الصورة الذهنية للأساتذة الكبار تحاط بالرهبة والشدة والصرامة، وهالة «مصطنعة» من الجلالة، وعندما سمعت عن أستاذنا، ورأيت ثقل خطوته ارتسمت ملامح تلك الصورة وكادت أن تتأكد لولا أن دخلنا مكتبه، واستمعنا لحديثه العلمي، ونصائحه، وتوجيهاته الأبوية، وذقنا حلواه اللذيذة، وشربنا من قهوته التي تلازم مكتبه كل يوم يحضر فيه إلى الكلية، إنه الأديب الأستاذ الدكتور ابراهيم الفوزان.
بعد أن درّسنا أستاذنا الفوزان عرفنا معنى أن يكون الأستاذ أستاذًا بمعنى الأستاذية العلمية والخلقية والتربوية وهو ما طبقه مع كل طلابه الذين وجدوا فيه تلك المعاني التي افتقدوهامع غيره!حتى إنه لا يمل من ترديد مقولته الشهيرة: (بداية فشل المعلم إخراج الطالب من درسه) على طلابه،وهي فعلاً الأساس المنهجي الحديث في تعامل الأستاذ مع الطلاب كما تقرره كل مناهج التدريس التربوية العلمية الحديثة.
كان لأستاذنا الدور الكبير في تحفيز طلابه لدراسة الأدب السعودي وأنه لا يقل عن غيره من آداب الدول العربية، وهذا التحفيز نابع من كون أستاذنا الأعرف بهذا الأدب حيث يعد أول من دَرَس الأدب السعودي دراسة منهجية ويعد أول متخصص به برسالته للماجستير «الأدب الحديث بين العواد والقرشي»ورسالة الدكتوراه «الأدب في الحجاز بين التقليد والتجديد»، وبعد ذلك توالت دراساته وأبحاثه حوله وتعد مقالته الشهيرة الأبرز في بيان رؤيته وهي «التواضع المرفوض والحقائق الموءودة» التي بين فيها أهمية الأدب السعودي ومكانته الأدبية ورد التصريحات التي تقلل من أدبية الأدب السعودي من بعض أبنائه من داخل المملكة ومن خارجها.
والفوزان بذلك يعد أهم رواد دراسة الأدب السعودي، وننتظر من الأندية الأدبية والأقسام العلمية التي تدرس الأدب السعودي في الجامعات أن تكرم رائد دارسي الأدب السعودي، وأن تحظى مؤلفاته والرسائل الكثيرة التي أشرف عليها في الأدب السعودي بإعادة الطبع والتكريم اللائق الذي يستحقه.