(تجربة أحمد الصالح «مسافر»الشعرية)
- أحمد صالح الصالح «مسافر»
** ** **
منذ أن بدأت أعرف القراءة والكتابة وقبل ذلك وبعده كنت أستمتع بقراءة والدي رحمه الله للشعر العربي الجاهلي منه والإسلامي ابتداءً بشعر حسان وكعب بن زهير والخنساء إلى شعراء الدولة الأموية والعباسية وبخاصة جرير والفرزدق والأخطل وأبوتمام والبحتري وغيرهم، وأشعار المتنبي وشعراء المهجر وشوقي .
كان الوالد إذا قرأ الشعر يقرؤه قراءة المتذوق المستمتع بما يقرأ مما جعلني أتوق إلى أن أصل إلى هذه اللذة التي كان والدي يجدها في هذا الفن الرفيع وكان يشركني في قراءاته بأن يشرح لي بعض الصور الشعرية والكلمات التي يستعصي علي فهم معناها خاصة الشعر الجاهلي . وهذا ليس بغريب حيث كان يقول الشعر وله مجموعة من القصائد تشكل ديواناً ،كما أن عمي الشاعر الشعبي الكبير عبدالمحسن كانت مجالسه أشبه بندوة شعرية حيث يجتمع نخبة من الشعراء ومحبو الشعر في مدينة عنيزة في مسامرات بينهم كنت أحضر منها التي تكون في منزلنا فأستمتع بروائع من الشعر لهؤلاء أو لغيرهم من القدماء وأستفيد من تعليقاتهم عليها .
هذه المرحلة من حياتي جعلتني محباً وعاشقاً للشعر. حتى أن قال والدي :هل تتمنى أن تكون شاعراً ؟قلت: نعم . قال: مثل من ؟قلت:مثل شوقي. قال:إذاً تكون دونه بمراحل ولو قلت مثلاً مثل المتنبي لأصبحت مثل شوقي أو دون ذلك بل اطمح يابني للأعلى دائماً واقرأ الشعر الجيد .
ولما كنت في الخامسة والسادسة ابتدائي أهداني والدي جواهر الأدب وديوان عنترة وديوان الشابي فكنت أقرأ عليه مايستعصي عليّ فهمه وقرأت كثيراً من شعر شوقي وفي المرحلة المتوسطة أهداني دواوين إيليا أبي ماضي . قرأت عليه فيها كما قرأت عليه كثيراً من معلقات العرب كزهير وعمرو بن كلثوم وامرئ القيس وعنترة كما قرأت لامية العرب ،وقد كان سفر والدي في الإجازة إلى مكة المكرمة آنذاك لمراجعة مديرية المعارف آن ذاك فيما يخص مدارس عنيزة فرصة لي لقراءة الدواوين والكتب التي كان يرى أنه من هو في مثل سني لا يحسن القراءة فيها مثل ألف ليلة وليلة وديوان أبي نواس وبشار وغيرهم. فكان فضاءً جديداً سبح فيه خيالي وزاد تعلقي بالشعر بمختلف أغراضه دون تحفظ إلا أنني كنت لاأطلع أحداً على بعض تجاربي التي كانت تقتحم الحدود غيراللائقة من شاب صغير مثلي لما فيها من الجرأة على ماتعارف عليه المجتمع كما خشيت إطلاع والدي عليها فأحرقتها .
بعد انتهاء المرحلة المتوسطة انتقلت إلى الرياض لإكمال دراستي الثانوية وقد تيسر لي حينها السفر إلى الكويت فاشتريت ماوقعت عليه يدي من دواوين نزار والسياب وبعض دواوين الشعراء المحدثين حيث قرأت فيها وتأثرت بكثير منها.
أما محاولاتي الأولى الشعرية الأولى كانت في المرحلة المتوسطة حيث كنت أنظم بعض المقطوعات الشعرية الموزونة التي تناسب مبتدئاً مثلي وكان معظمها شعراً وطنياً. أما في المرحلة الثانوية والجامعية كان أكثر أشعاري في الغزل والوطن ومن الجامعة بدأت النشر تحت توقيع مسافر واستمر نشري في هذا التوقيع بضع سنوات ولما رأيت أن كثيرين صاروا يدعون أنهم أصحاب هذا اللقب بدأت النشر باسمي الصريح مع وضع صورتي وكتابة الرمز مسافر مما قطع الطريق على الأدعياء.
ومما أذكر عندما كنت أدرس في معهد العاصمة عرض أحد أبناء العم عثمان مقطوعة شعرية لي على الأستاذ الشاعر أحمد فرح عقيلان رحمه الله فعلق عليها مثنياً ومشجعاً .
