عندما تريد أن تصدّر للعالم ثقافة بلد أو أن تُسمع الآخر صوتك، لن تجد أفضل من واجهة البلد الثقافية، لن تجد أفضل تعبيراً من الكاتب والشاعر والمؤلف..
احتفل مؤخراً العرب باليوم العالمي للغة العربية، اليوم الذي تقام لها فعّاليات ومؤتمرات للتأكيد على أهمية لغة الضاد والإعراب، ويُحتفل في 18 ديسمبر من كل سنة باللغة العربية لكونه اليوم الذي أصدرت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها الذي يقر بموجبه إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية، ويتمثل الغرض من هذا اليوم زيادة الوعي بين موظفي الأمم المتحدة بتاريخ كل من اللغات الرسمية وثقافتها وتطورها. ولكل لغة من اللغات الحرية على اختيار الأسلوب الذي تجده مناسبا في إعداد برنامج أنشطة لليوم الخاص بها، بما في ذلك دعوة شعراء وكتاب وأدباء معروفين، بالإضافة إلى تطوير مواد إعلامية متعلقة بالحدث.
إن الدول تحفظ أسماء كتّابها ومثقفيها بتخليدهم, بأسماء شوارع ومراكز ثقافية تسمى بأسمائهم، وميادين وحدائق ومكتبات عامة وغرف علمية ومختبرات وشعارات بأقوالهم تُدرج في المحافل القومية والاحتفالات الاجتماعية، مراكز خاصة تثقيفية عن أبرز من أنجبته مدننا من المبدعين والمثقفين.. هنالك تقصير حقيقة، وهنالك جهل شعبي كبير برموز الثقافة وواجهة الوطن..
إن فكرة تكريم المثقفين والعلماء فكرة تحمل روح الوفاء والاعتزاز بكل من خدم ويخدم الثقافة ومن الذين كرسوا أعمارهم في إرساء البنية الثقافية في بلادنا وعالمنا العربي والإسلامي على حد سواء وهم كثر.
لكن السؤال الأهم هو هل ترقى وتليق «التخليدات» المتّخذة حالياً من قبل الدولة لأدباء ساهموا في الرفع والمحافظة على قيمة اللغة العربية؟!
كما قامت به كولومبيا لتكريم أديبها وأديب الإنسانية المتوفى مؤخراً غابرييل غارسيا ماركيز؟!
فلقد أقرّ الكونغرس الكولومبي مشروع قانون يصدر البنك المركزي بموجبه أوراقاً نقدية لتكريم أشهر الأدباء الكولومبيين غابرييل غارسيا ماركيز الذي توفي في أبريل الماضي، ويعرف بأنه أبو الواقعية السحرية. وجاءت الموافقة على مشروع القانون، الثلاثاء الماضي، على أن يطبع البنك أوراقاً نقدية تحمل صورة «غابو» وهو الاسم الذي يشتهر به ماركيز في كولومبيا على العملات الجديدة التي يصدرها. وينص القانون أيضاً على تخصيص مواقع معينة في مسقط رأس ماركيز للسياحة. أشهر رواياته «مائة عام من العزلة» التي فاز عنها بجائزة نوبل للآداب العام 1982. وينسب إلى ماركيز الفضل في نقل صورة أميركا اللاتينية إلى ملايين القراء من خلال حكاياته عن الحب والاشتياق. ونقلت صحيفة «ال اسبكتادور» عن عضو الكونغرس أنتينور دوران قوله «ترمي هذه المبادرة وكذلك تكريمه (ماركيز) إلى التأكد من أن الأجيال المقبلة تعرف من هو هذا الكولومبي الإنسان والأديب والديموقراطي العظيم». وتحمل معظم العملات النقدية في كولومبيا صور شخصيات مرموقة في نضال البلاد للاستقلال عن إسبانيا مطلع القرن التاسع عشر. وتطبع صورة الشاعر الرومانسي خورخي ايزاكس على أعلى العملات النقدية المتداولة قيمة وقيمتها 50 ألف بيزو.