الفاعلون في صنع الانتقال والتغير ليس بالضرورة أن يتخذوا شكل تجمعات حزبية، سواء كانت سياسية أو تنظيمات مدنية مؤطرة بمرجعيات وحقوق الإنسان، حتى وإن انتقلت وتحركت داخل ميدان اجتماعي وثقافي أو إعلامي.
في المجتمعات العربية والقبلية، بما إن المحرك هو القائد أو شيخ القبيلة أو رب الأسرة يعتبر هو الفعّال في التغيير والتحول.
التغير هنا ليس لذات التغيير لكنه يتمثل بطرق العمل للانتقال إلى آفاق جديدة نحو التنمية بالمشاركة، نستطيع أن نطلق عليهم الفاعل الاجتماعي لكن هذا باعتباره تغييرياً تسامحياً نحو التمدن والتطور وهو جار ونافذ في كل مجتمعات العالم، وهو سائر كونياً لا يقف أمامه ثبات ولا انثبات. يسير وفق هرولة الزمن ينساب مع سكون الكون ولا يستطيع إعجاله خاطف ولا تستطيعه خَبّ القِطاف!
لكن تسمية الفاعل الاجتماعي التغييري تطلق على من يستجيب لنوع من التطلع إلى التجديد والفاعلية الذاتية نحو الابتكار، ليس بالضرورة تفضي إلى تبديل لأنماط الحياة والممارسات وإنما تغييراً في أنماط التفكير والتفاعل. هنا يتوجب على الفاعلين مراعاة السياق العام وإيجاد منافذ ومصالح ليحدث التغيير الاجتماعي بالانخراط ومدى التفاعل بالوعي ليتخذ طابعاً حقيقياً وليس كونياً أو تقليدا. إنهم لا يعملون وسط حقل سياسي أو تجمعات أو منظمات باختلاف مرجعياتهم ومنطلقاتهم ومقاصدهم لكن وسط اجتماعي محض، وسط ذويهم (أهلهم وناسهم) ينخرط التغيير ويتبلور إلى اندماج اجتماعي قادر على الفعل المشترك والفعّال نحو آفاق جديدة وملهمة قد تفتح أبواب جديدة نحو المستقبل وطرق للنهوض اقتصادياً وثقافياً وتنموياً بكل القوى الاجتماعية على حد سواء دون الشعور بحجم الانتقال بل إلى رفع مستوى الفاعلية.
كل فعل اجتماعي ناجح فاعل وحاسم إلى سيرورة التغيير والتقدم والتطور، وكل نجاح يجرّ خلفه ألف نجاح فينخرط المجتمع إلى الفاعلية والتطور دون شعور منه أو اكتراث.
الفاعلية الاجتماعية مختلفة كل الاختلاف عن التخصصية والمؤسساتية أو العملية السياسية وإنما هي سلوك مدني وانخراط اجتماعي وتحديث ثقافي شامل لاستيعاب بنية التطور مع مختلف البنيات الاجتماعية نحو فاعلية اجتماعية أفضل للقادم.
إليكم هنا أنني أشير -على سبيل المثال- إلى آلاف المبتعثين من أبنائنا وبناتنا للخارج -الذين سيكونون قادة وأرباب أُسر يوماً- ومن وجهة نظري سيكونون أكبر فعّال اجتماعي نحو التغيير والانتقال. إذاً ليجعل منهم قوى فاعلة ويُعنى بهم كقوى وطنية وطرف في التغيير والارتقاء بالمرحلة إلى مرحلية فعّالة للانتقال بدلا من تخزين الطاقات لعدم الحِراك الاجتماعي والوعي بأهمية التغيير الذي عانينا منه كثيراً وكان هُوّة المنع والامتناع لحقبة طويلة من الزمن. أيضاً، ليكن مستوى الوعي بالداخل يتماشى ويستوعب قدومهم (المبتعثين) من الخارج لفرض توازن مناسب للفاعل والتفاعل مع الفعل الاجتماعي وارتقاء بالفرد والجماعة إلى سقف التغيير تحت لحمة الجماعة لا لشيء، فقط حتى لا يكونوا قوى مهدرة للانقسام والفجوة وإلحاد بقيم التغيير!