يعرف كلنا أن لكل ثقافة مكونات حيوية فاعلة وكامنة, كالفنون بتفريعاتها, والآداب, والأساطير, والقصص الشعبية, إلى الصورة التقنية الجديدة. إلا أن لكل مكون من هذه المكونات قواعد تؤسس له أو هو بالضرورة قائم بها.
كالقصيدة التراثية مثلاً وقواعدها ومحدداتها التي لا تقبل التنازل, وكذا بعض الفنون واتكاؤها على مدارس معينة.
حتى في الآداب الشعبية في أي حضارة أو ثقافة لها قواعدها التي لا تنفصل عنها أيضاص! ومع هذا ومع أن لكل قاعدة استثناء أوحياداً ما, إلا أنه يوجد ما بين القاعدة واستثناءاتها, أنواع من الفنون الجديدة, فظهر في الأدب أنواع مبتكرة مشتقة من فعل الحياة في طريقتها وتركيبها من الفنون الصغيرة إن - صحت عبارتي- كظهور النص البصري الذي لا ينتمي لأي من قطع كعك الأدب, والذي يتعمد بعضه إلى مسافة ما تِكنيك الـ (punctuation) وتوزيعها داخل النص, وكذلك بعض الفنون الأخرى كالتصوير, واستخدام ومزج تقنيات متعددة كانت غير ممكنة أو متاحة (قاعدياً) سالفاً.
وكذا الرسم وما ينضوي إليه من التوزيعات الحرة غير المربوطة إلى جذع تأطير ما, إنما هي جمال وإمتاع حقيقي مدهون برؤية متزنة وعميقة.
وأجدني كثيراً إلى صف هذه الكائنات (الصورة والنص واللون الرؤيوي خارج التصنيف) والتي تعيش وتتحرك بمثابرة بين القاعدة والاستثناء, لخلق مساحات للركض المبهج باتجاه الجمال المحض, وممارسة الاختلاف المدهش, إلا أن رهاناتها هي أن تكون فقط ذات رؤية نافذة طويلة الأبعاد, متاحة التأويل في آن معاً, فما إن تُحقق هذه النقاط أرى أنها ستحيا برفاهية وستؤدي مَهمة ثقافية إنسانية فاخرة, وإن بدت صغيرة أو جديدة على أن تنوء بحمل رسالة, أو إضاءة طريق جديدة.
الرياض