تقديم: نكمل اليوم هذه الترجمة لمقالة الكاتبة الأمريكية كلوديا سميث، والمعروفة بمناهضة الحركة النسوية المتطرفة. وقد نُشرت مؤخراً في مجلة (صالون دوت كوم). وقد حاولنا تبسيط هذه المقالة قدر الإمكان وقللنا من طابعها شبه الأكاديمي حتى تصبح سلسلة وسهلة للجميع، حيث وضعنا كلمات إنكليزية بين قوسين، كذا سميث (Smith)، لكي تحيل القارئ إلى قائمة المراجع والمصادر الموجودة في نهاية المقالة الأصلية وهي القائمة التي حذفناها لضرورة الاختصار وصعوبة نشرها صحفيا، ولأننا نظن أنها لا تهم القارئ العادي.
المرأة أسوأ من يقود السيارة
وفي عام 2010، توصل باحثون من جامعة ولاية ميشيغان الأمريكية بعد دراسة وتحليل بيانات أكثر من 20.000 حادث على الطرق الأمريكية على مدى فترة تقارب الـ 20 عاماً إلى استنتاج وصفوه بالمذهل: «السائقات الإناث أكثر عرضة لصدم سيارة أخرى تقودها امرأة من صدم سيارة يقودها رجل. والرجل هو أقل احتمالاً مما كان متوقعاً لعمل حادث مع رجل آخر» ووصف رئيس فريق البحث البروفيسور مايكل سيفاك، من معهد أبحاث النقل والمواصلات في جامعة ميشيغان هذا الاستنتاج بـ «المذهل» عند نشر نتائج تلك الدراسة في مجلة منع الإصابات المرورية (Traffic Injury Prevention Journal) . وقال سيفاك في مقابلة مع تلفزيون آي بي سي (ABC): إن هذه النتيجة تثبت وجود عنصر تفاعل جندري في حوادث السير. وهذه النتيجة تؤكد وترسخ الفكرة القائلة إن المرأة - في الغالب - لا تنتبه جيدا أثناء القيادة وبالتالي لا تمارس «القيادة الدفاعية» (Defensive Driving)؛ وربما تشير أيضاً إلى بطء رد فعل المرأة الفطري. وإذا كان الرجال يستطيعون تجنب الحوادث أكثر من النساء، فيجب أن يكون عندهم سمة آلية تساعدهم على ذلك مثل الحيوية والنشاط الزائد والقدرة على الانتباه على مدى أكبر من النساء. ولكن هذه صفات «جوهرية طبيعية» لأنها سمات ذكورية «فطرية»، وبالتالي لا يمكن تعليمها للنساء. ونتيجة لذلك، نواجه الوضع الحالي على الطرق حيث تنشغل النساء عن الانتباه أثناء القيادة بسهولة أكثر، وتصبحن بالتالي أكثر عرضة للحوادث، في حين أن هذه الإحصاءات تشير إلى أن الرجال، في المقابل، ينتبهون إلى ما يحيط بهم وإلى السائقين من حولهم، ما يعني أن سياراتهم تدخل في تصادم بنسبة أقل من ذلك بكثير. وباختصار، فإن هذا الاستنتاج الطريف من جامعة ولاية ميشيغان الأمريكية، يعني أن المرأة هي أكثر عرضة لعمل حادث مع امرأة أخرى من الرجل، ولكن الرجل هو أقل عرضة مما كان متوقعاً لعمل حادث مع رجل آخر. ولكن البحث للأسف لا يفسر السبب وراء هذه النتيجة المدهشة .(DYE)
كذلك، وجد الباحثون في جامعة جونز هوبكنز عام 2009، أن النساء السائقات تعملن حوادث سير أكثر قليلاً من الرجال، ولكن الفرق لم يكن عظيماً (5.1 حادث لكل مليون ميل للرجال ، مقابل 5.7 حادث لكل مليون ميل للنساء). كما وجدت الدراسة نفسها أن القيادة في منطقة غريبة خارج المنطقة التي يعيش فيها السائق، تؤدي إلى زيادة نسبة الحوادث. وقد ثبت ذلك في ولايات أمريكا الـ 50 كافة (DYE).
دراسة أخرى هامة للغاية أجريت مؤخرا في جامعة غيسن الألمانية، أظهرت أن مهارة القيادة ترتبط بـالهرمونات. وعلى وجه التحديد، ترتبط القيادة الجيدة بإنتاج وحيازة هرمون تستوستيرون (Testosterone)، وهو الهرمون المسؤول عن كافة صفات الذكورة في الرجل. هرمون موجود لدى الرجال أكثر من النساء؛ فقد وجد فريق من العلماء الألمان أن عدم وجود هرمون التستوستيرون يؤثر على الإدراك المكاني(Spatial Awareness) (أو الإدراك الحيزي/الفضائي).
