تَبْكِيْكِ يَا أُمَّاه أُمِّي الرَّاحِلَهْ
رُوحِي وَإحْسَاسِي وَنَفْسِي الذَّاهِلَهْ
وَمَشَاعِرِي تَبْكِيْكِ فِي أَعْمَاقِهَا
مَفْجُوْعَةً مَوْجُوْعَةً مُتَدَاخِلَهْ
حَرَّى قَدْ الْتَهَبَتْ أَسَىً فتَوَقَّدَتْ
فِي مُهْجَتِي وَتَفَاعَلَتْ مُتَسَاِئِلَـهْ
فَكَأنَّهَا قَد أَنْكَرَتْ أَخْبَارَهَا
وَاسْتَنْكَرَتْ إِخْبَارَهَا مُتَجَاهِلَهْ
فَأَبَتْ عَلَى عَيْنَيَّ دَمْعاً أَتَّقِي
حَرَّ المُصِيْبَةِ فِي عَزَاءِ العَائِلَهْ
قَدْ عَزَّنِي دَمْعِي فَعَيْنِي لَمْ تَجِدْ
دَمْعاً فَعَيْنِي فِي أَسَاهَا خَامِلَهْ
فَكَأَنَّها جَفَّتْ لِحَرِّ مُصَابِهَـا
إِنَّ الحَيَاةَ مَرَارَةٌ متَوَاصِلَـهْ
أُمَّاه أَبْكِي فِيْكِ قَلْباً طَالَمَا
لاقَيْتُ فِيْه مَشَاعِراً متَفَاِئلَهْ
أُمَّاه أَبْكِي فِيْكِرُوحاً تَحْتَفِي
فِي مُنْجَزَاتِي بِالأَمَانِي حَافِلِهْ
إِنِّي لَأَذْكُرَ فِيْكِ حِيْنَ طُفُولَتِي
حَزْماً وَجَدْتُ بِه المَسَاعِي شَامِلَـهْ
وَوَجَدْت فِيْكِ مِن المَشَاعِرِ مَا ارْتَوَتْ
روحِي بِه حَتَّى تَسَامَتْ فَاعِلَهْ
أمِّيَّةٌ أُمِّي وَلَكِنْ لَمْ تَكُنْ
بِالدِّيْنِ والدُّنْيَا اعْتِبَاراً جَاهِلَهْ
كَمْ مِنْ حَفِيْدٍ فِي رِعَايَتِها الْتَقَى
مَا يَسَّرَتْ دَوراً لِأُمٍّ عَامِلَهْ
وَجَدُوا الحَنَانَ مُكَثَّفاً فَتَعَلَّقُوا
بِحَنَانِهَا عَرَفَ الجَمِيْعُ وَسَائِلَـهْ
أُمَّاه أَذْكُرُ حِينَ أَذْكُرُ حَادِثاً
قَدْ كُنْتِ فِيْه عَن المُسَبِّبِ سَائِلَـهْ
مَا زِلْتِ فِي خَطَرٍ بِطِبِّ عِنَايَةٍ
وَالمَوتُ أَقْرَبُ مِنْ أَدَاءِ النَّافِلَهْ
نَادَيْتَنِي لا تَسْجُنُوه فَأُمُّه
تَخْشَى عَلَيْه مِن الزَّمَانِ غَوَائِلَهْ
سَامَحْتُه لا تَفْجَعُوهَا إِنَّنِي
بِاللَّه أَبْنَائِي عَلَيْكمْ دَاخِلَهْ
نَجَّاكِ حِيْنَ رَحِمْتِهَا ذُو رَحَمَةٍ
رَحَمَاتُه تَرْوِي النُّفُوسَ الغَافَلَهْ
أُمَّاه دُنْيَانَا بِفَقْدِكِ أَظْلَمَتْ
هَلْ كُنْتِ بِالشَّمْسِ المُضِيْئَةِ رَاحَلَهْ؟
أَمْ أَنْتِ كُنْتِ الشَّمْسَ فِي أَيَّامِنَا
إِذْ كنْتِ فِيْهَا بِالمَشَاعِرِ مَاثِلَهْ
أُمَّاه كَيْفَ يَمُرُّ يَومِي فِي غَدٍ؟
يَا لَلفَقِيْدَةِ فِي غَدِي والنَّازِلَهْ
أمَّاه كَيْفَ يَكونُ عِيْدٌ قَادِماً
مِنْ غَيْرِ أنْ نَلْقَاكِ زِنْتِ مَحَافِلَهْ؟
يَا دَارُ مَاذَا أَنْتِ حِيْنَ سؤَالِـنَـا
عَنْ أُمِّ سَعْدٍ لِلْمُسَائِلِ قَائِلَهْ؟
قولِي لَهُمْ رَحَلَتْ لِدَارٍ هُيِّئَتْ
مِنْ رَبِّهَا بِجِوَارِه لا زَائِلَهْ
فِي رَحْمَةِ الرَّحْمَنِ فِي مَرْضَاتِه
وَبِعَفْوِه كَانَتْ بِذَلِكَ آمِلَهْ
رَبَّاه أُمِّي قَدْ أَتَتْكَ بِدَعْوَةٍ
نَادَيْتَهَا فِيْهَا بِحَرِّ القَائِلَهْ
بِالمَاءِ والثَّلْجِ اغْسِلَنْهَا غَافِراً
عَنْهَا لَهَا كلَّ الذُّنوبِ الآجِلَهْ
أَكْرِمْ لَهَا نُزُلاً وَوَسِّعْ مَدْخَلاً
فِي جَنَّةِ الفُرْدَوسِ أُمِّي الرَّاحِلَهْ
- د. عبد الرحمن عبد الله الواصل