على «واتسب»، انتشر مؤخراً، مقطع الشاعر العامي المعروف ابن جدلان، والذي يقول فيه «يا هاي هاي يا كشخة الأكابر يا تب التب، يالراحة يالاستجمام يالمستوى الراقي، ما هي حر شوق وقوّ خرمة ولهفة حب، أرجو وحدة منها وأسامحك في الباقي».
والحق أنني أتساءل: هل تشتهر هذه المقاطع لشكلها؟ أم لمضمونها؟ أي: هل انتشارها قائم على بساطة الإخراج والمونتاج وعفوية التسجيل؟.. لاسيما وأن التكوين في الصورة هو ابن جدلان الذائع بشعره في الأقطار!؟، أم أن الأبيات التي يقولها ابن جدلان في هذه المقاطع تحمل مضموناً شعرياً مبهراً.. يستحق كل ما يحصده من انتشار مبهر؟!
لا أشكُ يوماً أن الجمهور العربي يتبع الأسماء، ويلحق بالرموز ذواتهم، لا ما يقدمونه، ولستُ هنا في حديثي أنقد هذين البيتين، بقدر ما أنقد الذائقة التي تتداول، وبقدر ما أقول إن ما تحصده هذه الأبيات أو غيرها من الأبيات التي سُجلت بطريقة عفوية، وقدم ابن جدلان أو غيره من الشعراء ما قدموه.. بعفوية صادقة، لا يدل على مزيدٍ من انتشارها.. على مزيدٍ من تميزها، وليست القضية في المُسجِل.. وليست في المُسجَل.. ولكنها تتمركز في الذائقة التي تتداول تلك المقاطع المسجلة!؟
وما ذاك إلا لأني أعتقد جازماً، أن الانبهار يلغي حاسة النقد، فعندما تبهر الجماهير بشاعر أو مبدع أو حتى فكرة ما، فإن كل ما يقوله ذلك الشاعر، وجميع ما يقدمه ذلك المبدع، وكل ما تتضمنه تلك الفكرة، هو فوق النقد، ولا يمكن لعقول الجماهير أن تتعامل معها كما تتعامل مع غيرها ما دامت تحت تأثير الانبهار!