سأتحدث عن أبيات للشاعر فاروق جويدة، في قصائده التي تضمت عناوينها ( اللقاء )، والحق أنني لستُ ناقداً، ولا «نويقد»، ولا أحلم بذلك، ولم أحلم قط، ولكنني أحاول جاهداً.. أن أوصل لكم، بعض تلك اللذة التي تغلغلت فيّ لمّا قرأتُ هذه الأبيات، فوقفتُ على ما سوف يستوقفكم كما استوقفني من قبل... إنها كانت أبيات متأرجحة بين الوقت والمسافة، كأنها باقات انتظار لقادم، أو حنين سقط فجأة في المستقبل، أو شوق مؤجل الدفع، أو شيء ما.. يسمى « أمل «، تأخر كثيراً عن موعده المحدد....
لقد وضع العاشق حقائبه، وحالف الخريف، والانتظار، والحنين، عندما ألقى سنارته بين الأحلام.. ووضع قدماً على قدم، وألماً على ألم، منتظراً حقيقة واحدة، تشفيه من كل الأوهام التي تبكيه.. ولا تزال....
مفردات الوقت كانت تبدأ من حيث النهاية، متوحدة في شتاتها، مهتدية لضياعها، غائمةٌ في وضوحها، واضحة في غائبها الذي لا يجيء.. ولا يرحل، ماهٍ على أذرعة المسافات، معشوشب في عقل الوقت الذي عُبّر عنه بـ الأيام، الدنيا، العمر، الحياة، الربيع، الأمس، الليل..
ومفردات المسافة لا تشذ عن سياق.. المساق، متورطةٌ في السقوط بين اللقاء/الحلم.. الفراق/الحقيقة، فهي «الحقائب» التي لم تكن قط، ما تحملهُ الأعضاء الخارجية، بقدرِ تحملها الأعضاء الداخلية، وهي «السفر» الذي لم يكن سيراً بالأقدام.. بقدرِ ما هو أسّراً للآلام، وهي «لقاؤنا» الذي لا نرحل عن ذكرهِ.. ولا يحلّ، وهي «الانتظار» الذي نرحل عنه كلما سنحت لنا أمنية.. وهو لا يرحل، وهي «الطريق» الذي بدأناه.. ولم ينته بنا.. لشيء بعد، وهي «البُعد» الذي لا يستعف عن إغضابنا، ولا نكف عن إرضائه.. وإليكم الباقة التي دوختني، قطفتُ لكم من كل زهرةٍ.. ورقة :
1- قصيدة لقاء الغرباء :
وأمامَ بيتكِ قد وضعتُ حقائبي
يوماً وودعتُ المتاعبَ والسفر
وغفرتُ للأيامِ كُلَّ خطيئةٍ
وغفرتُ للدنيا.. وسامحتُ البشر
2- قصيدة قد نلتقي :
ما كان لي في العمر غيرك بعدما
عفتُ الحياة فقد جعلتك ذاتي
إن عز في هذا الربيع لقاؤنا
سنعيش ننتظر الربيع الآتي
3- قصيدة موعد بلا لقاء:
وأخذت أنظر في الطريق
وكاد يغلبني البكاء
كنا هنا بالأمس
كان الحب يحملنا بعيدا للسماء
ما أتعس الدنيا
إذا احترقت زهور العمر
في ليل الجفاء