لم يحن وقت الصحوة بعد
الزغيبية مزارع شرق عنيزة، انتقى الشيخ الجلالي عددا منا لرحلة إليها (1383هـ/ 1963م)، وكانت السيارة واللحمة منه، وتوازعنا الباقي (الرز، الشاي، الفواكه، إلخ) وذلك لخلق جو التآزر والتشارك، وما كنا نجهل الهدف المسكوت عنه بما أن الشيخ رجل دعوة ودين يحاول تعديل مسارنا العروبي لكننا تخوفنا من شكوك رفاقنا العروبيين إن علموا بأمر الرحلة. وهناك بين المزارع أمضينا الوقت سباحة وترفيها ولكن بعد صلاة الظهر تم سحبي لإلقاء خطبة في الزملاء فلجأت لرصيدي من القراءات واستعنت بالتاريخ المجيد للفتوحات فتحدثت عن وقفة عقبة بن نافع على بحر الظلمات (المحيط الأطلسي) وقسمه لو علمت وراءك أرضا لقطعتك للجهاد، وختمت: (إن الإجساد هي الأجساد واللغة هي اللغة، ولكن القلوب ليست هي القلوب)، ورفعت يدي مع صوتي مجلجلا بها، وهذا أغرى الشيخ ليطلب مني إلقاء الكلمة في أول مسجد نمر به في عودتنا لعنيزة فقلت له إني أضطرب أمام الجمهور ورشحت حمد القاضي بدلا عني، لم يجهل الشيخ أني تهربت تجنبا لإعلان تحولي أمام كل البلد والرفاق خاصة، ومنها تيقن أن لا جدوى معي، كما أنه لم يفلح في كسب أي مريد فالنفوس حينها لما تزل مكتنزة بالحس العروبي ولم يحن وقت الصحوة بعد.