الثقافية - عطية الخبراني:
دأبت الملتقيات والتجمعات الثقافية منذ سنوات طويلة على دعوة وزارة الثقافة والإعلام، ممثلة في وزيرها أو مَن ينيبه أو وكيل الوزارة للشؤون الثقافية، لحضور فعالياتها، وتشريف حفل افتتاحها. وهو حضور شرفي، اعتاد عليه المثقفون في المؤسسات الثقافية والمتابعون لهذه الفعاليات. لكن المتابع مؤخراً يلحظ غياباً شبه جماعي للقيادات الكبرى في الوزارة عن حضور الملتقيات والمؤتمرات والمناسبات الثقافية، وتحديداً في الأندية الأدبية، رغم الدعوات التي ترسلها الأندية حسبما تعارفت عليه مجالس إداراتها. وربما تابع المشهد الثقافي الغياب التام من قِبل وزير الثقافة ونائبه والمدير العام للأندية الأدبية في ملتقى الهوية والأدب الذي أقامه نادي أبها الأدبي مؤخراً، وقبله ملتقى النص في أدبي جدة، واحتفالية أدبي جازان بمناسبة مرور 43 عاماً على تأسيس النادي. فهل يدل هذا الغياب على دخولنا في مرحلة جديدة، تؤكد استقلالية الأندية الأدبية ككيانات ثقافية مستقلة، لا دخل لوزارة الثقافة والإعلام بما تقيمه من فعاليات أو ملتقيات حتى على مستوى الحضور الشرفي؟ وإن كانت الوزارة تؤكد المرة تلو المرة على استقلالية الأندية إلا أن الشك والاتهامات ما زالت تطارد هذه الاستقلالية التي لم يبقَ أحد إلا وخدش في صدقيتها وتمام حقيقتها.
إن إنشاء هيئة عليا للثقافة - كما يطالب مثقفون منذ أعوام ليست بالقليلة - هو الخيار الذي من شأنه أن يجعل من هذه الأندية كيانات مستقلة فعلياً، تخرج من مظلة وزارة الثقافة؛ لتنطلق إلى فضاء مدني أرحب، يكفل لها حريتها، ويصنع لها كينونتها الخاصة، وسيمكنها لاحقاً من رسم صورة جديدة لثقافة هذا الوطن، تتناسب والمرحلة التي تعيشها البلاد. فهل تصدق التحليلات، وتتطابق المؤشرات التي تتجه بنا نحو ذلك الطريق؟! ربما هذا ما يتمناه كل مثقف حقيقي، يسعى لفضاءات ثقافية جديدة وحرة وزاخرة بالتنمية الثقافية على أصعدة الوطن وأطيافه ومكوناته كافة.