نجاة مكي فنانة يصفها النقّاد كارتفاع الأبراج الإماراتية.. إبداعاً
هي الأم الروحية للتشكيليين والتشكيليات في الإمارات العربية.. هادئة في طبعها، إبداعها أكثر من أحاديثها في وسائل الإعلام وإذا تكلمت اختصرت وأوجزت.. أصبحت علامة بارزة وماركة مسجلة كفنانة تشكيلية، وأكدت معنى وصف الفن النسائي إذا صح التعبير دون إخلال بأصل الفن المشترك من حيث سبل التنفيذ وإنما في خصوصية الفكرة المستقاة من المرأة دون تشويه أو بهرجة أو ابتذال لحقيقة أعماق المرأة فكراً وثقافة وأمومة، وليس شكلاً دعائياً كما يعتمد عليه أرباب الصناعة والتسويق بقدر ما ذهبت إلى مسافة أبعد من الشكل (الجسد) إلى جوانب أخرى يرى فيها المشاهد لأعمال الفنانة نجاة مكي تلميحاً للمرأة دون مباشرة، المرأة بكل ما تعنيه من حنان وعاطفة وذكريات، رمز جعلت منه الفنانة الإماراتية (نجاة مكي) ضيفتنا اليوم ثمة وعنواناً وإمضاءً خاصاً لها من بين أعمالها الفنية مهما تعددت واختلفت مواضيعها.
إيقاعات ملونة.. وعالم نجاة التشكيلي
إذا اعتبرنا برج خليفة معلْماً معمارياً فإن الفنانة نجاة مكي تشكّل هامة إبداعية لا تقل طولاً وارتفاعاً وعلو هامة من أي برج في دبي.
سيرتها عطرة مليئة بالكثير من العطاءات بدراية عالية وخبرات متجددة وحضور وطني وعالمي.. من يلتقي بها لا يرتوي من حديثها إذا منحته الفرصة ليستمع ولا يكتفي بنظرة عابرة على أعمالها التي تحتضن فناً صادقاً وواثقاً آتياً من شجرة تراث عريق..
تخرجت الفنانة الإماراتية الدكتورة نجاة مكي من كلية الفنون الجميلة بالقاهرة عام 1982، وحصلت على الدكتوراه في المسكوكات من القاهرة عام 2001.
عملت مشرفة على الوسائل التقنية بوزارة التربية والتعليم في الإمارات.
عضو في جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، وعضو بجمعية أصدقاء الفن بمجلس التعاون لدول الخليج العربية.
فازت نجاة مكي بعدد من الجوائز في بينالي الشارقة وبينالي مجلس التعاون وبينالي المحبة في سوريا.
تلقيت إهداء تمثّل في كتاب كبير الحجم يُعد كنزاً بصرياً يجمع تجارب الفنانة نجاة أُصدر الكتاب من قِبل متحف الشارقة بمناسبة إقامة الفنانة نجاة مكي معرضها الذي حمل عنوان (إيقاعات ملونة) كُتب في مقدمته باسم المتحف ما جاء فيه: تعتبر الفنانة الدكتورة نجاة مكي من أوائل الفنانات التشكيليات في الإمارات، فقد جاء هذا المعرض تكريماً لمشوارها الفني الطويل.
وتمسك منا بنهج وتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الذي يُولي الثقافة والفن اهتماماً كبيراً بشكل عام، ويُقدّر أعمال الدكتورة نجاة مكي الفنية بشكل خاص ويشيد بأدائها الفني في جميع المعارض المقامة على المستويين المحلي والخارجي.
وتضمن قراءة من الفنانة نجاة جاءت بمثابة المفاتيح لمعرفة أبعاد المعرض ونوافذ يطل منها الباحث عن معرفة تجربة هذه الفئة حيث تقول:
يُعد هذا المعرض امتداداً للتجارب السابقة.. إنه دعوة للدخول في إيقاع اللوحة والإبحار في عالمها، في بحرها الذي لم يسكن ولم يهدأ يوماً.
قد تغرق في ألوانها، أو تسبح في غمارها، أو تبلغ مكنونها، إنها الحياة بإيقاعاتها الجميلة والحزينة، التي لا تخلو من الحركة، ويوم تتوقف الحركة، يكون الموت.. إن التركيز على النمط التعبيري الرمزي، يبدو من خلال الإيقاع اللوني أو الخطي، ومن خلال درجة اللون ونصوعه وطبقاته وقوامه وتفاعلاته مع ما يجاوره في درجات الظل والنور، بالإضافة إلى الملمس الذي يتركه على السطح.
