وتشير تقارير إلى أن هناك اليوم أكثر من خمسمائة حسينية قيد الإنشاء في سوريا. ووفقاً لمصادر أخرى، فإن هذا الرقم يتعلق فقط بدمشق. إضافة إلى ذلك، فإن نظام بشار يمنح الجنسية لآلاف الشيعة الإيرانيين، وكذلك الشيعة العراقيين الموالين لإيران. ووفقا لبعض المصادر، فقد منحت الجنسية السورية لعشرين ألف إيراني. ولكن هناك من شكك بهذا الرقم من رجال الدين السنة السوريين.
تجنيس الإيرانيين وحرمان الأكراد السوريين من الجنسية
وبينما منح النظام السوري الجنسية السورية لآلاف الإيرانيين، فقد رفض النظام منح الجنسية للمواطنين الأكراد السوريين على الرغم من مطالباتهم المستمرة طوال أربعين عاماً!(*) كما يدعم النظام السوري إيران في قمعها لبدو الأحواز العرب في إيران (على الرغم من أنهم من الشيعة أيضاً). وأشارت تقارير صحافية في أكتوبر 2007، أن النظام السوري قد سلم إلى حكومة طهران عدداً من الأحوازيين المعارضين للنظام الإيراني. ويشير مراقبون إلى أن العلاقات الحميمة بين سوريا وإيران، وبخاصة منذ عقد التحالف الاستراتيجي في عام 1980، قد مكنت إيران من العمل بحرية في الأراضي السورية. وهكذا يحضر كبار المسؤولين السوريين والإيرانيين مختلف الاحتفالات التي تنظمها السفارة الإيرانية في دمشق مثل الأعياد الوطنية الإيرانية، والذكرى السنوية للثورة الإيرانية، والأعياد الدينية، مثل مقتل الحسين في يوم عاشوراء.
دعوات مجانية لأعيان سوريا لزيارة طهران
ويتلقى رؤساء القبائل وكذلك عدد من أعيان آخرين في سوريا، وبخاصة في منطقة الرقة، دعوات من قبل السفير الإيراني لزيارة إيران مجاناً، بما في ذلك أساتذة الشريعة السنة في الكليات الدينية. وقام برحلة إلى إيران مجموعة من زعماء القبائل برئاسة حامد الجربا، شيخ قبيلة شمر، وفيصل العارف، شيخ قبيلة خفاجة، وعواد العواملة، شيخ قبيلة آل وهب من بلدة البويهج. هؤلاء الزوار يعودون إلى سوريا محملين بالهدايا وجيوبهم منتفخة بالمال.
الإغراءات المالية تؤدي دوراً ملحوظاً في ترويج التشيع الإيراني. الفقراء، على سبيل المثال، يتم إعطاؤهم القروض باسم التضامن الإسلامي، وفي نهاية المطاف يقال لهم إنه لا داعي لإعادتها. وبالمثل، يتم توفير الرعاية الطبية المجانية في المستشفيات الخيرية الإيرانية في سوريا، مثل مستشفى الإمام الخميني في دمشق ومستشفى الهلال الأحمر والمستشفى الخيري في مدينة حلب.
ويقدم المبشرون الشيعة السوريون والإيرانيون في بعض الأحيان المال للناس، أو يعرضون مساعدتهم في المعاملات التجارية أو الرسمية. وعادة ما تقدم مثل هذه الإغراءات إلى وجهاء ورؤساء العشائر، وخصوصاً في المنطقة الواقعة بين نهري دجلة والفرات، حيث تعتبر هذه الطريقة مجرد استمرار للأسلوب العراقي للسيطرة على الناس من خلال رؤساء القبائل والعشائر. وهناك طريقة أخرى لتشجيع التشيع وهي من خلال تزويجهم أو تزويدهم بالضروريات الأساسية مثل الزيت والسكر والأرز والزبدة.
وقد استورد نظام الأسد أيضاً ميليشيا إيرانية خاصة مهمتها حماية النظام. وتتألف الميليشيا من حواي 3,000 جندي إيراني، وكذلك عدد من وحدات من الحرس الثوري الإيراني المتخصصة في حرب المدن. هذه القوات تعمل جنباً إلى جنب مع الحرس الجمهوري السوري، برئاسة ماهر الأسد.
تأثير النصر المتوهم في حرب تموز 2006 على التشيع في سوريا
عند تأمل عملية التشيع في سوريا حالياً، من المستحيل تجاهل دور حزب الله، المنظمة الشيعية اللبنانية مع العلاقات الأيديولوجية والاستراتيجية لإيران. عندما كانت سوريا تسيطر على لبنان قدمت لحزب الله الدعم السياسي والعسكري، وأصبح حزب الله بالتالي حليف سوريا الرئيس في لبنان.
