الفنان علي المعمار يحيل لوحاته إلى مشاهد تحرك الوجدان وتبعث الدهشة
لاشك أن الخيل كانت ولا زالت مصدر إلهام للفنانين في مختلف دول العالم، منهم من أظهر جمالها في تناسق أجسادها، وقوة عضلاتها خصوصا الخيل العربية، ومنهم من سجل لحظات فوزها وحضورها المنافس في ميادين السباق، أو في السلم والحرب، وهناك من قدمها من جانب جمالي، من خلال الراس والعينان أو ما تتجمل به من إضافات (السرج) التي يحرص ملاكها على أن تظهر به في المناسبات.
وأجاد الكثير في اقتناص حالات الجموح والهدوء والعلاقة بينها وبين فارسها، واليوم نقدم الفنان العراقي على المعمار كأحد أبرز من تعامل مع رسم الخيل، وأصبح له بصمته الخاصة التي نحاول استعراضها في هذه المساحة رغم محدوديتها التي لا تفي بكل ما كتب وطرح حول تجربته الإبداعية وتخصصه في هذا العنصر الصعب الأسهل والأجمل.
اقتناص ملامح الجمال
فالمشاهد للوحات الفنان علي المعمار يكتشف قدرته على اقتناص ملامح الجمال في الخيل من الحركة إلى السكون إلى حالات الزهو وحالات الجموح، بأسلوبه الواقعي الأقرب لعصر النهضة، في جانب الدراسة وإبراز أدق التفاصيل، متمسكا بأهمية النسب في رسم جسد الخيل وتحديد كل نوع ومواصفاته التي عرفها المختصون فيها.
ومن أبرز ما يمكن الوقوف أمامه بكل إعجاب توظيف الفنان المعمار للخيل لتخرج من اطار الجمود أو التسجيل أو التوثيق من الشكل إلى عالم من الخيال.
من خلال إضافة بعد العناصر المنسجمة مع الفكرة التي أراد اخراجها ضمن السيناريو العام للوحة مستخدما الكثير من الصور البصرية والعناصر الانسانية كالمرأة أو شيء مما يعيدنا إلى التراث التاريخي أو يضع عنصر الخيل في فضاءات بانورامية بمزجها بعناصر أخرى أقرب للسريالية.
ولم يتوقف إبداع الفنان المعمار عند هذا الحد وانما اظهر قدراته في كيفية تناول الخيل بايقاع سريع من خلال لمسات الفرشات فتظهر للمتلقي واكنها ملونه رغم انها بلون واحد اقرب إلى روح الاسكتش أو الرسم التحضيري للوحة.
إن مفردة الخيل عند الفنان المعمار تعني حالة لا تتوقف بقدر ما تتطورعند كل لحظة يقف فيها أمام الخيل أو يستعيده في ذاكرته فيحيلها إلى مفردة خاصة بإيقاع يجمع بين أساليب من سبقوه على مدى تاريخ رسم الخيول والفروسية إلى واقع معاصر حداثة اللون والشكل تتحرر بها عن التكرار بالاتجاه نحو الحداثة خصوصا في الجمع بين عنصرين، كما أشرنا يجمعهم قواسم مشتركة.. المرأة والخيل، كلاهما عطاء وجمال كما تناولهم الشعراء والرواة العرب
فلسفة تفسر ميل المعمار للخيل
في كثير من اللقاءات التي تجرى مع الفنان المعمار بعد افتتاحه أي من معارضه يتحدث عن تجربته هذه بالقول إن في رسمه الخيل عامة، والحصان العربي على وجه الخصوص، هو التجاوز والذهاب إلى أبعد من الشكل الجمالي للحصان باعتباره أحد رموز التراث العربي ولما يحمله من الكثير من المعاني والقيم النبيلة واللا متناهية التي تشكل مواضيع للرسم.
فمن القصص الإنسانية، التي تظهر في أجواء درامية مليئة بالانفعال أحيانا، والسكون أحيانا أخرى، إلى عالم الواقعية السحرية المشبعة بعالم الأسطورة، مشيرا إلى ان الحصان يحمل معاني الكبرياء، والشموخ، والإنساني.
ويدعم الفنان المعمار هذا التوجه بالقول (أنا أرسم الأصالة والفروسية في زمن فقدت فيه كل معاني الفروسية).
الخرزة الزرقاء وذاكرة التراث
يلاحظ في لوحات الفنان علي المعمار اهتمامه بالخرزة الزرقاء التي نراها في جيد الحصان أو الفرس احيانا واحيانا اخرى ساقطة على الأرض تسعى الفرس لالتقاطها، أو ما يظهر من ربطه الخيل بالتراث الذي يستعيده من ذاكرة الماضي كنظرة الخيل للفرس وكانها تستعيد ذكريات البطولة، أو ما نراه في لوحة اخرى لخيل ينظر إلى دلة القهوة العربية التي دفنتها الرمال وكأنها تأسى على ماضي الكرم، صور خيالية استعيدت بعناصر حية، معاصرة تؤكد حرص الفنان العراقي المعمار على إرثه الثقافي، والتاريخي، وعشقه للخيل المعقود في نواصيها الخير.
سيرة موجزة.
ولد الفنان العراقي علي المعمار في بغداد عام 1965. خريج معهد الفنون الجميلة – بغداد –قسم الرسم عام 1985. وخريج أكاديمية الفنون الجميلة-بغداد –قسم الرسم -1991. حصل علي المعمار على ميدالية فائق حسن الذهبية للرسم في مهرجان الشباب في بغداد عام 1985. لعلي المعمار جدارية بطول 28 مترا في مطار دبي الدولي 2001.
عمل المعمار على تنظيم وإقامة أول مسابقة للفنون التشكيلية (باسم جامعة الشارقة) على مستوى الجامعات في دولة الامارات العربية المتحدة عام 2001.
هو عضو الرابطة الدولية للفنون التشكيلية A.I.A.P اليونسكو وفي جمعية التشكيليين العراقيين وجمعية الإمارات للفنون التشكيلية, شارك في مهرجان الواسطي،
تلقى دراسة الخيل من الفنانِ العراقي فائق حسن، احد ابرز الفناني العرب في رسم الخيل، اقام معرضه الاول في قاعة التحرير عام 1985م,وفي عمان عام 92ومعرض جماعي مع فنانين اردنيين 93م وفي معرض الفن العربي المعاصر 93م عمان الاردن، اربع معارض شخصية في قطر من 96 إلى 2015م، عضو جمعية التشكيليين العراقيين ونقابة الفنانين العراقيين، مقتنياته في كل من: المملكة العربية السعودية،، مصر، الاردن، تونس، الولايات لمتحدة الامريكية، قطر، اليابان، دبي، الشارقة.
- monif.art@msn.com