تتوارى المسلمات وتختفي في كثير من الأحيان، ربما نتيجة ظروف معينة، أو بسبب عوامل ومؤثرات تعيق ظهورها، ولكن الذي تهمه هذه المسلمات يستطيع أن يدركها بطريقة أو أخرى.. يتتبعها ويبحث عن سبل سيرها وآلية فك شفرات تواريها، خاصة أن من طبيعة الإنسان البحث عن كل ما هو بعيد عنه وما يحرم الوصول إليه.
البحث والتنقيب والقراءة، ولا يهم من يكون أولاً هي آلية للوصول والحصول على المعلومة، أيا كان نوعها، فالحصول عليها يعد جهداً وإن سهل، فالوصول للمعلومة ووضعها في إطار كنتيجة بحث وبذل جهد ووقت يعطي مؤشراً، قد ينطوي تحت مسميات عديدة، لا يهمنا التطرق لها الآن تفصيلاً.. هذه المعلومة الجديدة كنتيجة بحث من مصادر متنوعة، قد يمكن ربطها بمعلومات متوفرة أو مكتشفة لتشكل علم معين، أو قد تظهر وتشكل نفسها في قوالب مغايرة وبأطر جديدة وفي خرائط تحمل مسميات لم يسبق طرحها، أو لربما طُرحت، مصادر هذه المعلومة الحديثة الظهور، ليست هي في الواقع جديدة، بقدر ما هي متوارية ومختفية لسبب ولآخر، ومن هذه الخامات ( المعلومات ) تتشكل مواد جديدة ذات أحجام وألوان وأعماق مغايرة عنها في السابق ؛ أي في فترة الاختفاء أو التواري.. ولربما بريقها ولمعانها الجديد يجعلها وجبة شهية وذات مذاق جاذب أكثر للمتلقي، وقد تكون خلاف ذلك تماماً، ولكن في النهاية هي نتاج جهد، وتعطي مادة جديدة وبها إثراء أياً كان نوعه وإن أُختلف حوله، فما نتج يعتبر فن، وطرحه بآلية معينة يعتبر فن آخر، وتأطيرها في إطار يعتبر كذلك فن، وكل ذلك هو يشكل خلطة.
بطبيعة الحال تتفاوت هذه الخلطة والقالب الذي وضعت فيه ومدى عمقه وجاذبيته من باحث ( كاتب) لآخر، ومن مبدع لسواه، ومن هذا التفاوت يكمن الإبداع وتقترب الفروق والجماليات الإبداعية.. فهنالك من تجد عنده هذه الخلطة لم تكن إلا قص ولصق، أو كيفية التوليف بين المعلومة والأخرى لا يرتقي إلى درجة من التميز والمهنية والتخصصية، وقد تجدها عند آخر ذات تشكيل وكأنها ثوب عروس في ليلة زفافها ؛ خلطة جديدة في إطار حديث ومبتكر.. وبذلك يظهر ما كان مختفياً ويكون من المسلمات التي ربما تعطي القارئ والمهتم فائدة ووضوح ناضج نحو فكرة ما، لتكون هذه الفكرة نواة لمشروع، أو إستراتيجية معينة ؛ تخدم المثقف الإنسان، والإنسان المثقف بشكل أو بآخر.!