إن دلائل الإيمان بأهمية الطرح العلمي، ودوره في تأصيل المنهجية الموضوعية المتسمة بالحيادية يقتضي من المتعلم التمعن في كل ما يقرأ بوعي كامل الاستقلال والفردية يستطيع به أن يبني المعرفة،ويسد الثغور التي يتسلل منها أعداؤها.
وفي أثناء توقفنا للبحث عن إحدى القضايا النقدية الأدبية عثرنا معاً على ما أثار دهشتنا من التطابق بين كتابين ، هما: كتاب «رؤية حول الأدب الاسلامي» للدكتورة أميرة محمد حمد النيل، كلية التربية في جامعة الملك فيصل بالنعيرية، في طبعته الأولى الصادرة عن مكتبة الرشد عام 2010 م ، وكتاب «نحو مذهب إسلامي في الأدب والنقد» للدكتور عبدالرحمن الباشا، الذي تكرر طبعه منذ الثمانينيات الميلادية، وآخر طبعاته –على ما يبدو- كانت عن دار الأدب الإسلامي في العام 2008م . فأول ما يخطر على ذهن القارئ عن التطابق والتشابه بين الأخير منهما في الصدور وهو كتاب د. أميرة ،والسابق وهو كتاب د. الباشا (رحمه الله): هل هو اقتباس أم سرقة أم تضمين؟! ولن نقترف نحن من قبلنا أي حكم بل سنترك الحكم للمتلقي الواعي.
إن هذا العرض الموجز سيركز على جوانب التشابه أو التطابق إن صح التعبير بين الكتابين، وسيلقي الضوء على جانبين:
1- الجانب الأول: اختيار موضوعات الكتاب ،وطريقة تبويبها ،وفي هذا الجانب إليك أيها القارئ فهرسة الموضوعات في الكتابين ،واحكم الحكم السديد . ويُلاحظ من الفهرسين المرفقين ما يأتي:
1- استخدام المترادفات اللفظية من أجل صبغ عنوان الموضوع بصبغة تجعله يختلف عن عنوان الموضوع الآخر ظناَ من د/ أميرة النيل أن ذلك سيساعد في إخفاء هذا النقل الواضح للعيان.
فعلى سبيل المثال لا الحصر كان الباب الأول في كتاب د/ عبدالرحمن الباشا يحمل عنوان موقف الإسلام من الأدب بعامة والشعر بخاصة ،وذلك من خلال الكتاب والسنة،غيرت هذا العنوان في الباب الأول من كتابها إلى موقف الإسلام من الأدب من خلال الكتاب والسنة.
وكان الباب الثاني في كتاب الباشا تحت عنوان «أهم المذاهب الأدبية وموقف الإسلام منها» حوَّلته إلى لمحة عن أهم المذاهب الأدبية المعاصرة وتقويمها في ضوء الإسلام.
وعلى ذلك قس أيها القارئ الكريم في بقية الموضوعات .
الجانب الثاني: محتوى الموضوعات.
كي يكون هذا العرض منصفاَ لن يركز على تنظيم الكتاب فحسب ، فهو جانب يكثر التشابه فيه،ولا سيما أن الدراستين تناولتا مجالا واحدا، بل سيأخذ القارئ إلى ثنايا الكتاب.
الباب الأول:
الفصل الأول: تم نقل أربع صفحات متتالية دون زيادة أو نقصان ،وهن (19-20-21-22)
الفصل الثاني: وله نصيب الأسد، فالصفحات الآتية:( من صفحة 35 إلى صفحة 65 ) منقولة من كتاب الباشا ،وكذلك ومن صفحة 70 إلى 75).
الباب الثاني:
يمتد النقل فيه ( 96-98-99-100-101) بإضافة مقبوس واحد عبارة عن عدة أسطر لمحمد قطب في كتابه.
وكذلك في الصفحات من ( 103-104-105-106 ) بإضافة مقبوس واحد في صفحة 106 منقول من كتاب منهج الفن الإسلامي.
