صدر هذا الكتاب عام 1415هـ عن مطابع شركة الصفحات الذهبية في حين تورد المؤلفة أن هذا الكتاب في مادته الأصلية بحث أنجز عام 1404هـ والكتاب هو دراسة فنية حول مسرحة التراث في الأدب المسرحي السعودي وليس تأريخاً للمسرح وإن كانت قدمت مقدمة تاريخية قصيرة إلا أن المؤلفة تؤكد في هذه المقدمة على أنها لا تسعى لتأريخ المسرح السعودي حيث تقول: (ولست هنا في مجال التأريخ لتطور المسرح وحركته خلال الثلاثين سنة الأخيرة فالفجوات كثيرة والمصادر الراصدة لهذا التطور منعدمة، كما أني في هذا البحث لا أؤسس لدور المسرح وفرقها وفن الإخراج والتمثيل فيها، وإنما يتوجه بحثي هذا إلى النص المسرحي، وإلى الأدب المسرحي..). لكنها تعطينا رصداً وتوثيقاً لحركة النشر المسرحي السعودية مبينةً أن أوائل المسرحيات السعودية التي نشرت كانت منشورة خارج المملكة بل وبعضها كتب خارج المملكة حيث أن حسين سراج أصدر مسرحيته (الظلم نفسه) في الأردن عام 1352هـ - 1932م ثم أصدر مسرحيته الثانية (جميل بثينة) عام 1363هـ - 1942م في الأردن أيضاً، جاء بعده أحمد عبد الغفور عطار ليصدر مسرحية الهجرة عام 1366هـ - 1946م، ثم غرام ولادة لحسين سراج 1372هـ - 1952م، بعدها مسرحية العم سحتوت لعبدالله عبد الجبار 1374هـ - 1954م ومسرحيته الأخرى الشياطين الخرس , بعد ذلك يكتب إبراهيم الناصر الحميدان مسرحيته (متهم) في عام 1382هـ - 1962م، يليه عصام خوقير حينما أصدر مسر حية (في الليل لما خلي) عام 1389هـ - 1970م، بعدها ينشر محمد العيد الخطراوي مسرحيته (المقامة الدينارية) عام 1396هـ - 1976م ثم عبد الله بوقس حينما أصدر مسرحيته (عمر بن عبد العزيز) 1397هـ - 1977م ومسرحيته الثانية (المتنبي) عام 1400هـ- 1980م. وفي عام 1401 هـ - 1981م يصدر حمد بكر العليان مسرحية (الشيح الأسير)، وفي نفس العام يصدر حسين سراج مسرحيته (الشوق إليك) 1402هـ - 1982م ثم تصدر جمعية الثقافة والفنون ثلاث مسرحيات مطبوعة في كتاب واحد عام 1403 هـ - 1983م. لكنها لم تذكر أسماء تلك المسرحيات وهي: (آخر المشوار لعبد الرحمن الشاعر، بيت من ليف لناصر المبارك، مين يكمل التاني لمحمد رجب) وقد صدرت في كتاب تحت عنوان مسرحيات من المسرح السعودي.
وتشير الكاتبة إلى صعوبة البحث في مجال رصد ما نشر من مسرحيات خصوصاً ما نشر في الصحف والمجلات الأمر الذي يتطلب فريق عمل وليس عملاً فردياً، لكننا نعيب على المؤلفة أن البحث قد أنجز عام 1404 هـ ونشر عام 1415هـ أي بعد حوالي عشر سنوات لم تسع المؤلفة إلى إضافة ما استجد من صدور نصوص أو دراسات خلال تلك الفترة الأمر الذي يعطي انطباعاً خاطئاً عن حركة النشر المسرحي التي تمت خلالها وخصوصا ما أصدرته الرئاسة العامة لرعاية الشباب من نتاج مسابقاتها المسرحية. يلي هذا القسم من الكتاب القسم الأهم وهو الدراسة الفنية حول مسرح التراث في الأدب السعودي حيث تقول: (اهتم بعض الأدباء السعوديين بالتاريخ والتراث وكتبوا في المسرح التاريخي منذ وقت مبكر. مشيرة إلى حسين سراج، وأحمد عبد الغفور عطار وحمد العليان، ومحمد العيد الخطراوي وتشير إلى أن هذه المسرحيات من التاريخ العام وليست من التاريخ المحلي، وهي لا تتناول عصراً معيناً، أو حدثاً تاريخياً كبيراً مشتركاً، إنما تتناول إما شخصيات تاريخية، وإما نصاً أدبياً تراثياً. وقد صنفت المؤلفة ما اجتمع لديها من نصوص في مجموعتين هما:
1 - المجموعة الأولى مسرحة النصوص الأدبية التراثية ومنها مسرحية الشيح الأسير لحمد العليان، ومسرحية المقامة الدينارية لمحمد العيد الخطراوي.
2 - المجموعة الثانية مسرحيات الشخصيات التاريخية ومنها مسرحية (عمر بن عبد العزيز) و(المتنبي) لعبدالله بوقس، و(غرام ولادة) لحسين سراج.
بعد ذلك تنتقل لتقديم قراءة نقدية لهذه المسرحيات كل واحدة على حدة، وتخلص في نهاية بحثها وفق ما توفر لها من نصوص أخضعتها للدراسة النقدية أن التعامل الأمين للكتاب مع التراث أنتج عملية تكرار لكتابة التراث نفسه لدى أصحاب الاتجاه الأول (النص الأدبي التراثي) دون أن نحس إبداعاً أو أصالة بينما أنتج هذا التعامل المخلص مع التاريخ لدى أصحاب الاتجاه الثاني (الشخصيات التاريخية) جهوداً تجميعية كيفما اتفق لأخبار وحوادث مختلطة فكانت العملية أشبه ما تكون بجهود التأليف في فن السيرة للشخصيات التاريخية، بل وحتى عملية تكرار كتابة التاريخ لم تصل إلينا بشكل موفق كما وصلت إلينا مع أصحاب الاتجاه الثاني، إلا لدى حسين سراج في مسرحية (غرام ولادة) التي ترى أنه تعامل مع الوقائع التاريخية تعاملاً فيه شيء من ذات الكاتب وانعكاس مشاعره على عمله الفني، إذ قلب شخ صية ولادة وعكس الأحداث وتصرف في شخصيتها وفي النهاية التاريخية وجعلها خاتمة مفرحة سعيدة. وتضيف إلى أن القالب الذي وصل إلينا فيه هذا التعامل مع التراث بشكل عام كان قالباً رديئاً في معظم المسرحيات، من ناحية فنية العمل المسرحي وشروطه، إذ جاءت الأبنية المسرحية مفككة مهلهلة، وغاب الحدث الموحد، وانتفى عنصر الصراع، واختفت الأهداف والفكر الرئيسية وجاء رسم الشخصيات ضعيفاً مهلهلاً.