منال الرويشد بدأت بسبل الرسم التقليدية ووجدت نفسها في الفن الرقمي
دخلت فنون الوسائط التي يضيفها الفنان إلى العمل الفني في السبعينيات الميلادية واعتبرت نقلة جديدة تتجاوز اللون ومسطح اللوحة، ثم تطورت هذه السبل إلى أن دخل عالم الكمبيوتر والبرمجيات حياة المصممين والرسامين فبدا أصحاب الاختصاص من التعامل مع هذه النقلة الالكترونية الهامة من خلال التصاميم الهندسية عند تصميم كل منتج صناعي إلا أن مخترعي تلك البرامج الحاسوبية لم يتوقفوا عند تلك الحدود بقدر ما قاموا بإنتاج برامج جديدة وجد فيها الفنانون مساحة أكبر للإبداع والتعامل مع أدوات تحقق لهم كل ما يصبون إليه من دقة تدفع بالمشاهد إلى الاندهاش والإعجاب عودا إلى الفكرة المنفذة بها.
ولهذا الفن أنواع عدة تعتمد على برامج متخصصة لكل نوع من تلك الأنواع منها ما يعتمد على استخدام الصور من خلال التعديل والإضافات وتوظيف الصورة بما يناسب الفكرة كذلك برامج الأبعاد الثلاثية وبرامج الانيميشن المتحركة وصولا إلى برامج يمكن للفنان استخدام كل ما تقع عليه عينه من عناصر كما أن هناك برامج تحول التصميم من الورق إلى أنماط عدة المجسم والمسطح ويظهرها بمختلف الخامات كالحديد أو الخشب أو البرونز إلى آخره.
هذا العالم الجديد في مجال الفنون هو عالم ضيفتنا اليوم الفنانة الدكتورة منال الرويشد التي تعد الحلقة الأبرز في هذا المجال على المستوى المحلي حلقة من حلقات الوصل بين الأجيال السابقة رواد بدايات الفن التشكيلي المحلي وبين الأجيال الجديدة، إذا علمنا أنها في الأصل فنانة تجيد الرسم وبناء اللوحة الزيتية والمائية لكنها تعشق المغامرة وتبحث عن التغيير من أجل اكتشاف أغوار عالم التقنيات الحديثة فاختارت الفن الرقمي.
* بين غرابة الوسيلة وتطويعها.
لا يجف نبع الإبداع (النسائي) نسبة لجنس المنفذ للعمل وليس اختلاف في المنتج والقدرات.
ولا تموت أغصان عطائهن أو تبخل بالثمار اليانعة.
ففي بلادنا الوطن (السعودية) كل يوم تولد موهبة وكل يوم تتألق مواهب وتصبح أكثر احترافا وإبداعا واكتشافا لسبل التعبير.
وإذا كنا قد استضفنا في صفحة سابقة الفنانة الرائدة سلوى الحقيل المتخصصة في الألوان المائية، يسرنا اليوم أن نقدم أيضا اتجاها إبداعيا ولد في رحم مسيرة الفن المحلي توازيا مع ما طرأ على الفنون من تطور في الفكرة أو الوسائط ومنها استخدام برامج الرسم والتصميم على الكمبيوتر (الفن الرقمي).
والحقيقة أن دخول الفنانة الدكتورة منال الرويشد في هذا العالم الإبداعي الواسع السبل والسهل الممتنع في التعامل معه قد واجهت فيه الكثير من اختلاف الآراء البعض منها لا يرى أن هذا الفن يوازي ما عرف عن الفنون السابقة في المجال التشكيلي عبر تاريخه وما توثقه الكتب والمتاحف من أعمال لا يمكن تجاهلها لكن الأمر يتعلق بحالة التطور والتحديث في سبل إبداع الإنسان بناء على تبدل وتغير الحضارات وتطور العلم وما تبعه من السبل والأدوات التي يجد فيها الفنانون الكثير من الإمكانيات التي تخدم ما يرغبون التعبير عنه.
تلك الآراء والاختلافات كانت بمثابة المحرض والدافع للتحدي من قبل الفناة الدكتورة منال إيمانا منها وقناعة بأن الواقع الفني في العالم لن يتوقف عند ما عرف سابقا من أدوات كالفرشاة والألوان عبر البالتة والتعامل مع اللوحة مباشرة، بقدر ما وجدت أن ما طرأ من اختراع لتلك البرامج تحتاج للبحث فيها واكتشاف أغوارها إضافة إلى ما تمتلكه من إحساس تربوي يسبق زمنه خدمة للمواهب القادمة من الأجيال الجديدة التي تتعامل معها كمشرفة في التربية الفنية، باعتبار أن مثل هذه التقنيات تسير جنبا إلى جنب مع ما يتلقونه من معلومات دراسية أو من خلال السبل الإعلامية التي أصبح العلم فيها قرية صغيرة.
د. منال بين مختزل الذاكرة وفلسفة الفكرة
في بدايات تعامل الفنانة الدكتورة منال الرويشد مع الرسم وصولا إلى اللوحة كانت تتكئ على مختزل بصري واقعي تستمده من البيئة بكل عناصرها تحركت من خلال تجاربها من مرحلة التسجيل المطابق للواقع إلى مراحل أكثر تقدما في توظيف العناصر خدمة للفكرة إلى أن دخلت عالم الفن الرقمي، التي تلامس بإيحاءاتها تارة بالسريالية وأخرى بالرمزية والتعبيرية تبعث الحياة من خلالها وتستفز ما تشعر بجموده في ذاكرتها الجمالية نتيجة معترك الحياة... محققة بذلك انتصارا مضادا ميتافيزيقيا بالغوص في أعماق الآخرين سعيا لإزاحة كل ما هو قبيح في مشاعر المتلقي لحظة نظرته للوحة طارحة لغز تجمع شتاته من ثنايا الزمان والمكان، هل في ما يراه ماض مضى أم جزء من حلم يستشرف به المستقبل؟ يستمر من خلالها المشاهد للوحاتها لاختراق الزمن، يزحزحه ويتحايل لاجتياز حدوده...