ثم يمتد النقل المتواتر من صفحة (112 -151)
الباب الثالث:
يمتد النقل من صفحات (145 -147)
وفي صفحة 147 إضافة مقبوس واحد من كتاب قضايا الأدب الإسلامي للدكتور صالح آدم بيلو .
ثم يمتد النقل من صفحة ( 155-184)
ولم تكن النقول المتتابعة من كتاب د. عبدالرحمن الباشا هي المأخذ الوحيد على هذا الكتاب،فقد قادنا هذا الاستنتاج إلى استجلاب معظم المراجع التي اعتمدت عليها الدكتورة أميرة النيل،والقيام بذات المهمة الملاحظة والاستنتاج، وخرجنا منها بالآتي: أن الباب الثالث من الكتاب لم يكن بدعا عن أقرانه فهو مقتطفات، من مجموعة كتب بدءا بفكرته وانتهاءَ بمحتواه.
يحمل هذا الباب عنوان نماذج مختارة من الأدب الإسلامي، وهذا العنوان مأخوذ من كتاب في الأدب الاسلامي قضاياه وفنونه ونماذج منه د. محمد صالح الشطي الصادر عن دار الأندلس في طبعته الثانية عام 1418هـ،أي أنه متقدم زمنياَ على كتاب د. أميرة النيل،وأول موضوع في هذا الباب هو نماذج من الشعر الإسلامي الحديث وهو مجتزءُ من الفصل الثاني في كتاب الشطي،والذي يحمل عنوان نماذج من الشعر العربي المعاصر،والمتأمل لهذين الموضوعين يتأكد له ما سبقت الإشارة إليه من عمد الدكتورة أميرة إلى التغير في المترادفات ( كالحديث والمعاصر ).
ويمتد النقل من كتاب الشطي من صفحة 195 إلى 206 ,ولا نعرف لماذا تنقل حتى النماذج الشعرية من كتب أخرى والمكتبة العربية ثرية بمثل هذه النماذج والتي لا يتطلب البحث عنها أي عناء ؟
ثم تنتقل الدكتورة أميرة إلى موضوع آخر،بل إلى كتاب آخر، فالموضوع الثاني والذي يحمل عنوان نموذج للقصة الإسلامية مأخوذ نصا من كتاب قصص القرآن لعلي محمد البيجاوي وآخرون ,ويمتد النقل منه من صفحة 207إلى 244.
أما الموضوع الأخير في هذا الكتاب هو بعنوان نموذج للمسرحية الإسلامية،وهو مأخوذ من كتاب في الأدب الإسلامي قضاياه وفنونه ونماذج منه، من صفحة 466 إلى 449 في كتاب البيجاوي.
ويمتد النقل من هذا الكتاب من صفحة 245 إلى 260،وهي آخر صفحة في الكتاب. ومن هنا يُلاحظ أن الباب الثالث هو حصيلة جمع معلومات كتابين يتحدثان عن نماذج في الأدب الإسلامي، وهما كتاب الأدب الإسلامي / محمد صالح الشطي، وكتاب من قصص القرآن لعلي محمد البيجاوي ومحمد أحمد جاد المولى ومحمد أبو الفضل إبراهيم. والجدير بالذكر أن الدكتورة أميرة النيل كانت أحيانا تشير إلى الكتب التي رجعت لها،وأحيانا تضيف أسماء مراجع في الحواشي، لكنها لم تعد إليها،وإنما نقلتها كماهي من الكتب التي أخذت منها، فقد كانت تنقل الصفحات كما هي.
وبعد هذه الجولة في محتويات الكتاب سننتقل بالقارئ إلى مراجع الكتاب،فعند النظر في قائمة المراجع لوحظ ما يأتي:
1-عدد المراجع 40 مرجعا،على الرغم من أن الكتب التي اعتمدت عليها كانت أقل بكثير، ولعلها أربعة:
1- نحو مذهب إسلامي في الأدب والنقد الدكتور محمد عبدالرحمن رأفت الباشا.