وكما للزمان والمكان حضور مباشر في أعمالي السابقة وبحكم التجربة فقد أخذت منحى آخر من خلال عناصر التكوين، ارتباطها مع بعضها البعض، في تجريد إيقاعي متناقض، يأتي أحيانا بطيئاً، وأحياناً أخرى سريعاً، ففي حياة كل منا لحظة إضاءة خاصة لها أشعة في الذاكرة....
إنها دعوة للتأمل في أعماق اللون الممزوج بالطبيعة، في الصحراء بسحرها وأساطيرها وقسوتها، وشجارها الراسخة الصابرة، لعلك تتفيأ ظلالها، أو ترتوي من عذب آبارها، ثم تكتوي بنيرانها، ثم ما تلبث أن تأخذك في أحضان لياليها، لتشعر بنسيمها وسحر أقمارها.
إنه الإيقاع التجريدي الذي طالما ارتبط برائحة البحر وإيقاع الأهازيج، التي تغنت بالحياة كلما اقتربت من الموت، يحتدم الصراع ويتجلى ليكتشف أجمل اللآلئ التي ترسم فرحة ذلك الغواص الفقير, إنه الولوج الممزوج بالواقع، وتأمل الروح وهي ترتحل بعيداً لتتذكر الكون بات كنجمة ساحرة تشع في المدى، فتعرج مطمئنة إلى الآفاق البعيدة، فتبصر النور الذي يشع من تلك الفيوض.
وكلما كانت تجربة الألوان الفسفورية تجربة سابقة بدأتها عام 1989م، في معرضي الأول في دبي والذي احتضنه نادي الوصل الرياضي، فهي الآن تظهر في عرض آخر لقناعتي أن اللون الفسفوري له إمكانيات كبيرة للعرض، تفرض على الفنان أن يستغلها، ويستفيد منها ويبحث في داخلها، عن آفاق رحبة، بحيث تكون أي إضافة جديدة لها قيمة مميزة في العمل الفني.
أما المرأة فلها حضور مباشر، وعلى الرغم من اختلاف الثقافات واللغات فإنها تبقى كشجرة نخيل باسقة، تضرب جذورها في أعماق الأرض، متفائلة صبورة مكافحة محبة، فهي اللون بكل ما فيه من قوه وكثافة وعنفوان، وهي الخط بكل ما يملك من إيقاع وامتداد وشموخ، تنظر إلى المدى، تتطلع إلى المطلق، فكأنها الظل الذي يأوي إليه في قيلولة الصيف، وهي النور الذي يشع، فيمد العالم بالمعرفة.. فمن خلال هذه العناصر يكمن حضور المرأة، بقامتها الشامخة في رمزية أسطورية.
إن ذاكرة المكان لها قيمة ودلالة وأحياناً هي رمز لظواهر كثيرة، في محيط الكون، وبما تقع عليه العين.. له جوانب ظاهرة وأخرى باطنة، وهو يمتزج الواقع بالخيال.. فذاكرتي ما زالت تحتفظ بالكثير من الأشياء، كأنها حلم، تتسرب إلى أعمالي، وتظهر جلية فيها،.... سعف النخيل، وشبابيك البيوت، وطرقاتها الضيقة، وحيطانها، وقمر الصيف الجميل.
إنها إيحاءات الطفولة التي تنظر إلى اللوحة من وراء الحجب، بعينيها البريئتين، ونقوش حنائها، ورسومها التي تدسها عين الأعين.. تنظر إلى اللوحة كيف تبدؤها؟ كيف تفك رموزها؟ ثم كيف تنهيها؟ وبأي إيقاع ترسمها؟
أسئلة نجيب عليها في هذا المعرض.
أبواب الكتاب.. وتوثيق المسيرة
الكتاب الذي تتجاوز صفحاته المائة المليء بالقراءات من نقّاد وكتّاب وفنانين والصور للوحاتها قُسم إلى سبع مراحل عنونتها الفنانة بالتالي:
الأولى (الشهادات) وتضمنت ما كتب عنها وعن تاريخها، الثانية عنوان (بدايات) للوحات البدايات تواريخ بعضها عام 89 م، الثالثة بعنوان (اللون عالمي الغائب) تركزت على الألوان بشكل كامل، الرابعة باسم (تجارب) نقلة إلى عالم الميديا والوسائط المختلفة كالطين والحديد وخلافها، أما الخامسة (يومياتي) برزت فيها الألوان والخطوط معاً، أما السادسة فهي مرحلة (الدائرة) خارج إطار المر بع والمستطيل لتنتهي، أما السابعة فهي بعنوان الأصل لهذا المعرض (إيقاعات ملونة).
- monif.art@msn.com