في لوحات الدكتورة منال ما يجمع بين ذاكرة الشّخص وذاكرة الجماعة بعد أن تصهرها في اللّوحة ذاكرة الحاضر واستشراف المستقبل... تحول اللوحة إلى ذاكرة ومدونة للتّذكير بزمن حاضر وأزمان بالآلام تارة وتارة أخرى برائحة نرجسيّة وطعم عاطفي تنسج بها عالما سرياليّا أحيانا ورمزيا أحيانا أخرى مغاير تماما لكل ما يتوقعه المشاهد أو يتخيله، وكأني بها تقول: أنا أنا أرسم إذا أنا سعيدة... تستفزها الفكرة وتداعب أناملها (كي بورد) الحاسوب لوحاتها انعكاسا لأحلامها وأحلام الآخرين، قصائد مرسومة وروايات ومشاهد تعيدنا إلى مواقف حالمة وأخرى تحملنا نحو الأمل...... تهزم فيها حالات التشاؤم وتبعث التفاؤل وتزيد في بعضها الشعور بالأوجاع لنتذكر الشفاء.
الوجوه في لوحات الدكتورة منال ليست وجوها من الواقع مهما قرب الشبه أو تصادف مطابقته فهي نسج خيال لا تقبل التأويل فقد صنعتها لتصبح جزءا من فنها لتدوين ذاكرة وتوثيق هوية افتراضية بتوقيعات تتعايش جميعها في حدقات أعين المتلقين لها إحساس يجسّد اللّامعقول الجمالي.
منافسة دون تصادم، متسابقة نحو اكتساب الخبرات دون تراجع... فقط هو الفن بكل وسائله وسبله بلمسات واثقة على مفاتيح الحاسوب تفتح بها نوافذ لتطل على جديدها من خلال جديد الآخرين تستمتع بأهواء اللّوحة وإغراءات برامج الرسم والتشكيل الالكترونية وتحتفي بها كنوع من العرس التّشكيلي الذي يحتضن كل جميل في حياتنا، فكلّ شيء يتبخّر ويذوب إلا ذاكرة غير اللوحة وذاكرة الفنّ... إنّ ذاكرة حاضرة بما تحمله من الماضي وتأخذه إلى المستقبل.
* سيرتها الحافلة
عضو مؤسس في الجمعية السعودية للفنون التشكيلية (جسفت)، وفي مجلس إدارة الجمعية السعودية للفنون التشكيلية، وعضو في جماعة «الفن البوح والبحث عن الذات. عضو مؤسس في مجموعة الفنانات التشكيليات لمنطقة الرياض، وعضو في الجمعية السعودية للإدارة، وعضو في الجمعية السعودية للصحافيين، وعضو مؤسس مجموعة الفن الرقمي،، وعضو في مجموعة «عين رأت»، هي عضو في لجنة التنسق لتنظيم المشاركات في المعرض التشكيلي لكلية اليمامة ضمن فعاليات الأسبوع الثقافي من خلال الجمعية السعودية للثقافة والفنون، وعضو في لجنة مهرجان صيف الرياض بالإعداد والإشراف على معرض الفنانات التشكيليات في مهرجان صيف الرياض.
أدارت الأمسية الثقافية للفنانة «اعتدال عطيوي» المستضافة ضمن فعاليات إقامة المعرض الثاني لمجموعة الفنانات التشكيليات بمنطقة الرياض، والأمسية الثقافية للدكتورة إجلال شاكر ضمن فعاليات المعرض الأول للفنانات الواعدات لمؤسسة الفن النقي، والأمسية الثقافية لفنانات الكويت ضمن فعاليات معرضهن التي أشرفت عليه مجموعة الفنانات التشكيليات بمنطقة الرياض، ونقلت في عرض «حيّ» ورشة في الفن الرقمي في معرض «رؤى وطنية لجنادرية 21» لتثقيف المجتمع حول هذا الفن.
وشاركت بورقة عمل بعنوان «دور المحكمين وعلاقتهم بالمجتمع والبيئة» في المحاضرة «المسابقة التشكيلية المحلية وأثرها في الحركة.. السفير نموذجاً» ضمن فعاليات مسابقة السفير الثانية لوزارة الخارجية، أعدت وأدارت المشاركة في الندوة الثقافية «جدلية التشكيل والفن الرقمي» لمجموعة الفن الرقمي.
مثلت المملكة بالمشاركة والحضور في الأسبوع السعودي الثقافي في قطر ضمن فعاليات الاحتفاء بالدوحة كعاصمة للثقافة العربية، وقدمت ورقة عمل بعنوان «أغلفة الكتب الدراسية» في الندوة الدولية لأغلفة الكتب ضمن فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب، وشاركت بورقة عمل ضمن فعاليات بينالي عسير الدولي.
شاركت في كل من: المعرض السعودي المتجول في النمسا، البحرين، لندن، سلطنة عمان, الرياض، والمعرض الثقافي الفني السعودي ببيروت، ومعرض الأسبوع الثقافي في المغرب، والمعرض التشكيلي للفنانات السعوديات والعمانيات السعودي المقام في عمان.
-monif.art@msn.com