يصعب القول كثيراً.. كثيراً أن يقال: إن بضاعة طلاب العلم.. اليوم.. في المراحل الجامعية جيدة جيدة بمعنى حال يحسن السكوت عليه.
أقول.. وكثير هم الذين أولئك يزاولون العلم في مجال: الدعوة والتحقيق والبحث والأدب والتاريخ يقع منهم أشياء كثيرة ما كنت ولا أنت نحسب أنها ظهرت ممن طلب العلم عشرة أعوام في غالب الحالات، ذلك أن هذه الأخطاء تأتي في صميم ما طلبه كل واحد منهم في تخصصه.
وإذا كان العلم في أصله موهبة وقدرات فإن الدراسة تصقل هذا من جهة حظ وافر.
الأستاذ الجامعي يحرص ويشتد في هذا ما وسعه الجهد ويبذل ما وسعه البذل، لكن ما كل مجتهد مصيب، ومن خلال هذا تتكون مدارك الطلاب.
فمدرس التاريخ يورد آثاراً بعضها لم يحققها جيدا إنما بحث وراجع جهده كله، ويأتي مدرس الأدب فيفعل كذلك، ثم يأتي مدرس علم الحديث فيبين حقيقة الآثار والنصوص تلك التي أوردها المدرسان فيجد الطلاب تعارضا قويا وتصادما مهولا، وهذه أمثلة عاشها كثير من الطلاب، فلما شبوا عن الطوق وراحوا هم بأنفسهم يجثون وينقبون وجدوا ما صدمهم، وذلك من خلال دراسة حقيقة المتون وكيف دونت؟
وحقيقة الأسانيد كيف ركبت؟
فصدمهم ما وجدوا بعد حين فقضية زواج خالد بن الوليد من زوجة مالك بن نويرة بعد قتله وقضية أن عمراً بن العاص أبان سوأته لما بارزه علي بن أبي طالب، وقضية قبر علي بن أبي طالب وأنه بمدينة الكوفة.
وقبر آمنة بنت وهب وأنه بالأبواء هذا الذي يزار اليوم. وقضية موضع مولد النبي- صلى الله عيه وسلم- بمكة وقضية مولد النبي صلى الله عليه وسلم وأنه يوم 12: ربيع الأول.
وكذا: إسلام أبي طالب وكذا: رأس الحسين وأنه نقل من العراق إلى القاهرة.
وكذلك قضية كتاب: الحمقى والمغفلين وأنه لابن الجوزي.
وكتاب: العشق وأنه لابن قيم الجوزية وكذا كتاب: نهج البلاغة وأنه لعلي بن أبي طالب.
ومثله أن النبي صلى الله عليه وسلم يلقب بالأمي لأنه ولد- عليه الصلاة والسلام- بأم القرى وكذا قضية مهمة ذات خطر بالغ وتلكم هي: نفي وأد البنات بحجة البحث الأدبي والتحليل الثقافي، وأن الوأد لم يكن وقد قال أصدق القائلين: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ}.
وكذا مثل قصة الغرانيق فهذه قصة لم يصح لها سند متصل ثابت وأصلها أن النبي- صلى الله عليه وسلم- حين قرأ من سورة: النجم قرأ:(واللات والعزى تلك الغرانيق العلا وأن شفاعتهن لترتجي) فهذه رواية مدخولة سنداً ومتناً وظاهر فيها الكذب والتلفيق وكذا نسبة (الإمامة والسياسة) وأنه لابن قتيبة، وكذا قضية أن الشعر الجاهلي أو أن جله منحول لم يصح، صحيح أن قليلاً منه منحول لكن ليس ذاك الشعر الفحل القوي، وهو هنا كثير كما ذكره الأقدمون، لكن هذه الفرية إنما جاءت خلال تغريب بعض الطلاب إلى فرنسا إبان موجة نبذ القيم ونبذ آثار الإسلام بنقد مبشراته ودواعيه من خلال ما ورد من الشعر مما يعني بالنبوات وصلة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام بمكة.
