يحق لدولة الإمارات العربية المتحدة أن تفخر به وأن يكون للعالم الإسلامي منارة إشعاع تنير كل الإنسانية على اختلاف مشاربها وثقافتها ثم إنه كما قال صاحب هذا المركز الصرح. الشيخ جمعة الماجد: ألا يستحق الباحث الذي قضى نصف عمره لتأليف كتاب وجاب مشارق الأرض ومغاربها وتعرض للمشقات والعقبات ألا يستحق منا ونحن بهذه القوة والصحة والمال أن نسعى جاهدين للمحافظة على هذا التراث القيم العظيم وإتاحته لطلبة العلم والباحثين. أما نحن المبهورون بهذا العمل الجليل الكبير الرائع فجدير بنا الإشادة به، والتنويه عنه والدعوة لزيارته معلماً من معالم دولة الإمارات العربية المتحدثة في دبي مدينة العقل والمال والأماني العراض.. وأن ندعو الله سبحانه وتعالى أن يمتع صاحبه بالصحة والمعافاة وأن يجعل عمله خالصاً لوجهه تعالى جزاء ما قدم لوطنه وأمته من خدمة لتراثها وموروثها وعناية بفكرها وثقافتها ليؤكد لهذه الأمة بأنها أمة -اقرأ- هذا الرجل الذي قام بما لا تستطيع بعض الدول القيام به. ليكون دولة في رجل ورجلاً في ضمير وطنه وأمته.
k-alkhonin@hotmail.com
الرياض