* * رغم اشكالات التحرير والتسويق فقد بقيت العلائقُ الاجتماعيةُ بين العاملين في الصحيفة مرتسمةً بالروح الطيبة والحوار الهادئ، وزاد فيها تنظيمُ مناسباتٍ خارجها لجمع ثلة من الجهاز التحريري والإداري والكتابيّ في جلساتٍ مسائيةٍ حميمةٍ لا صلة لها بمن راقب وما راقب ومن بقي ومن رحل.
* * استضاف رئيس التحرير بعضها المفتوح وأقلّها المغلق، وحضر منها لقاءً محدودًا أمّته شخصيةٌ بارزةٌ وعدد أصابع اليدين من الكتّاب؛ وفيهم شيخنا الراحل عبدالله بن خميس - رحمه الله - وكانت جلسةً نادرةً له؛ فلم يعتدْ قبلها ولم يسعَ بعدها لمثل هذه اللقاءات التي يراها « طقوسيةً» في وسائطها التواصلية، ويشعرُ ألّا أحد يستمتع في داخله بها لغلبةِ الرسميةِ والتكلف عليها، وربما بات مؤشر الساعةِ البطيءُ نجمَ السهرة.
* * راقت له لقاءاتٌ اعتياديةٌ موازيةٌ اتكأت على نقاشاتٍ مفتوحةٍ لا تخلو من معلومةٍ وحكايةٍ وطرفة، ويذكر منها لقاءً دعا إليه أديبُنا الحاضر الغائب الأستاذ راشد الحمدان في استراحةٍ خاصةٍ له، وما يزال طلبه من صاحبكم إحضار « الطبول « لإحياء السهرة مثار ابتسامته؛ فلم يكن أبو محمد جادًا وليس للمطلوب منه وشيجةُ معرفة وإن لم يخلُ من وطيد هوى، وأضاف صاحب السحارة العتيدة، وهو ينظر إلى علامات دهشةٍ صامتة، إذا رأيت أحدًا حزينًا من أهل عنيزة ضائقًا صدره ف» طق له طبل «!
* * وجد من المناسب أن يستضيفَ الدوريةَ غير المنتظمة في سكنه بمجمع معهد الإدارة في « عقارية العليا «، وكان السكن محتويًا على صالة مناسباتٍ جميلةٍ مزودةٍ بالخدمات الراقية؛ فقام بحجزها لموعدٍ لاءم الجميع فدعاهم، وأبلغ الأمن الواقفَ على بوابة السكن كي يفتحوا لضيوفه؛ فتتالوا بانسيابيةٍ وحسن استقبال شمل شخوصهم وسياراتهم وجلوسهم وعشاءهم وما تبع من تكميلات.
* * هنا جاءت المفاجأة حين حضر إليه موظف الأمن مسرعًا؛ فثمة من يطلب الدخول مستندًا على دعوتك، وقد ظن أنهم مدّعون؛ فالمناسبة لإعلاميين عُهد فيهم الأناقة وفخامة المركب، بينما السيارة الواقفة عند البوابة « ونيت قديمة، ولا تبدو على سيماء سائقها أنه من « ربعكم «؛ فسار معه ووجد أستاذينا « راشد الحمدان وحمد القاضي « ونسي إن كان معهما ثالثٌ في قمرة « الداتسن» التي بدت مخصصةً لمزرعةٍ وشبهها، وضحكنا كما لم نفعل؛ فلدى أستاذينا من الفارهِ أجمله، لكنهما غيرُ معنيين بالشكل كما افترض موظف الأمن ومثلما اعتاد * * « ملمعو» الصحافة، ووجد في الحكاية درسًا لمن يؤثر الشكل ويهمل المضمون.
تواصلت اللقاءاتُ ثم تباعدت حتى انقطعت، وهو دأبنا في معظم مشروعاتنا الحياتية، وعدنا للنص القديم والصفحات الأثيرة؛ نبحث عن الجديد ونتلافى التحشيد ضد الحداثيين فلم نلغْ في عرض أحد ولا سلوكه أو اتجاهه بحمد الله، وجاءت حكايةُ الشاعر الكبير الذي كان يملي علينا قصائده، ولها الخطو التالي.
Ibrturkia@gmail.com
twitter:@abohtoon