الدكتور نيك نيف، من جمعية علم النفس البريطانية يقول: «المهارات المكانية هي القدرة على تقييم وتحديد الأشكال والمساحات والفضاءات. تحديد الاتجاه وقراءة الخرائط وإتقان إيقاف السيارة في موقف تعتبر من أهم المهارات المكانية»، والتي يؤكد دائماً الكثير من الرجال أن النساء تفتقدن إليها. ومهارة «الإدراك المكاني» أمر حاسم بالنسبة إلى حسن القيادة؛ فالإدراك المكاني يتضمن استيعاب موقع الأشياء بالنسبة إلى بعضها البعض، وبالنسبة للقيادة يعتبر الإدراك المكاني أمراً حاسماُ للحفاظ على أمن السائق والركاب. ولأن الإدراك المكاني يرتبط بهرمون التستوستيرون الذكوري، فمن الواضح والمؤكد أن المرأة لا يمكن أن تمتلك مهارة مكانية جيدة مثل الرجل لأن لديها كمية أقل من هذا الهرمون، ما يعني أن المرأة أسوأ من الرجل في الحكم على المسافات، وكذلك في قراءة خريطة الطريق الملاحية: وهما عنصران حاسمان للقيادة الجيدة. ووجدت الدراسة الألمانية أن الرجال هم أفضل في استيعاب الأشكال الثلاثية الأبعاد وكذلك التفكير الثلاثي الأبعاد. وبالتالي فإن استيعاب بعض عناصر القيادة الجيدة مثل إيقاف السيارة بسهولة وغيرها من المهارات المكانية يكون أصعب للنساء من الرجال (BBC).
والمثير أن الدراسة السالفة، درست بعض الخصائص الفيزيائية ووجدت أن بعض النساء اللواتي تملكن نسبة من هرمون التستوستيرون مقاربة للرجل، كانت نتائجهن أفضل بكثير من النساء العاديات في كل من الإدراك المكاني وغيرها من التجارب التي حصلت على مدار الدراسة (BBC).
إضافة إلى ما سبق، فإن علماء النفس في كلية كوين ميري بجامعة لندن، أجروا بحثاً في عام 2008، دلت نتائجه أن قيادة السيارة في بيئة غريبة عن السائق (أي خارج منطقة سكن وعمل السائق/السائقة) أكثر صعوبة للنساء من الرجال. وأشارت نتائج البحث، إلى أن النساء تعتمدن كثيراً على اتباع المعالم والإرشادات المحلية (Local Landmarks) لكي تتعرفن إلى الطريق، بينما يستطيع الرجال بسهولة حفظ واستيعاب المعلومات المكانية (Spatial Information) في ذاكرتهم (بعد رؤية أو تخيل الخرائط أو معرفة موقع الشمس مثلاً). وقال المشرف على الدراسة الدكتور قاضي رحمان: «الرجال جيدون في استخدام العلامات أو الأشكال الهندسية، ليعرفوا الاتجاه المطلوب (الشمال أو الجنوب مثلاً)، أي أن لديهم فهم أفضل عن الاتجاه الواجب السير فيه من دون تشوش، كما يمكنهم أيضاً الاستفادة من العلامات المحلية لتحديد الاتجاه كذلك». ولكن النساء تستغرقن وقتاً أطول في التفكير في كيفية الوصول إلى وجهتهن، ما يدفعهن إلى ارتكاب أخطاء مكانية أكثر بخصوص الاتجاه الصحيح، ما يزيد من التوتر وبالتالي احتمال وقوع حوادث. أي أنهن – بعكس الرجال – تحتجن إلى المزيد من المعالم المحلية الغنية لمعرفة والتأكد من الاتجاه (Radford).
ودلت دراسة قام بها أساتذة قي قسم علم النفس في جامعة لندن، أن النساء تواجهن صعوبة أكثر من غيرهم عند القيادة في بيئة غريبة عنهن، بسبب هذه الاختلافات الواضحة في القدرة على الإدراك المكاني. ولذلك من الواضح أن هذه الصورة النمطية أن المرأة سائقة سيئة لها بعض الأساس في الواقع، وليس في الخيالات والحكايات الشعبية فحسب (Radford).
وعندما تكبر النساء، لا تختفي مشاكلهن مع القيادة. بل في الواقع، قد تسوء قيادتهن كما تؤكد بيكر (Baker)، ما يجعل البقاء على الطريق أكثر خطراً للنساء من الرجال من الفئة العمرية نفسها وتحت الظروف نفسها. ووفقاً لإحدى الدراسات العلمية الحديثة، فإن السائقات المسنات أكثر عرضة لعمل حوادث من السائقين المسنين، وهذه العلاقة السببية ثبت صحتها حتى عندما يكون السائقين ذكوراً وإناثاً يشهدون ظروفاً جيدة أثناء القيادة من حيث الطقس والرؤية (Baker).
