بعد ثلاث تجارب سينمائية وصفها العديد من النقاد بالناجحة والملفتة في بابها، يصدر للكاتب والمخرج السعودي عبدالرحمن عايل، روايته الأولى «قبل أن تخون الذاكرة» عن دار طوى.
فكان لـ«الثقافية» الحوار التالي:
* كيف تريد أن تقدم هذا العمل من خلال عرضنا الصحفي الذي سيكون في هذا الحوار... أحداث العمل .. أين وكيف كانت؟ وهل تمانع تقديمه كتجربة أو سيرة ذاتية أو قصة مستوحاة من تجربة حقيقية؟
- أقدّمه كسيرة روائية لا هي حقيقة ولا خيال!
* هذه دبلوماسية أدبية لا تلام عليها لكن حدثنا عن القصة نفسها أين دارت؟ وما هي الأحداث؟
- القصة تحكي أحداثا على لسان الراوي حدثت بين مدينة الرياض ودمشق وأبو كمال والقائم بالعراق ثم العودة إلى الرياض مرة أخرى.
* بتاريخ متى؟
- الفصل الأول من 2003 إلى 2006 والثاني من 1999 حتى 2002 والأخير من 2006 حتى الآن كتبت على طريقة الفلاش باك، ولم أتقيد بالتسلسل الزمني للأحداث.
* بما أنك تشتغل في ميدان السينما، وقدمت نفسك كمخرج سينمائي من خلال أكثر من عمل سينمائي مثل «نكرة» ، و»غزو» و»نحو الجنوب» الذي هو رواية أصلا للروائي طاهر الزهراني, لماذا لم تقدم هذا العمل فيلما سينمائيا؟ لماذا كتبته رواية؟
- أعتبر هذا العمل نصا بإمكاننا تحويره سينمائيا هناك نقاط تماس مابين النص السينمائي والنص الروائي أعتقد أني هنا كتبت كثيرا بعين المخرج. ولو أردت إخراج هذا العمل كفيلم لاحتجت لميزانية ضخمة جدا لكن لتوفير هذه الميزانية على المنتج أن يقرأ القصة جيدا حتى يدفع مبلغا ضخما لهكذا قصة وكل هذا بإمكانه أن يحدث عن طريق النشر.
* هل تعني أن هذا هو عملك الروائي الوحيد وأنك كتبته لتروّج له وليكسب ثقة المنتجين؟ هل أنت عمليّ إلى هذه الدرجة؟
- هي قصة أعتقد أنها تستحق الخروج عن طريق النشر أو الشاشة الكبيرة بغض النظر عن رأيي والترويج أو التحول هذا موضوع منفصل تماما عن ذات العمل هنا.
* لكنك لم تجبني هل هذا العمل تجربة شخصية؟
- نعم تجربة شخصية مضاف عليها قليل من الاسترسال كتبتها بأربع دعامات تثبت قلب أمي والكثير من دماء أصدقائي الموتى أعتقد أنها تجربة شخصية.
* هل تشم رائحة دمائهم؟
- توقفت عن ذلك منذ زمن.
* كيف غزتك الفكرة!
- بعض الأصدقاء الذين يعرفون حيثيات القصة كانوا يطلبون مني كتابتها كعمل فبدأت الفكرة.
* كيف غزتك الفكرة الحقيقية!
- بعد تعرضي لحادث سير توفي على إثره ابن عمي رحمه الله كان عليّ أن أمضي فترة من الوقت داخل السجن من هنا غزتني الفكرة بعد توبتي حينها وتعرفي إلى الله للمرة الأولى.
* تعرفت على الله لأول مرة في السجن؟
- نعم, قبلها كنت قد تعرفت على ملك الموت حينما اختطف روح ابن عمي أمامي فكان تعرفي إليه حقيقي جدا ما انقضت فترة سجني الأولى حتى غزتني الفكرة بكل تفاصيلها وهذا ما حدث.
