أحمد البحراني نحات أحال الحديد إلى كتلة إحساس وعقد معه صفقات
عند ما ذكر الله عز وجل الحديد وما فيه من بأس شديد أشار كذلك إلى منافعه بدءاً بالسلاح ومروراً بما نستخدمه في حياتنا اليومية وفي كل سبل المعيشة أو السكن والمركب، وصولاً إلى المنافع الفردية التي منها الكسب من خلال ما تبدعه أنامل الإنسان وأخص هناك الجانب الجمالي، ليضيف إلى كل ما أشرنا إليه وما يتعلق بالأسلحة وما يوحي للحروب إلى تحويل هذا الحديد بصلابته وبأسه إلى قطع جمالية مستلهمة من الواقع تحاكي أرق وأجمل ما في البيئة من شجر وزهور ونباتات، يشكلها الفنان بخامة صعبة المراس لكنها تستسلم تحت سبل التشكيل والتطويع من الفنان بمختلف أدواته إن كانت قديمة كالمطرقة أو حديثة كأدوات اللحام ومناشير القطع إلى مرحلة التلميع والتدليل والتزويق أو بما يضيفه من الوسائط..
من الطين إلى الحديد
ضيفنا اليوم ملفت للنظر بإبداعاته إن كانت تخطيطاً على ورق أو تطويعاً للحديد أكمل دراسته للفن في معهد الفنون الجميلة في بغداد عمل مدرساً لمادة النحت والتخطيط في معهد الفنون الجميلة في بغداد 93-1994 أقام العديد من المعارض الشخصية الجمعية القطرية للفنون التشكيلية - 2008 البارح للفنون - مملكة البحرين - 2008 دار الفنون - دولة الكويت - 2006 البارح للفنون - مملكة البحرين - 2006 الجدران الأربعة للفنون - الأردن - 2006 كرين آرت - دبي - 2004 بيسان للفنون - الدوحة - برعاية المركز الثقافي الفرنسي - 2002 قاعة البدع - الدوحة - برعاية المجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث في قطر - 2002 حدائق الفردان برعاية مجموعة الفردان - الدوحة- 2001 السفارة الفرنسية في الدوحة برعاية مجموعة كريستيان ديور للمجوهرات في باريس- 2000 المركز الثقافي الفرنسي في صنعاء - 1999 مجموعة العفيف الثقافية في صنعاء - 1998شارك بالعديد من المعارض المشتركة داخل وخارج العراق وفي عدد من عواصم العالم له مقتنيات في عدد من دول العالم وفي بعض متاحف العالم نفذ العديد من المشاريع الفنية في ساحات عامة، متفرغ للعمل الفني.
من ليونة الطين إلى صلابة الحديد
يشكل نهر الفرات جزءاً هاماً في حياة الفنان أحمد البحراني ويعتبره معلمه الأول والصديق في طفولته من خلال ما كان يشكله من أعمال فنية تتوافق مع قدراته الصغيرة دون علمه أنها البذرة الأولى في تشكيل موهبته ودفعه للممارسة الفن ومن ثم احترافه.
انطلقت حالات التحول من خامة إلى أخرى خلال دراسة الفنان أحمد البحراني الأكاديمية من الرسم والتلوين إلى دراسة النحت كتخصص ووجد في التجريد ضالته عند تطويعه للحديد وتشكيله ما منحه حضوراً استثنائياً وقدرة في التعبير عن الفكرة وإبراز مضمونها مهما اختلف الإيحاء من تشكيل جسد إنساني فسنجده ليناً راقصاً رغم إحساسنا بصلابة مادته.
يمنح الفنان البحراني للمتلقي شعوراً ينقله من البأس الشديد في الحديد وما أنتجه الإنسان منه من أسلحة مدمرة إلى عالم حالم محاط بالرومانسية وكأننا نشاهد أعمالاً من طين صلصال سهل التطويع، يرى المشاهد في أشكاله الميدانية تنوعاً يتنقل به من الصامت إلى المتحرك يلتحم فيها الصوت والضوء وتتغير ملامحه نحو زوايا جمالية جديدة مع كل تحرك لقرص الشمس من حوله ومع لون ضوء الإشراق أو ألوان ضوء الشفق.
ومن الأمور المحسوبة على نجاح الفنان في تصميم أشكاله الميدانية توافقها المدروس مع الفضاء المحيط بها وهي الحالة الأصعب عند تنفيذ مثل هذه الأعمال التي يفشل الكثير فيها.
