في صباح يوم الخميس المصادف 22 من شهر أكتوبر 2015 حدثت جريمة قتل بشعة في السويد كان ضحيتها معلم عراقي الجنسية يبلغ من العمر 21 عاما اسمه (لاذين) ويبدو أن المغدور من خلال الاسم كوردي القومية أو أزدي الانتماء. حصلت الجريمة في إحدى المدارس جنوب السويد، جريمة اهتز لها المجتمع السويدي وإستيقظ الناس على خبر مفجع حيث إنها تمت بوحشية عندما دخل المدرسة أحد الأشخاص متنكرا بزي أحد الأفلام السينمائية مستغلا بذلك أعياد «الهيلوين» التنكرية كي يبعد الشبهة عنه. عندما دخل المدرسة حاملا سيفه فالتقط الطلاب معه صوراً ظانين أنها مزحة منه، ثم فجأة بدأ بمطاردتهم بسيفه. سمع المعلم المرحوم «لاذين» صراخ الطلاب ونداء استغاثتهم. خرج من الصف مهرولا لإيقاف المقنع وحماية طلابه فتمكن الطلاب من الهرب. دخلوا الصف وأغلقوا الباب واتصلوا بالشرطة. وبعد محاولة لإيقافه عن طريق المعلم انهال عليه بسيفه حتى وقع صريعا في مكانه. هرب المجرم وطاردته الشرطة وأطلقوا عليه النار فسقط جريحا ثم مات بعد ساعة في المستشفى.
الجريمة تسببت في رعب الأهالي والطلاب والمجتمع. اتضح أن المجرم من الداعين للحزب اليميني المتطرف والمعادي للمهجرين. أعلنت الشرطة عن وفاة مرتكب الهجوم نتيجة إطلاق الشرطة النار عليه. وكان المعلم العراقي مع صبي صومالي قد ماتا وجرح الكثيرين وهم في حالة خطرة.
الأخوة في المؤسسات الإعلامية البصرية المرئية ..
الأخوة في الدولة وفي الثورة وما بينهما ..
الأخوة في الجامعات والمؤسسات التربوية وفي المدارس ..
أدعوكم كي تطلبوا ملفات الجرائم من مؤسسات الأمن في بلدانكم وستجدون الكثير من الجرائم هي صورة عما يحصل في السينما ومن على شاشة التلفاز.
ليست الصورة المتحركة مجرد صورة. هناك مسلسل أمريكي عن تغذية العقول بفايروس معين يقودهم لأن ينفذوا جرائم صعبة التحقيق وهم مسلوبو الإرداة. عنوان المسلسل «الموتى السائرون» والذي يصور نائب الشريف الميت الذي يستيقظ ليرى العالم كله موتى الأحياء فيه هم من صنف «الزومبي» أي مسلوب الإرادة. قصة هذا المسلسل هي قصة الرعب والذي حقق ضمن القنوات المشفرة أكبر إيراد لمسلسل تلفزيوني. لقطات الفيلم ليست مرعبة فحسب بل هي غاية في البشاعة.
الشاب الذي تنكر بملابس وماكياج في حفل «هيلوين» التنكري هو أحد شخصيات هذا المسلسل وكأنه خرج من الشاشة إلى الواقع لكي ينفذ جريمته.
إن تأثير الصورة على المتلقي ليس مجرد تأثير نفسي سيكولوجي. ففي جانب منه وهو الجانب الصعب والخطير هو التأثير الفيزيائي بحكم أن الصورة الواحدة تبقى في شبكية العين أقل من عشر الثانية حتى تليها الصورة الثانية ومن ثم الثالثة حتى أربعة وعشرين صورة في الثانية تقوم العين نفسها بتوليف تلك الصور. وهذا هو مبدأ تحريك الصورة الذي منح البلجيكي «جوزيف بلاتو» عينيه ثمنا لتجاربه في هذا المجال فتحركت الصورة بعد أن فقد بصره حيث كان يقوم بالتجارب على عينيه. ولم ير نتائج تجربته بحيث التجربة نجحت فيما فقد هو بصره.