* يقول أحد الشعراء إن الشاعر لا يهتم إلا في الموت والفواصل الكتابية، فهل أنت من خلال هذا العمل تجسد هذا الشاعر؟
- لا يهمني الشاعر ولا رأيه أنا لم أخلق شيئا لكي أضطر للاهتمام به أنا وضعت في فم الموت ثلاثا وخرجت.
* إذن فأنت تكتب تجاربك مع الموت في هذه الرواية؟
- أعتقد ذلك بإضافة أشياء أخرى!
* بصفتك أحد السينمائيين الشباب، لن أسألك عن الذي ينقص سوق السينما أو الحركة السينمائية في البلد، ولكن سأسلك ما هو الموجود أصلا؟
- تجارب سينمائية لا ترقى لمستوى ما يملكه صانعوها من فكر سينمائي ومشاهدة وقراءة لكن الأدوات خذلتهم كثيرا ومع ذلك ذهبوا لكل مكان وحصدوا الكثير من الجوائز والتقدير.
* هل تشارك في مهرجان السينما السعودي؟ أم سمعت به من قبل؟
- لم أسمع عنه من قبل وسأستغرب مرارا وتكرارا قبل أن أفرح بخبر كهذا.
* نعم هناك مهرجان للسينما السعودية، ولقد توقعت أنك لم تسمع به كأحد السينمائيين الشباب, ولكن ألا يوجد ما يلهمك من أبناء الوطن السينمائيين، مثلا هيفاء المنصور!
- أولا السينما لا تنتمي لأحد لا سعودي ولا غيره، ثانيا مسألة الإلهام السينمائي أعتقد أن اندريه تاركوفسكي ولويس بنويل و تتشيلوفسكي تكفلوا بالأمر، تجربة هيفاء المنصور نقلت صورة المخرج السعودي المستقل إلى المخرج السعودي المحترف بعد أن أصبح هناك منتج أجنبي ضخ كمية من المال لوثوقه بالفكرة والمخرج، أيضا تجربة عهد كامل في فيلم حرمة كانت جيدة مع منتج أجنبي.
* ما رأيك في تجارب زملائك من أبناء جلدتك؟
- تتفاوت الأعمال لكن ما يبهرك كمية الشغف بالسينما مشاهدة ونقدا وقراءة وإخراجا هم في الخارج محط أنظار لدول السينما من موروثها الثقافي لكن هؤلاء الممنوعين يذهلونهم بهذا الشغف الهائل.
* هل تعني بهذا أن وضع السينما في الداخل دعم أعمال السينمائيين السعوديين في الخارج؟
- نعم هذا ممكن.
* البعض يعتبر هذا فرصة ويجب أن يستغلها الفنان؟
- نعم أتفق مع هذه الرؤية
* حدثنا عن تفاصيل أكثر للرواية؟
- بالنسبة للرواية هي ثلاثة فصول الفصل الأول عنونته (بعيداً عن الجنة) أما الثاني كان عنوانه (تحت الظلام) أما الثالث فعنوانه (في مواجهة الضوء).
* تحدثت فيها عن ماذا؟
- الأول عن تجربتي الجهادية في العراق وسجني السياسي في الداخل.
والثاني عن طفولتي ومراهقتي في حينا الشعبي في وسط جنوب مدينة الرياض.
والثالث عن مرض أصابني والقليل من العاطفة.
* بعض من كتبوا روايات في هذا الخصوص أخذ عليهم النقاد وبعض القراء «تجارية» الموضوع بالإضافة إلى تصويرهم التطرف وكأنه حالة فردية؟ أين تقف من هذين الانتقادين؟
- تكلمت عن تجربة بحب كامل لكل تفاصيلها على الكاتب أن يبتعد عن الموقف الأيديولوجي لأنها تفسد فن ما يُكتب.
* وهل روايتك خالية من أي موقف أيديولوجي؟
- أتمنى أن أكون وفقت في تجاوز هذا المنزلق، فكل مرحلة حدثت بقناعتي وتعاملت معها بحب.