2- في الأدب الإسلامي قضاياه وفنونه الدكتور محمد صالح الشطي
3- قصص القرآن للدكتور علي محمد البيجاوي وآخرون
4- من قضايا الأدب الاسلامي لصالح أحمد بيلو.
2- كما لوحظ أن بعض الكتب تُكتب معلوماتها تامة، وبعضها يُقتصر فيها على اسم الكتاب والمؤلف، وعند العودة إلى مواضعها داخل الكتاب لوحظ أنها في الصفحات التي أُخذت عن كتاب عبدالرحمن الباشا،وعند العودة لهذا الكتاب عُرف السر في هذا التباين،وهو أن كتاب الباشا ليس فيه قائمة للمراجع التي أخذ عنها،وهي لم تكلف نفسها حتى عناء البحث عن بقية معلومات الكتاب التي تستطيع إيجادها بكل سهولة. وبإحصاء تقريبي للمنقول من الكتب الأخرى نلاحظ ما يأتي:
تبلغ عدد صفحات الكتاب 260 صفحة
تبلغ عدد الصفحات المنقولة من كتاب عبدالرحمن الباشا 86 صفحة.
تبلغ عدد الصفحات المنقولة في الباب الثالث 65 صفحة.
تبلغ عدد الصفحات المنقولة من الكتب الأخرى والمتفرقة في ثنايا الكتاب 24 صفحة. أي أن مجموع المنقول هو 176 صفحة ،وبذلك تكون الصفحات غير المنقولة هي 84 صفحة إذا حذفنا منها 11 صفحة هي المقدمة، وما قبلها أصبح مجموع المنقول 73، وإذا حذفنا من هذا العدد 6 صفحات هي الفواصل بين الأبواب والفصول سيكون نتاج هذا العمل أو الجهد -على حد تعبير الدكتورة في صفحة الإهداء- حيث قالت: أهديكم ثمرة جهدي (69) صفحة.فهل هي التي تعني بها ثمرة الجهد ؟
أما مقدمة الكتاب،وهي آخر ما كتب ففيها تُعّرف الأدب من وجهة نظرها،وتوضح الهدف من تأليف الكتاب،حيث تقول:» إن الأدب هو التعبير الصادق الرائع الجميل والتصوير النابض الحي للمجتمع،وأنه المرآة التي ينعكس عليها وجه الحياة.
والأدب يُعنى بفن الكلمة،ولمّا كانت الكلمة في عصرنا لم تضعف بل قوي جانبها واشتد،ومن هذا المنطلق كانت الدعوة إلى الأدب الإسلامي,.... وكان همي في هذه الدراسة التعرف على الأدب الإسلامي الذي يشمل معالم العقيدة الإسلامية الصحيحة،وأن أكون باحثة في هذا المجال ؛لأن للأدب الإسلامي أهمية في مجتمعنا الإسلامي،وأردت أيضا تجميع مفردات المنهج الدراسي لتخفيف العبء على طلاب العلم،وأيضا وضع معالم واضحة للأديب المسلم في كتابته للشعر والنثر الإسلامي.»
اجتزاء هذا النص من المقدمة لنوضح الآتي:
•اختلاف الأسلوب الذي كتبت به المقدمة عن الأسلوب المستخدم في متن الكتاب.
•وجود بعض الأخطاء الأسلوبية واللغوية مثل ( التعرف بالأدب الإسلامي ) و( أنه المرآة التي ينعكس عليها وجه الحياة) وغيرها.
•أسلوب المقدمة هو أسلوب انشائي بسيط لا يختلف عن أسلوب طالب المرحلة الثانوية.
•استخدام التعبيرات البعيدة عن المنهج العلمي في تعريفها للأدب ( التعبير الصادق الرائع الجميل)، وفي ذكرها للهدف من هذا البحث ( أن أكون باحثة؛ لأن للأدب أهمية عظيمة في مجتمعنا الإسلامي،وأردت أيضا تجميع مفردات المنهج).