أدت حرب الأيام الـ 33 بين إسرائيل وحزب الله في صيف عام 2006، إلى موجة من الإعجاب بين السوريين لزعيم حزب الله السيد حسن نصر الله، ومنظمته، بسبب مقاومتهم الباسلة ضد إسرائيل. ونتيجة لذلك، أصبح التشيع ينظر إليه بصورة أكثر إيجابية، وتحول عدد أكثر من السنة السوريين إلى المذهب الشيعي. وأدت إنجازات وانتصارات حزب الله «المُتَوَهمة» و«الدعائية» أيضاً إلى زيادة في النشاط الإيراني. ويقول رجل الدين الشيعي الشاب مصطفى السادة، الذي يملك اتصالات عديدة مع السنة: «لقد خدم جورج بوش العرب ووحدهم». وأضاف السادة، إنه يعرف 75 شخصاً سنياً في دمشق اعتنقوا المذهب الشيعي منذ بداية الأعمال العدائية في لبنان في يوليو 2006، وأن الحرب أعطت زخماً إضافياً إلى الاتجاه المتزايد في السنوات الأخيرة للتشيع.
فعلى سبيل المثال يقول وائل خليل، وهو طالب في الحادية والعشرين يدرس القانون الدولي في جامعة دمشق: «لأول مرة في حياتي أشاهد حرباً ينتصر فيها العرب». ولاحقا بدأ خليل، وهو سني، يؤدي الصلاة بحسب الطريقة الشيعية، وقال إنه يخطط ليتحول تماماً إلى المذهب الشيعي.
ومنذ تلك الحرب، أصبحت صور حسن نصر الله وخامنئي الأكثر عرضاً في سوريا من بين الزعماء السياسيين الآخرين في المنطقة. وسيشاهد أي شخص يمشي في شوارع دمشق اليوم صوراً للرئيس بشار الأسد وإلى جانبها صور لزعيم حزب الله. يتم عرض هذه الصور على واجهات المتاجر والسيارات الخاصة والحافلات والجدران. ويشير بعض المثقفين السوريين المحليين أن هذه الصور ترمز للوطنية وليس لمشاعر دينية طائفية، لأن حسن نصر الله أصبح رمزاً وطنياً أكثر منه رمزاً دينياً.
نجاح باهر:
تشيع مدير الأوقاف في طرطوس
(وهو وزير الأوقاف منذ عام 2007)
الشيعة الإيرانيون والعراقيون ينشطون أيضاً على طول الساحل السوري. سيطر جميل الأسد تجارياً على الموانئ السورية والمناطق القريبة منها بدعم وتشجيع من أخيه حافظ الأسد. كما كان يمارس أيضاً العمل التبشيري في هذه المناطق لتحويل العلويين إلى المذهب الشيعي. وكان أحد نجاحاتهم الباهرة هو مدير الأوقاف في طرطوس، الدكتور محمد عبد الستار السيد، الذي يساند علناً العقيدة الشيعية، كما جاء على الصفحة الأولى من مجلة المنبر، وهي مجلة إيرانية مكرسة للمتشيعين (وهو وزير الأوقاف حاليا).
وماذا عن المستقبل؟
يشكل الشيعة اليوم أكثر قليلاً من 1 في المئة من مجموع سكان سوريا (18 مليون نسمة). العديد من الظروف في الوقت الحاضر - الجغرافية والسياسية والتاريخية، والمالية، وبدرجة أقل الدينية أو المذهبية – تتضافر لتسبب زيادة في التحول إلى العقيدة الشيعية. كانت نسبة الشيعة في سنة 1953، لا تزيد على 0.4 في المئة من سكان سوريا.
العدد المتزايد من التحولات هو، أولاً، نتيجة للجغرافيا والتاريخ. الشيعة في سوريا اليوم يمتلكون عدداً كبيراً من المؤسسات والأضرحة، وأهمها مقام السيدة زينب، مقام سكينة بنت الحسين، و«مسجد النقطة» في حلب. ويزور كل هذه المواقع العديد من الحجاج الشيعة من الخليج الفارسي والعراق وإيران. المهاجرون الشيعة العراقيون وكذلك الحجاج الإيرانيون الذين يأتون لزيارة الأضرحة الشيعية في سوريا، يشكلون جيشاً بشرياً كبيراً مشبعاً بالعقيدة الشيعية، ويساعدون في نشر أفكار ومبادئ المذهب الشيعي.
الإغراءات المقدمة لتحفيز التحول للمذهب الشيعي، صنعت جاذبية للمتحولين المحتملين. الشيعة يبنون مساكن للدراسة بجوار الأضرحة ويؤسسون سلطات الدينية هناك ما أعطاهم استقلالية في ما يتعلق بالأحكام الدينية وقيادة المجتمع. إضافة إلى ذلك، يحتفل الشيعة بالعديد من العطل، بما في ذلك عاشوراء، الغدير، وميلاد ووفاة الأئمة الشيعة الاثني عشر، وغيرهم. ويدعى السنة إلى هذه الاحتفالات، وبالتالي يتعرضون لتأثير الأفكار الشيعية.
