كنت قد تحدثت في مقال سابق عن استقلالية الأندية الأدبية وكيف تجعلها اللائحة المعدلة ضرباً من الوهم في ظل ما تنزعه التعديلات الجديدة من صلاحيات كانت للأندية لتمنحها للوزارة وتجعلها صاحبة السلطة والقرار في الأندية. وسأتحدث الآن عن الجمعيات العمومية في اللائحة المعدلة؛ تكوينها ومهامها وآلية عملها وما تحفل به النصوص من إشكاليات على مستوى الشكل والموضوع.
تكوين الجمعية العمومية:
يحتاج المتقدم لعضوية الجمعية العمومية عشرين نقطة فقط من نقاط استمارة العضوية حسب ما جاء في نص المادة6 في شروط العضوية العاملة في اللائحة المعدلة، ويمكنه الحصول عليها حسب معايير استمارة العضوية (على سبيل المثال) بمشاركة في نشاط إعلامي وحيد متعلق بالأدب (5 نقاط) وإدارة محاضرة واحدة (5 نقاط) ومشاركة في تنظيم نشاط أدبي (5 نقاط) بالإضافة إلى مؤهلة العلمي الذي يصل (10 نقاط) وذلك كاف لعضوية الأندية الأدبية، وليس مهماً أن يكون صاحب نتاج إبداعي. هذه الحالة من التساهل أو (اللا شروط) في العضوية سيجعل الجمعيات تحفل بكم من الأعضاء ليسوا أصحاب علاقة مباشرة بالأدب والثقافة، وقد يطغى عددهم على الأدباء والمثقفين. ووجود مثل هذه الشريحة في الجمعية هو تشويه لتكوينها، له أثره السلبي على قراراتها حتى وإن كانت هذه الشريحة أقلية، فكيف سيكون الحال إذا كانت لها الغلبة؟
مهام الجمعية العمومية :
حسب ما جاء في « المادة 15» من اللائحة المعدلة : «الجمعية العمومية هي التي تشرف على ما يرسمه مجلس إدارة النادي الأدبي من سياسات وتراقب تطبيق لوائحه وتنفيذ برامجه ونشاطاته» ومن المعلوم أن الجمعية تؤدي مهامها من خلال اجتماعاتها، تلك الاجتماعات التي يرأسها رئيس المجلس المراد الإشراف عليه! ويعد جدول أعمالها المسئول الإداري في المجلس المراد الإشراف عليه! حسب نص المادة 29 من اللائحة المعدلة في مهام الرئيس والمسؤول الإداري. وبهذه الآلية يكون المجلس هو المشرف على الجمعية وليس العكس. وأقل ضرر لهذه الصياغة أنه لن يتحقق إشراف فعلي للجمعية على المجلس. هذا على مستوى شكل الاجتماعات أما على مستوى موضوعها فالجمعية تجتمع اجتماعاً عادياً واحداً في الموسم مع إمكانية الاجتماع الاستثنائي عند الحاجة وفق شروط تحددها اللائحة، ما يهمّنا هنا هو برنامج الجمعية في هذين الاجتماعين حسب نصوص اللائحة «المعدلة».
وفق المادة (18) منها / برنامج (الاجتماع العادي) للجمعية العمومية، تنظر الجمعية في المسائل التالية: تقارير مجلس الإدارة عن أعماله خلال السنة المنتهية وخطط العام الجديد ـ الحساب الختامي للسنة المنتهية والمصادقة عليه وإبراء ذمة المجلس ـ اقرار اللوائح الداخلية المقترحة من المجلس ـ انتخاب أعضاء مجلس الإدارة ـ انتخاب منسق للجمعية ـ اقتراحات الأعضاء ـ الموافقة على تعيين مراجع حسابات قانوني.
هذه المهام لكي تتحقق هي بحاجة لآليات، وهو مأزق نصوص اللائحة، ويتجلى ذلك في الآتي:
* «تنظر» تعني أن الجمعية توافق أو لا توافق على هذه المسائل، ولا يوجد في اللائحة ما ينص على آلية إجرائية لحالة عدم موافقة الجمعية على التقارير أو الخطط أو الحسابات، وسيجد الأعضاء أنفسهم في مأزق البحث عن مخرج في حالة عدم الموافقة... ولا يوجد أيضاً في نصوص اللائحة ما يفرض عرض هذه التقارير بوقت كاف قبل الاجتماع، كما هو الحال مع جدول الأعمال المنصوص على تزويد الجمعية به قبل عشرة أيام من الاجتماع (المادة17). والتقارير هي صلب الجدول والأهم منه، وهو ما يوحي أن دور الجمعية والمطلوب منها هو أن تقول نعم.
