الناشر : منتدى المعارف 2014
الصفحات : 253 صفحة من القطع العادي
شهد الثلث الأخير من القرن العشرين وبداية العقد الأول من القرن الواحد والعشرين بروز ظاهرة فكرية مهمة ألقت بظلالها على خريطة الفكر العربي والإسلامي المعاصر، ونعني بهذه الظاهرة ما يمكن أن نصطلح عليه بـ «الفكر الإسلامي الغربي»، وهو ذلك التفكير الذي ظهر في الغرب ممثلاً في مجموعة من الشخصيات الفكرية البارزة التي اعتنقت الإسلام عقيدة وثقافة وإيديولوجيا.
ولا شك أن (غارودي) يبرز كواحد من أبرز الشخصيات التي تمثل هذا الاتجاه الإسلامي في الفكر الغربي، بالنظر إلى الجدل الكبير الذي أثاره في الوسط الثقافي الغربي أولاً، وفي الوسط الثقافي الإسلامي ثانياً، فقد انقلب على الماركسيين ونعتهم بالتحريفيين والأرثوذكسيين لأنهم أفرغوا الماركسية من بعدها الإنساني الذي عبر عنه ماركس، وهو ما جعله يخوض معارك فكرية ساخنة مع بعض قادة الحزب الشيوعي الفرنسي ومفكريه على غرار لوي ألتوسير وغيره من المفكرين الماركسيين، وقد انتهى هذا الصراع بطرد غارودي من الحزب الشيوعي الفرنسي، وقبل ذلك، كان قد وجه نقداً مماثلاً للمسيحية التي كانت أول المذاهب الفكرية والدينية التي اعتنقها، قبل أن يرتد عليها، وقد امتد هذا الجدال إلى الساحة الإسلامية عقب دخوله الإسلام، فرحب به البعض واعتبر دخوله إنجازاً ومكسباً كبيراً للإسلام والمسلمين، في حين رفض البعض الآخر ذلك، فشككوا في صحة إسلامه، خاصة أن الرجل دخل الإسلام تحت إغراء التصوف الإسلامي، علماً بأن التصوف لا يحظى بإجماع المفكرين المسلمين. وبالنظر إلى ما سبق، يحاول المؤلف في هذه الدراسة تسليط الضوء على مسيرة الرجل الفكرية، ومشروعه الفكري الذي ناضل من أجله، وموقف الفكر العربي والإسلامي منه.