وقد أدت السياسة دوراً مهماً في تعزيز عملية التشيع؛ فبعد وصول بشار الأسد إلى السلطة في عام 2000، زاد النفوذ الإيراني في سوريا كثيراً، بدعم وتشجيع من قبل النظام السوري. ونتيجة لذلك تجنس العديد من الإيرانيين والعراقيين وأصبحوا مواطنين سوريين بالتجنس، وبذلك زادت وتيرة التحول إلى المذهب الشيعي، وخصوصاً بين العلويين، الذين كان لديهم رغبة في الانتماء إلى أقلية أكبر حجماً وأكثر قوة إقليمياً. وكانت السفارة الإيرانية والملحقية الثقافية في دمشق نشيطتين في التبشير بالعقيدة الشيعية في سوريا وتعملان على نشرها في كل محافظات البلاد، عن طريق الإغراءات المالية، والمنح الدراسية للجامعات الإيرانية، والرعاية الطبية المجانية، والرواتب الشهرية، وغير ذلك. إضافة إلى ذلك، عززت حرب لبنان عام 2006، المشاعر المناهضة للغرب في وسائل الإعلام السورية، التي تعارض وجود إسرائيل وتدعم حركات المقاومة في الضفة الغربية وقطاع غزة وفي لبنان. وهو ما أثار موجة من الإعجاب بحسن نصر الله، وكانت النتيجة أن العديد من السوريين تشيعوا بسبب هذا الإعجاب لا بل زادت الأنشطة الشيعية في سوريا بكثافة.
هذا النوع من المظاهر الموالية للشيعة (من خلال إظهار الإعجاب بحسن نصر الله) قد تكون لحظية فحسب، لأنها رد فعل عاطفي وليس قناعة دينية عميقة الجذور. ولكن مهما كانت طبيعة الدوافع، فالحقيقة هي أن الميل نحو التشيع في سوريا لا يزال قائماً.
انتهى بحث البروفيسور خالد سنداوي ويليه مقال للبروفيسور ديفيد ليش المتخصص بالشأن السوري:
تخطيط طوارئ:
طهران تستعد للاستيلاء على دمشق
في منتصف أبريل عام 2013، قام زعيم حزب الله حسن نصر الله، بزيارة سرية إلى طهران حيث التقى كبار المسؤولين الإيرانيين وفي مقدمتهم المرشد الأعلى علي خامنئي، وقائد قوة القدس التابعة للحرس الثوري، الجنرال قاسم سليماني، المسؤول عن السياسة الإيرانية في لبنان وسوريا. الزيارة كانت سريّة ولم تكشف أي تفاصيل على المستوى الرسمي - باستثناء النشر الحصري على الموقع الرسمي لحزب الله لصورة خامنئي ومعه حسن نصر الله في مكتبة خامنئي الخاصة، وفوقهما صورة لآية الله الخميني.
مشاركة سليماني في اجتماع مع نصر الله تعتبر إشارة مهمة. لقد كان سليماني رأس حربة النشاط العسكري الإيراني في منطقة الشرق الأوسط؛ ففي يناير 2012، أعلن سليماني أن الجمهورية الإسلامية تسيطر «بطريقة أو بأخرى» على العراق وجنوب لبنان، وهو الآن - كما يبدو – يستعد لبسط سيطرة إيران على سوريا بالكامل.
خطة إيرانية من ثلاثة محاور
وأشار خزان تفكير موثوق، على الرغم من أنه معادٍ لإيران وحزب الله ولكنه ينشر معلومات دقيقة، إلى أن إيران وضعت خطة عسكرية عملياتية لمساعدة سوريا أو للسيطرة عليها. وقد سميت الخطة باسم الجنرال سليماني. وتتضمن الخطة ثلاثة عناصر:
(1) إنشاء جيش طائفي شعبي يتكون من الشيعة والعلويين، ويُدعم بقوات من إيران والعراق وحزب الله، إضافة إلى وحدة شيعية رمزية من متطوعي الدول العربية في الخليج الفارسي.
(2) تتزايد هذه القوة تدريجياً حتى تصل إلى 150,000 مقاتل.
(3) وتعطي الخطة الأفضلية لاستيراد المحاربين من إيران والعراق، وبعد ذلك فقط، عناصر شيعية من دول أخرى. وسيتم دمج هذه القوة الإقليمية مع الجيش السوري. وزار سليماني بنفسه سوريا في أواخر فبراير وأوائل مارس، للإعداد لتنفيذ هذه الخطة.
يتبع .....
** ** **
هوامش المترجم:
(*) وعندما جرت بعض حالات التجنيس التي ربما كانت غير مبررة ومشكوك في دوافعها في مملكة البحرين قامت الدنيا ولم تقعد!! فعلا صدق من قال: وعينُ الرِّضا عن كلَّ عيبٍ كليلة ٌ/وَلَكِنَّ عَينَ السُّخْطِ تُبْدي المَسَاوِيَا. (العيسى).
هوامش المترجم:
(*) وعندما جرت بعض حالات التجنيس التي ربما كانت غير مبررة ومشكوك في دوافعها في مملكة البحرين قامت الدنيا ولم تقعد!! فعلا صدق من قال: وعينُ الرِّضا عن كلَّ عيبٍ كليلة ٌ/وَلَكِنَّ عَينَ السُّخْطِ تُبْدي المَسَاوِيَا. (العيسى).