* مسألة الانتخاب/ ليس من المنطقي وضع الانتخابات ضمن برنامج الاجتماع العادي إذ من المستحيل أن تنتخب أعضاء مجلس الإدارة وتطلب منهم في ذات الاجتماع برامج وخطط وميزانيات العام، وليس من المنطقي أيضاً عقد اجتماعين عاديين أحدهما للانتخاب والآخر للخطط في موسم واحد، خصوصاً إذا كانت اللائحة تنص على أن الجمعية تجتمع مرة واحدة كل عام (المادة 17).
* «منسق الجمعية» (المتبرع الوحيد في الأندية) والذي يُنتخب دون صلاحيات أو آليات عمل توضحها اللائحة، ويكمن دوره في (تقديم طلب عقد اجتماع استثنائي) الموقع من ربع الجمعية لمجلس الإدارة كما ورد ذلك في (المادة 22) إن حصل هذا الطلب. ويا لها من مهمة محترمة ولا يمكن الاستغناء عنها!.
وفق المادة (23) من ذات اللائحة / برنامج (الاجتماع الاستثنائي) للجمعية العمومية، تنظر الجمعية العمومية في الاجتماع الاستثنائي بما يلي: الموضوعات التي عقد الاجتماع من أجلها الواردة في خطاب طالبي الاجتماع ـ إلغاء قرار من قرارات مجلس الإدارة أو تعديله ـ ما يحال من الوزير .
* الفقرة الثانية «إلغاء قرار... أو تعديله) أجدها من ترف النصوص في اللائحة المعدلة وهي متضمَّنة في الفقرة الأولى، فمن الطبيعي أن يكون إلغاء قرار أو تعديله موضوعاً لعقد الاجتماع، وقد جيء بها د ون حاجة لها للقول بأن للجمعية العمومية صلاحية إلغاء وتعديل قرارات المجلس وهو ما أراه شيئاً من الوهم أو الإيهام إذ كيف يمكن للجمعية أن تلغي قراراً لمجلس الإدارة أو تعدله وهي لا تعلم عنه شيئاً؟ ولا يوجد في نصوص اللائحة المعدلة آلية تمكن الجمعية من الاطلاع على قرارات المجلس.
* أما ما يحال من الوزير فلا أظن أن هناك حاجة لمثل هذا النص في غير الدعوة للانتخابات التي وضعت في برنامج الاجتماع العادي، وهذا النص إكمال لمسيرة وصاية الوزارة على النادي بجمعيته ومجلسه، وحسب النصوص في اللائحة الأساسية المعدلة فالوزارة هي التي يخضع النادي لإشرافها (المادة2) وهي التي تراقب اجتماعات الجمعيات العمومية (المادة17) وهي التي تمنح عضوية النادي (المادة10) وهي التي تنهي العضوية (المادة11) ويرفع لها مجلس الإدارة تقارير إدارية ومالية نصف سنوية (المادة29) لا تتهيأ هذه التقارير للجمعية، وهي المرجعية الوحيدة عند الخلاف بين النادي وأعضائه (المادة38)... ولكون الوزارة المشرفة على النادي والمرجعية الوحيدة لأعضائه فهي ليست بحاجة لآليات منصوص عليها تقيدها وتحد من وصايتها المطلقة على الأندية بعكس حاجة الجمعيات الملحة لما يترجم صلاحياتها الموهومة والمحددة بظرف زمني والمحدودة جداً مقارنة بصلاحيات الوزارة.
ويكتمل وهم الجمعيات العمومية في أن يكون لها صوت حقيقي ومحترم في اتخاذ أي قرار فعلي في الأندية بعدم الاطمئنان للطريقة التي تجري بها ممارستها لحقها في انتخاب مجلس الإدارة، والتجربة تقول إن ذلك الحق اغتالته الريبة بسبب آلية التصويت الإلكتروني التي نفذت بها الانتخابات السابقة، وصدر حكم قضائي ببطلانها في أحد الأندية. وأرى أن هذه الانتخابات ستحفل أيضاً بشكوك أكبر في ضوء آلية العضوية الجديدة ولائحة الانتخابات المعدلة والتي هي بحاجة لمقال منفرد.