(1)
يد
أنا وحامل المحلول الطبي الذي يبدو مثل كائنٍ فضائي نحيلٍ بعيونٍ أربع يحاول تسليتي في الليلة الطويلة الباردة، فيتحول إلى حامل الخيط في ماكينة خياطة أمي، التي حاولت جاهدة تعليمي استعمالها بلا جدوى، ثم يصير دوارة للرياح تعلمني الاتجاهات الأربعة التي وبخني مدرس الجغرافيا لجهلي بها حين استبدلت الشمال والجنوب بتحت وفوق، وفجأة يصبح مثل المروحة التي تخرج من قبعة المفتش وحيد ليطير بها مطاردًا الأشرار. يبدو أنه ليس حاملًا عاديًا؛ فقد جعلني أشعر لوهلة أنه آلة للزمن! نقف أنا وهو وإلى جانبنا يد أمي الدافئة.
(2)
قلق
على سطح الطاولة الزجاجي كتاب الرسائل الغريبة وكيس حلوى سكيتلز بألوان قوس قزح ينقصه الأزرق؛ ربما لأنه ليس هنالك فاكهة زرقاء! وقلق يتكثف في الغرفة ويكبر في الزوايا كحشرة بأطراف لزجة مستغلاً بياض الجدران؛ ليصبغها كيفما شاء دون أن يعبأ كثيراً بألوان الحلوى.. وأنا على الأريكة الجلدية الباردة أعدّ الساعات التي سيسير بها هذا الليل، والمسافات التي سيقطعها باتجاه الصباح. وعدٌ تقطعه لي العتمة بانجلائها وأتشبث به، ليس انتظارًا للشمس. أنا أنتظر وجه أمي.
(3)
127
سلفي يجمعني وغيمات الأحلام والخراف الوهمية التي تقفز في المدى القصير بيننا - أمي وأنا - حين تنام بسكينة. أحاول الاتكاء على حلمٍ مستعارٍ منها، يكون نبوءة أو كرة زجاجية تراني فيها أمضي على خطٍ لا يهم لونه ما دام مستقيمًا. حسنٌ، لست واثقة بقدرة الخراف على المضي بخط على هذا النحو، لكني سأثق بالحلم وبها ما دامت تحت رعاية أمي.
(4)
حلاوة
أنا وإبرة (دون خيط) أثقب بها إبهامًا؛ ليسكب وردًا أحمر قانيًا، وشاشة صفراء تحاصرني بالأرقام التي تربكني، نجتمع كلنا في ماراثون يومي أخرج مهزومة منه في كل مرةٍ. ماذا أفعل إن كان دم أمي شديد الحلاوة؟!
(5)
رئة
الريح التي زمجرت ذاك الصباح فأدرت لها ظهري قابضة على معطفي كانت سيئة إلى الحد الذي جعلها تشح بنسمة خفيفة تمر إلى رئة أمي، وأنا وفي يدي تكبر صفعة تنبت عشرًا أخر لتلك المارقة كي لا تعيد الكرّة!
(6)
إصبعان ورسغ، ووردة: رشوة لقلب أمي عله يحسن النبض!