ومما يلفت الانتباه في المقدمة كذلك ما يأتي:
1 - تقول في الباب الأول وضعت أسس نشوء المذاهب الأدبية وحاجتنا إلى أدب إسلامي،ونتساءل هنا كيف ذلك ؟ وهذا الفصل منقول حتى بحواشيه من كتاب د/ عبدالرحمن باشا.
2 - تقول:»وقد رجعت إلى مجموعة من الكتب والمراجع والمصادر كانت عوناَ لي في دراستي، وقد سجلتها في فهرست المراجع والمصادر» وكلمة سجلتها توحي بدلالات واضحة.
في ختام المقدمة تقول: «والله نسأل أن يجعل هذا الجهد المتواضع خالصا لوجهه الكريم،وأملي أن أكون وفقت في هذا العمل الذي لا أقصد فيه سوى البارئ سبحانه وتعالى،وأرجو منه الإثابة عليه.»
كلمات باتت ديباجة تملأ الكتب أكثر من كونها وعياً والتزاماً بالمعنى الحقيقي لها،وما يؤلم أكثر أنها في كتاب يحمل عنوان «رؤية حول الأدب الإسلامي» الذي يجعل الصدق أول مطالبه،في حين يتعارض واقع الطرح مع معناه،وما يؤلم أكثر أنها من أستاذة تعمل في جامعة عريقة كجامعة الملك فيصل.
إن مثل هذه الدراسات يجب أن تقابل بحملات جادة،ولا تقتصر تلك الحملات على الشهادات المزورة فقط، بل لابد أن تسعى للكشف عن الكتب المزوّرة،وبخاصة إذا كان أصحابها ممن ينهل أبناء الوطن منهم العلم،ويتشربون المبادئ والأخلاق.
***
فهرسة كتاب الدكتورة أميرة
الباب الأول: موقف الإسلام من الأدب
1-موقف الإسلام من الأدب من خلال الكتاب والسنة
2- لمحة عن أهم المذاهب الأدبية المعاصرة وتقويمها في ضوء الاسلام.
3-أسس نشوء المذاهب الأدبية وما يتوافر لدينا منها
4- حاجتنا إلى مذهب إسلامي منبثق عن مذهب أدبي واضح المعالم.
الباب الثاني: مجالات الأدب الإسلامي غاياته وتصوراته الاسلامية.
1- تحديد مفهوم الأدب الإسلامي
2- التصور الإسلامي للخالق عز وجل
3- التصور الإسلامي للإنسان
4- التصور الإسلامي للكون
5- التصور الإسلامي للحياة
الباب الثالث: الخصائص العامة للأدب الإسلامي
1- موقف الأدب الإسلامي من قضية الالتزام وحرية الأديب.
2- موقف الأدب الاسلامي من الفنون الأدبية
3- نماذج مختارة من الأدب الإسلامي.
***
فهرسة كتاب الدكتور عبدالرحمن الباشا
1-موقف الإسلام من الأدب بعامة ، ومن الشعر بخاصة وذلك من خلال الكتاب والسنة
2- أهم المذاهب الأدبية عند العرب
وموقف الإسلام منها
3- المذهب الأدبي الذي نسعى له
4-التصور الإسلامي للخالق عز وجل، ومخلوقاته.
أ- التصور الإسلامي للخالق عز وجل.
ب - التصور الإسلامي للكون
ج- التصور الإسلامي للإنسان.
5- الخصائص العامة للأدب الإسلامي والمميزات التي تميزه عن الآداب الأخرى
6- قضية الالتزام في الأدب
7-حرية الأديب
8-موقف الأدب الإسلامي من مسألة القضاء والقدر في الأعمال القصصية والمسرحية وغيرها.
9-أخلاقية الأدب الإسلامي وموقفه من تصوير الشر والرذيلة.
10 – موقف الأدب الإسلامي من العلاقة بين الجنسين.
11- القصة الإسلامية.
12 – المسرحية الإسلامية
13- نموذج من المسرحيات الإسلامية
أ. مريم محمد الشنقيطي
أ.خلود جرمان الدغيلبي
ماجستير أدب ونقد جامعة الملك سعود.