كعادته علي المقري الجرأة هي عنوانه، لا يحب المواربة ولا التلميع فجاءت أعماله امتدادا للواقع اليمني والعربي بكل أطيافه المتنوعة..
«كل الأيام فاطمة»
هكذا ابتدأ المقري روايته الساحرة بنظري لترمز لشّدة هذا الحب وحرمته دينيّاً واجتماعياً وما سيخلفه من ألم بكل من يحيط به.. لكنه واقع ولذلك سمي «حبا» فالحب لا يمكن التنبؤ به.. فاطمة هي محور الرواية فتاة مسلمة والدها «مفتي» تتكفل بتعليم سالم ابن قريتها الفتى اليهودي القراءة والكتابة.. ولم يعلم لا والد فاطمة ولا أهل سالم أن التعليم سينشئ معه حبا كبيرا..
كانت تقرأ عليه القرآن والفقه الإسلامي وكتب علم الفلك والطب! «من أين أنتم؟ سألني حسين ونحن نلعب أمام دكأّن أبيه، المجاور لمحل أبي.
قلت له: أنا من ريده.. من هذي البلاد.
صاح: مش حق أبوك.. هذي بلادنا.. أنت يهودي كافر!
قرر فاطمة المسلمة وسالم اليهودي الهرب والزواج في أرض ثانية، لمعرفتهما أن مصيرهما اذا كشف هو القتل، وكأن الهروب هو نهاية القصة!
أثمر زواج فاطمة بسالم ابن (سعيد) الابن الذي لا دين له.. فالديانة اليهودية تنسب الابن لأمه.. والدين الاسلامي ينسب الابن لأبيه..
هنالك نقاط مهمة تناولها المقري في روايته كمصير أبناء الزواجات المختلطة التي يخسر بها الأبناء غالباً..
وتناولت التفاصيل الصغيرة عندما قرر سالم أن يعتنق الدين الإسلامي..
تساءلت وأنا أستعيد الكلام المذل الذي سمعته مئات المرات، فلا ينطق اسم اليهودي الاّ بعد الدعاء للمخاطب بالقول:»اعزكم الله». «كل همه كان تغيير اسمي, والتأكد من ختاني أو تجديده، وقص زناّري، وحفظ اسم المذهب الذي سأصبح تابعاً له».
ورغم كل الاختلافات التي يمكن ان تواجهها مع الكاتب الاّ انه لامس الحس الانساني لدى القارئ بعيداً عن السياسة والدين واستطاع المقري بكل احترافية ان ينقل لنا صورة اليمني اليهودي وصراعه الاجتماعي اليومي في المجتمع الإسلامي اليمني.. ليس تعاطفاً كما يمكن أن يتصوره بعضهم ولكن تصوير دقيق لمرحلة تاريخية، لكن من الجانب الانساني بكل تجريد..
مخرج..
«لم أعرف ماذا تعني كلمة كافر. أعرف، فقط أنني يهودي، الأطفال الذين ليسوا من حيّنا، جميعهم ينادونني يا يهودي.
والكبار منهم يصفون سكّان حيّنا باليهود. رأيت الامر سهلاً، ظننت انني يهودي نسبة إلى اسم الحي، ليس إلاّ!