ويمكن للمرء بالكاد أن يحاول تخيل مقدار سوء قيادة السائقات المسنات تحت الظروف البيئية والمناخية السيئة: لا شك في أن الاختلاف بين الجنسين من شأنه أن يزيد بشكل دراماتيكي في هذه الظروف. وتشير دراسة أخرى إلى أن النساء تضعف يقظتهن عندما يقدن وهن يشعرن بالنعاس بصورة أكثر بكثير من الرجال في الظروف نفسها. في هذه الحالة السائقات تسببن مشاكل مضاعفة: في الحقيقة، هؤلاء السائقات تصبحن أكثر ضعفاً في القيادة من السائقين الرجال الذين يخضعون للشروط نفسها، وفقاً لدراسة علمية لمركز أبحاث النوم في جامعة لونغبرو (Barrett).
كما يمكن لبعض التصرفات الخاصة بالمرأة أن تسبب مشاكل على الطريق. وأهم هذه التصرفات هو عملية وضع الماكياج أثناء القيادة، ففي بريطانيا وحدها وبحسب شركة دايموند البريطانية للتأمين في الإستبيان الإحصائي الذي قامت به عام 2009، على 4.000 سائقة بريطانية تقريباً؛ تسبب عملية وضع الماكياج أثناء القيادة ما يقرب من نصف مليون حادث سنوياً من قبل النساء، كما إن أكثر من خمس (20 في المئة) السائقات البريطانيات اعترفن باستعمال الماسكرة (Mascara) دائماً لتجميل رموشهن أثناء القيادة (Crowley). هذه مشكلة خطيرة وكبيرة وفريدة وخاصة بالسائقات النساء، ولا يمكن التقليل من خطورتها وبالتالي يصبح جواب السؤال عن الجندر الأفضل قيادة للسيارة: الرجل أو المرأة سهل المنال (Crowley).
وعلى كل حال وبناء على ما سبق، فمن الواضح الآن أن الرجال أفضل من النساء في قيادة السيارة. وفي حين يعتقد البعض أن العكس هو الصحيح، فإن هذا الاعتقاد الخاطئ يعود – كما شرحنا- إلى بيانات التأمين المضللة ظاهرياً. وتبين نظرة فاحصة لتلك البيانات أن النساء هن أكثر عرضة لعمل حوادث سيئة ذات تكلفة باهظة، وأنهن بالتالي يكلفن شركات التأمين مقداراً أكثر من المال وليس أقل، حتى لو كن أقل تقديماً للمطالبات. تلك الحوادث التي تتعرض لها النساء السائقات تحدث مهما كانت الظروف، بما في ذلك للسائقين المسنين؛ فالمرأة ضعيفة في القدرة على تتبع مسار الرحلة وغيرها من مهارات القيادة الحاسمة التي تنطوي على الإدراك المكاني، وذلك لأن التصور المكاني – كما أسلفنا - يرتبط مباشرة بكمية هرمون التستوستيرون. وعلاوة على ذلك، فإن النساء المتعبات واللاتي تشربن قليلاً، تتأثرن أكثر بكثير من الرجال في هذه الضغوط السيئة نفسها.
مع كل هذه الأدلة، فمن الواضح أن الرجال هم أفضل قيادة من النساء، وأن المرأة لا تملك بعض الإمكانيات الجوهرية لتفعل الأشياء التي تستلزم القيادة (أي مثل هرمون التستوستيرون). هذه النتيجة ليست بياناً عنصرياً للتمييز بين الجنسين، ولكنها مجرد حقيقة علمية تدعمها الأدلة في العديد من الدراسات التي درست قيادة المرأة من زوايا مختلفة. بعض الدراسات المذكورة أعلاه حاولت إثبات أن المرأة كانت أفضل من الرجل في قيادة السيارة، ولكن هذا الهدف لم يُتمكن من تحقيقه؛ فمن الواضح من الأبحاث التي تم القيام بها على أعلى مستوى علمي، أن الرجال أكثر مهارة من النساء في قيادة السيارة من النواحي كافة. وهذه «الحقيقة» تجعلني أفهم لماذا أكره قيادة السيارة كما أسلفت في افتتاحية المقالة، ولماذا أطلب من صديقي أن يقود سيارتي عندما نخرج معاً. وربما تزيل هذه «الحقيقة» بعض الدهشة حول ما كتبه بروفيسور علم الاجتماع في جامعة ولاية واشنطن بيبر شوارتز، بأنه في «9 من كل 10 أسر من التي تعرف نفسها بأنها «نسوية» ، فإن الرجل يقوم بقيادة السيارة معظم الوقت عندما تكون زوجته معه في السيارة».
Hamad.aleisa@gmail.com
المغرب