هذا الخزين من الصور المتتالية التي اكتشفها «بلاتو» لا تفلت من العين بل تخزنها في ذات المتلقي، ولذا يأتي تأثير الصورة على المتلقي فيزيائيا. وكثير من الجرائم التي ينفذها أشخاص حتى ليسوا مجرمين قبل تنفيذ الجريمة، بل إنهم متلقون للأحداث والمسدسات والسكاكين والرشاشات والسيوف ومنفذون من خلال هذه الأدوات جرائم يندى لها جبين البشرية ولا يندى لها جبين منتجي المسلسلات ولا شركات توزيع البرامج ولا أصحاب القنوات الفضائية التي تبث هذه المسلسلات الجريمية بدون وازع من ضمير وبدون وازع من المسؤولية الوطنية والأخلاقية.
الجريمة التي حصلت في الجنوب السويدي هي صورة من المسلسل الأمريكي (The walking dead) وهو متنكر بملابس ومكياج شخصيات المسلسل. وهذه الملابس ومواد المكياج تباع في محلات ما يسمى «الأزياء التنكرية» أو محلات «هيلوبن» وهي منتشرة في أوربا فيشتريها الفرد بثمن بخس لكي ينفذ جريمة يدفع ثمنها أطفال وأساتذة مدارس وجامعات. وجرائم المدراس والجامعات تكررت في بلدان كثيرة من العالم وفي المقدمة منها الولايات المتحدة الأمريكية.
هل تودون السفر إلى أبعد من هذا الحادث والحدث في مدرسة في جنوب السويد .. السفر ومشاهدة ما يحصل اليوم ومنذ سنوات ليس في مدرسة للطلاب بل في مدرسة الحياة وفي منطقة ما كانوا يطلقون علينا الشرق الأوسط. نعم فدواعش وجنود الخلافة الإسلامية هم صورة التكوين والتأثر بالمسلسلات التلفزيونية وإعادة خلقها مخرجة ومنفذة على الأرض وليس تمثيلا، ارض الواقع العربي وأرض الواقع الإسلامي، وضمن مؤثرات ضوئية وسمعية يتم تنفيذهاي بإتقان من قبل مخرجين وتقنيين يعملون في صفوف الدواعش، وبعد تنفيذها على أرض الواقع وبثها عبر وسائل الإعلام، تتسرب بعد بثها من خلال شبكة العين إلى ذات المتلقي فيتحرك الشخص مسلوب الإرادة كما الروبوت أو الزومبي وهو ينفذ جريمته بدم بارد!
هذه حركة جريمية واسعة ذات أبعاد سياسية مستقبلية خطيرة، والناس المنخرطون فيها والمسافرون نحوها وهم يقطعون المسافات عبر الحدود والمطارات أنما هم أشخاص مسلوبو الإرادة تماما «من الزومبي» بعد أن أصبحت صور النحر مدافة بالذات الإنسانية المهيأة أصلا للتنفيذ بسبب عوامل عديدة اجتماعية وسوى ذلك .. فهل ستستمرون في دعم القنوات الفضائية بالمال وبهذا الغدق من المال كي تصنعوا أجيالا من المجرمين مسلوبي الأرادة، أم أن الدولة سيكون لها موقف مما يجري ليس على واجهة شاشات التلفزيون بل في واقع بلدانكم . كل ذلك بسبب عدم الاكتراث مما تبثه قنوات التلفزة.
يوما سوف يصبح إيقاف النزف عسيراً .. فانتبهوا! لأن تأثير الصورة «المتحركة» يتعدى التأثير الإعلامي ويتعدى التأثير السيكلوجي ويتعدى التأثير الأمني ويصب في إحدى مهامه في التأثير الفيزيائي. فأحكموا قوانين الإعلام في بلدانكم قبل فوات الأوان!
- هولندا
k.h.sununu@gmail.com