انتقلْ في الأرض، يا..
ما أنتَ صخرٌ؛
وافترشْ رملاً جديداً.
للرمل أعمارٌ
وحبّاتٌ ستولدُ من هناكَ
لِمَ التردد..؟
ولماذا حين ينتهي بكَ تعبٌ لا تبدأ راحتكَ المنتظرة من أبدٍ؟ قال: لستُ أفهم هذه الأسئلة ولكنني أحتاج إليها كلما نسيتُ الوعدَ.
- عن أيّ وعدٍ قلتَ نسيتُ؟
- لم أنسَ من تلقاء نفسي، بل إِنساني العمرُ من تلقاء نفسه عليَّ.. فقلتُ: مع كل نبضة تتعثر، في القلب تنطفئ شمعة.
ومع كل دمعة تتحجّر، ينبض القلبُ مجدداً.
هل يعرف قلبٌ كيف يختارُ وقتاً مناسباً لانهياره المحتوم؟ بل الشمعة تنهارُ حينما الدمعة تتعبُ والنبضة تستعيدُ وجودها وتضحّي بالسكونْ - هل في الأمر شيءٌ من جنونْ؟ - يعجبني اعترافكَ بي! يا صاحبي؛ ما كان المشوار بهذا القصر حين كنت تسأل عن نهاياته وأنت لم تكن بعد قد جاوزت محطاته الأولى. الرحلة، كما عرفتَ الآن، أطول من أنفاسك المتقطعة حتى في لحظات الاسترخاء!.
فخذ شهيقاً عميقاً وانتظم في الخطو المسطّح. لا تحفر أيقونة في رمال تتحرك ولا ترفع غصن زيتون ستكسره الرياح..
في صباح مضى منذ آلاف الصباحات، جلستُ أختبر التشابه بين الشعر والنار.
وبين الناس والماء.
فسكبتُ الماء على النار أولاً، ثم لم أحزن على انطفائها ولا على البلل الذي أصبح مكانها!.
أعدتُ إشعالها وعزلتُ الماء عنها بوعاء معدنيّ يحتضنه؛ فرأيتُ حينها كيف يغلي الماء ويفور ويصدر من جوفه البخار والفقاعات.
هكذا التشابه واضح بين الشعر والنار، غير أن الفرق الوحيد يكمن في اختلاف العازل بين الشعر والناس وبين النار والماء.
فالأوراق لا تعزل النار عن الماء، كما أن المعادن لا تعزل الشعر عن الناس.
وفي الصباح نفسه قررتُ أن أتجنب كل بلل يحدث من تلقاء ماء على نار، أو إلقاء شعر بين يدي أناس مستسلمين لبرودة الماء - صيفاً وشتاء - حتى لا ينطفئ الشعرُ غير مأسوف عليه (!).
ويبقى الاستثناء بعيداً: ثمة شعراء يُولدون منشدين في الناس ناساً، وثمة ماء يتمادى في تأجيج النار.
كيف خرج الموضوعُ عن مساره؟ ليس ثمة مسار لتلقاء!
- الرياض
ffnff69@hotmail.com