وكذا قضية التفريق بين الإنسان والبشر وكذا إخضاع بعض الآثار في الصحيحين إخضاع بعض المتون لمجرد البحث العلمي وأن المتن وإن كان صحيحاً وسنده كذلك فيكون المتن شاذا لا يقبل لأنه يخالف أساسيات التحليل الطبي كقصة (الذباب إذا وقع في الاناء) وتحكيم العقل ورؤيته باب هذا واسع فلو حكم أحد عقله في كل شيء يرد وتخطى الغيب والحكمة التعبدية فسوف يكون عقل هذا الشخص وذاك هو القاضي على معاني ودلالات الآثار ولاسيما والغالب اليوم من الناس أنهم يحبون قراءة وسماع الخفيف من القول والكتابة، وقد تكون شبهة عند أحدهم فيحمل وزرها ذلك المتكلم أو ذاك الكاتب وقد لا يدركان عظم الزلل في هذا مدى الحياة.
ولهذا أحسن أبو الحسن الأشعري حينما تراجع بعد دهر فألف كتابه الخالد: (الإبانة عن أصول الديانة) هذا ومثله يحصل ويكون بسبل شتى وطرق متنوعة لعل صاحبها من ذوي النية الحسنة لكنه لم يقعد المسألة ولم يتأملها بعقله السالم من الشبهات ولم يستشر والاستشارة في مثل هذا من تمام وضوح الرؤية من حيث ضم عقل إلى عقول كبيرة قادرة تعين وتبين.
وهذا كان دأب علماء وباحثي القرون المتعاقبة. وهو يلقح ويضبطه بضابط الجد والعدل ونزاهة الأخذ والعطاء أبداً، وهذا كتاب: (أخلاق العلماء) للآجري شاهد عليه لمن تأمله ووقف عليه، وهذا كتاب: (الشمائل) للترمذي ينص على الاقتداء من خلال الوصف والتقرير والقول والعمل، قلت (ولا ينبئك مثل خبير) فقد جربته في خطابات كثيرة للقضاة أبعثها إليهم حينما ألمح رأياً مرجوماً أو رواية لم يتم إسنادها أو حكما قام به أحد القضاة يحتاج إلى إعاة النظر فيه ما بين عام: 1400هـ حتى: 1403هـ ومحور القول هنا كما هو محوره هناك أ، هذه الحال إذا لم يتنبه إليها تكون حالات ليست سارة على بناء العقل العلمي والمستنتج لمعاني العلم حتى في مجال: علم الاجتماع والإدارة والطب والنفس في عقول الطلاب في المراحل الجامعية.
** ** **
بريد السبت:
الأخ عيد بن مطر بن عيادي الجهني المدينة
الأخ منصور بن مقبل: أبو ناهد- المدينة
الأخ هادي بن مطر بن عايدي الجهني - المدينة إليكم إجابة ما تسألون عنه.
أ - جهينة: قبيلة قحطانية، وهم أبناء جهينة بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم من قضاعة.
ب - مزينة: من مضر، ومزينة أبناء طابخة بن اليأس من مضر.
ج - الأوس والخزرج: أسماء لرجلين وهما أبناء حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر.
د - أبو حذيفة: صحابي جليل اسمه هاشم بن عتبة بن ربيعة رضي الله تعالى عنه.
هـ سالم مولى أبي حذيفة هو سالم بن معقل.
و - الخرج سميت بهذا: لما كانوا يؤدونه من الخراج وقيل غير هذا فالله تعالى أعلم.
ز - الإمام النسائي اسمه: أحمد بن شعيب.
ح - الإمام أبو داود اسمه: سليمان بن الأشعث السجستاني.
ط - الغساسنة ليس اسماً لقبيلة ما.. أو أسرة لكنه اسم لماء كثير عبارة عن واد تسيل فيه المياه بكثرة، فكل من جاوره سمي غسانياً (وأطال فيه قوم المقام) وملكوه بالدهاء والقوة والاحتواء الماكر فسموا: ملوك الغساسنة.
ي - اليمن سمي بهذا الاسم لأنه يقع يمين الكعبة.. ولهذا يسمى ركنه الجنوبي بالركن اليماني.
الشيخ: عقل بن عامر العيدي الفوزان الشماسية.. القصيم.
السبع المثاني هي: سورة الفاتحة، ومن قال لك غير هذا فلعله اجتهد فجانبه الصواب.