في أعماله قرب للإيقاع الموسيقي والأكثر تحريكاً لطرح الأسئلة التي يسبقها الاندهاش مع ما يلفت النظر في خصوصية أعمال الفنان البحراني التي أصبحت بصمة دون الحاجة إلى إمضائه، تعود هذه الخصوصية منذ أن بدأ في رسم خط سيره التشكيلي وشعوره بالميل إلى النحت أكثر منها إلى الرسم والتلوين، كما أشار في أحد تصريحاته الصحفية.
تأثر وريادة
لا شك أن تأثر الفنان في بداياته بمن سبقه أمر طبيعي وفرصة لاكتساب الخبرات ومن هذا المنطلق فقد كان لإعلام الفن التشكيلي في العراق من رسامين ونحاتين أمثال خالد الرحال وخالد الجادر وإسماعيل فتاح الترك وصالح القرة غولي، دور كبير في إكساب الفنان أحمد البحاراني الكثير من فهم أبعاد الفن وكيفية التعامل معه و التعامل مع الخامات والتعبير عن الفكرة من خلال أعمالهم التي تجاوزت شهرتها حدود العراق، إلا أن الفنان البحراني وبما وهب من قدرات وسرعة بديهة واستباق للزمن وتجاوز مرحلة التاثر إلى مرحلة الريادة والتأثير ومن خلال البحث والتجريب والسعي لتطوير ثقافته ما يدفعه إلى البحث عن سبل الحداثة مع الاحتفاظ بخصوصيته.
قدم الفنان أحمد البحراني الكثير من الأعمال متجاوزاً فيها التكرار أو المشابهة أو التقليد إلى التفرد لتصبح أعماله حمالة لبصمته دون تخل عن مختزله البصري من التراث الذي تتميز به العراق،كما قال في لقاء سابق له أنه يرفض أن يكرر تجربة فنان أبدع قبل خمسة آلاف عام ويؤكد أننا نعيش عصر الاختزال وعصر السرعة لذا فهو حريص الانتماء إلى هذا العصر مع المحافظة على جذوره وهويته لكن بلغة معاصرة. مع إيمانه بأن العمل الفني إذا لم يكن يحمل هامش للمستقبل أو حيز مشاهدة للأجيال المقبلة فلا يعتبر عملاً إبداعياً.
معاناة أفرزت الإبداع
من الأمور التي يجب أن تعرف عن الفنانات الحياة الخاصة فقد يرى البعض أن كل الفنانين مترفي الحياة وليس لديهم ما يعيق إبداعهم أو أنهم يعبرون عن معاناة الآخرين وليس لديهم ما يعانون منه، فالفنان أحمد البحراني سافر بعد أن عين معلماً معيداً بمعهد الفنون الجميلة كونه من العشرة الأوائل، التحق بأكاديمية الفنون الجميلة ليكمل دراسته لكنه لم يكمل السنة الأولى فيها. وقرر في عام 1993 أن يترك العراق بسبب الضغوط التي كان يتعرض لها الفنانون وتقييد حرية العمل والإبداع.
عمّان كانت أولى محطات المهجر التي يصفها البحراني بالفترة المظلمة من حياته حيث مر وعائلته بظروف معيشية صعبة للغاية، فقرر الانتقال إلى اليمن التي مكث فيها أربعة أعوام بعدها هاجر إلى السويد واليوم يعيش متنقلاً بين السويد وقطر.
يؤكد الفنان أحمد البحراني بعد هذه الجولة من المعاناة والتنقل أن المنافي الجميلة التي عاش بها ورغم قساوتها، أغنت تجربته الفنية وأضافت إليها الكثير وفتحت له أبواباً إلى عوالم فنية جديدة وواسعة وهو يعد محطات الغربة من التجارب الجميلة في حياته.
تسويق العمل الفني معقد
أشار الفنان البحراني في أحد اللقاءات أن موضوع تسويق العمل الفني في المنطقة العربية معقد جداً، وهو يؤثر سلباً على العملية الإبداعية لدى الفنان الذي يضطر أن يروج بنفسه لنتاجاته من خلال بناء علاقات واسعة مع المهتمين بالفنون وقاعات العرض، في ظل غياب مؤسسة عربية تدعم الفنان في هذا الموضوع.