لقد كان الأستاذ محمد الشدي داعماً لي إذ فتح لي صفحات مجلة اليمامة ثم من بعده الصديق عبدالله الماجد الذي كان يشرف على أدب جريدة الرياض وبعد تركه الإشراف عليها أخذت أنشر في صحيفة الجزيرة بترحيب من الأستاذ خالد المالك . كما أنني نشرت في كثير من الصحف والمجلات السعودية وكذلك المجلات العربية لقد كان الشعر يشكل لي الإبداع الذي يحمل همومي الوطنية والعاطفية ويتمثل معاناتي عبر هذا الفن الرفيع الأثير إلى نفسي .
ومنذ ذلك الحين وأنا والشعر صديقان حميمان ،أجد المتعة في قراءته وكتابته فهو مستودع همومي وأفراحي وأسراري ويتمثل معاناتي الإنسانية بكل تفاصيلها ،إنه خلوة الشاعر مع نفسه ومع الحياة ومتنفسه الفسيح وفضاءه الواسع الذي يحلق فيه كيف يشاء .
لقد كانت قراءاتي لشعراء التفعيلة والعمودي من الشعراء المحدثين وشعراء لبنان وسوريا كالأخطل الصغير ونزار وعمرأبو ريشة وبدوي الجبل وشعراء المهجر كإيليا أبوماضي وجبران وأحمد زكي وأبو شادي وشعراء العراق كالجواهري والصافي والسياب والبياتي ونازك الملائكة ولميعه عباس عمارة وشعراء مصر،أمثال صالح جودت وصلاح عبد الصبور وأمل دنقل وأحمد رامي ،وابراهيم ناجي وغيرهم . والشاعر التونسي الشابي وشعراء من الخليج واليمن .
هذا المعين العذب من الشعر ومن قبله الجاهلي الذي لايمل متذوق الشعر من قراءة معلقاته ومذهباته وروائعه الشعرية الأخرى. من هذا البحر والكنز الثمين أجد الأنس واللذة بقراءته ،فعلاقتي بالشعر بدأت منذ الصفوف ا لنهائية في المدرسة الابتدائية وامتدت معي واتسعت دائرة الاطلاع والمتابعه.
وعاماً بعد عام ومرحلة بعد مرحلة اتسعت عندي آفاق الاطلاع وحلقت في سماء الخيال وتداعت في أفاقها الصور الشعرية إلا أن لي ذاكرة لاتحفظ فأنا أجد في قراءة الشعر متعة وسلوة وثقافة وكم كنت أتمنى لو حفظت القصيدة من الشعر أو الأبيات منها ولكن حظي من ذلك قليل جداً ولعل عدم الحفظ أكسب شعري شيئاً من الاستقلالية سواء في المفردات أو الصور الشعرية أو عدم المحاكاة والتبعية لشاعر معين.
هذا وإن للتراث وخاصة الإسلامي فضلاً كبيراً على مساري الشعري ولغتي الشاعرة بسبب دراستي في كلية العلوم الإجتماعية والتأثر بمادة التاريخ الإسلامي والعربي في استلهام التراث إذ إن العالم العربي والإسلامي منذ قرابة المائة عام وهو يعيش إرهاصات ومآس وتهييج للمشاعر توجع القلب وتدمي العين .
أنتجت هذه المسيرة الشعرية ولله الحمد ثمانية دواوين ولي ثلاثة دواوين بانتظار الطبع ومجموعة كبيرة من القصائد معظمها إخوانية تستوعب أكثر من ديوان
** ** **
أ- الدواوين التي أصدرت :
1- عندما يسقط العراف – دار المريخ .
2- قصائد في زمن السفر – النادي الأدبي بالرياض .
3- انتفضي أيتها المليحة – دار العلوم .
4- المجموعة الأولى .
5- عيناك يتجلى فيهما الوطن .
6- الأرض تجمع أشلاءها . النادي الأدبي بالرياض .
7- لديك يحتفل الجسد – نادي القصيم الأدبي.
8- تشرقين في سماء القلب – مركز صالح بن صالح .
9- تورقين في البأساء – نادي المدينة الأدبي.
ب- دواوين تحت الصدور .
1- أصطفيك في كل حين .
2- حديث قلب.
3- في وحشة المبكيات .
** ** **
* عن كتاب التجربة الشعرية في السعودية .. شهادات ونماذج للأستاذ خالد اليوسف، سيصدر قريباً عن كرسي الأدب في جامعة الملك سعود.