ليست المرة الأولى التي يكرمني أخي أبو يعرب محمد بن عبدالرزاق القشعمي بإهدائي نسخة من كتبه التي يوالي نشرها، وهي كتب متميزة في منحاها وهدفها، فهي ذات طابع توثيقي، مهتمة بكل ما يخص المملكة العربية السعودية، وتأتي هذه الكتب بمنهج وصفي محايد يدع الحقائق تقدم نفسها؛ ولكن بفضل تنسيق وتصنيف.
صدر كتاب (المرأة في المملكة العربية السعودية كيف كانت وكيف أصبحت) عن دار المفردات للنشر، 1436هـ، وقدمت الكتاب وراجعته الزميلة الدكتورة/ هتون أجواد الفارسي، وهو تقديم رائع على وجازته يزوي لب محتوى الكتاب الذي جاء غلافه مستوحى من علاقة مضمونه بالأنثى، فهو وردي اللون شغلت صدر صفحته باقة من الورود الزهرية، جعل المصمم نصفها باهتًا والنصف الآخر ناصعًا، ليصور بذلك حالي المرأة الحال الباهتة التي كانت عليها والحالة الناصعة التي أصبحت عليها، ووفق القشعمي بتخير الفعل (أصبح) من بين الأفعال الدالة على التحول والتغير، وأما الجزء الأسفل من الصفحة فجاءت خريطة شبه الجزيرة العربية، وهي بيئة موضوع الكتب، وردية اللون.
يأتي هذا الكتاب توسعة لفكرة كتبها الأستاذ القشعمي في صحيفة عكاظ العدد 15688 يوم الأحد 18 شعبان 1430هـ، وعنوانها (المرأة.. كيف كانت وكيف أصبحت).
ويصف الكاتب مضمون كتابه بأنه راصد لمرحلة صعبة في بداية المطالبة بتعليمها وكيف كانت تتعلم تعليمًا أوّليًّا في بعض بيئات الجزيرة قبل توحيد المملكة، حتى بدأت الصحافة بالدعوة إلى تعلمها، وتجربته في هذا الكتاب كما يقول «هي إطلالة سريعة وتسجيل موثق ليطلع أبناء هذا الجيل على المعاناة وعلى ما بذله الجيل الماضي وبالذات الرواد في هذا السبيل من جهود مضنية وكفاح صُلب لا ينثني، وبهذا تحقق للمرأة ما تحقق من إنجازات وسننتظر المزيد».
والحق مع كاتبنا المنتظر للمزيد؛ فالمرأة، على الرغم من كل ذلك، ما زالت تعاني من كثير من الوصاية عليها بحجة (الرجال قوّامون على النساء) بتأويل خاص لا يناسبهنّ، إذ القيامة هنا، في فهمي، هي مساعدتهن بما يستطيعه الرجال منذ كنّ إمهاتهم وأخواتهم وبناتهم، وليس هذا بمقتضٍ أن يحال بينهن وبين مباشرة ما يخصهن من أمورهن في المصالح العامة.
والكتاب إن عبر عن حال المرأة التي كانت عليها وحالها التي أصبحت فيها فهو أيضًا معبر عن أثر الإعلام في تغيير التوجه الاجتماعي، وهو أثر عظيم، والإعلام خيرٌ ما استعمل في الخير وهو شرٌّ ما استعمل في الشر.
- الرياض