أمر مدهش ما تراه من احتفال العالم بالعربية وبخاصة دول شرق آسيا، إندونيسيا وماليزيا والصين، وآية ذلك ما كتب في نشرة المؤتمر المرتقب الذي ستحييه جامعة مولانا مالك إبراهيم وجامعة دار السلام في إندونيسيا، كتب تحت عنوان (خلفية المشروع): «لم يعد الاهتمام بتعليم اللغة العربية أمرًا يخُص مراكز الشرق الأوسط وأقسام اللغات بالجامعات والمعاهد والمؤسسات الإسلامية فحسب، وإنما أصبح ضرورة من ضروريات الاتصال العالمي، حيث يقوم كثير من الجهات في العالم الإسلامي وغيره بالتنسيق بين الجهود، للدّفع باتِّجاه تعزيز تعليم اللغة العربية في نِطاق أوسع، التي تستهدف زيادة عدد سكان العالم الذين يتعلّمون اللغة العربية، من خلال توسيع برامج تعليم العربية وغيرها من مرحلة الحضانة وحتى الجامعة وتشجيع الناس على الانخراط في برامج تعليم اللغة العربية».
وتفسر النشرة هذا الاهتمام بما للعربية من مكانة، «وذلك لأن اللغة العربية من أسمى اللغات التي ظهرت في تاريخ البشرية، بل هي أسماها على الإطلاق، وذلك لما فيها من خصائص ومميزات حباها الله عز وجل بها واصطفاها واختارها لتكون وعاءً لأفضل الكتب».
وتلك نبذة من كلام طويل يظهر مدى احتفال القوم بالعربية في وقت نجد من بعض كبار المسؤولين في جامعاتنا ازورارًا عن العربية وصدودًا، بل يحاولون تقليص درسها في أضيق نطاق، ونجد جامعة عريقة رائدة يقتدى بها هي جامعة الملك سعود أوكلت أمر تعليم العربية في السنة التحضيرية إلى شركة خاصة لا تعبر بالضرورة عن أهداف الجامعة ولا عن سياساتها التعليمية ومتجاوزة بذلك أعرق قسم في الجامعة وهو قسم اللغة العربية المتخصص بتعليمها الذي طالما نهض بهذا العبء بكفاءة عالية، وخليق بالجامعة أن تستثمر ما تدفعه للشركة من أموال في تطوير البرامج في القسم المتخصص بتعليم العربية، وقسم اللغة العربية يعلم المقررات التي تدرس في كليات الجامعة الأخرى مثل كلية اللغات والترجمة أو في الأقسام الأخرى من كلية الآداب مثل قسم الإعلام.
ولم تكتف الجامعة بتعليم العلوم التطبيقية باللغة الأجنبية بل سعت جادة إلى تحييد اللغة العربية؛ إذ بعد أن كانت بعض مقررات العلوم العربية من لوازم خطط الكليات التطبيقية صُيّرت الآن فضلة متروكة لرغبة الطلاب وقليل منهم الراغبون؛ لما هم عليه من ضعف في التأسيس قبل دخول الجامعة.
وربما يتكرر القول ألا فائدة من تلك الدروس العربية، وهذا أمر، إن صحّ، لا يعالج بإلغاء الدروس بل بالسعي لتطويرها والسعي للاستفادة منها في تعليم العلوم كلها، ومتى كانت اللغة العربية لغة العلم كان الجد في تعلمها وتعليمها، ولو ألغينا كلَّ ما قد نتعثر في تعلمه لألفينا أنفسنا لا نتعلم شيئًا، والجامعة التي تحرم طلابها أن يتعلموا لغتهم بأي حجة هي جامعة أمرها لا ينتهي منه العجب، فليشد مريدو العربية الرحال إلى بلاد الشرق الأقصى حيث يحتفلون بالعربية.