ابن رشيق، الجرجاني، ابن فارس، الغذّامي.. نحت إمضاء الاسم الأخير على جدارن: الصبر و المثابرة، القراءة والاطلاع النهم، العزلة المعرفية الاختيارية الجادّة؛ ليصبح ضمن سلالة أساطين الفكر والثقافة والأدب واللغة الذين أثروا المكتبة العربية بمؤلفاتهم الخالدة.
في إمضائِه تعلو نقطتان و شذرة تمثّلُ:
1- الأصالة المعرفيّة التراثيّة:
تميّز الغذامي بأصالة معرفية تراثية عتيقة؛ نتيجة اطلاعه الواسع منذ الصغر ،كان يعيشُ بين شخصيّات خيالية من التراث مثل: المتنبي، الجاحظ، الفرزدق.. الخ، وممعنا النظر إلى أوراق أمهات الكتب مثل: الأغاني، نفح الطيب، العقد الفريد ... الخ -كما أشار في كتاب :تجاربهم في القراءة -؛ لذا لا غرو أن تجد «الجرجاني» يجاورُ «سوسير» على سطر واحد في إحدى صفحات كتبه؛ لينتج نظريته «الغذامية» الجديدة بإتقان دون خلل في المنهج.
2- سبر أغوار النظريات النقدية الجديدة:
في مؤلفاته قدرة فائقة على سبر أغوار تلك النظريات -التي بعضها قد يكون معقّداً - وتقديمها بأسلوب «غذّامي»؛ كي تسهل على القارئ مثل: البنيوية، موت المؤلف، التشريحية و غيرها من النظريات التي أحدثت حراكاً حيويا و صداميًّا في المجتمع السعودي.
3- شذرة «ألفُ» الاستقلاليّة:
استقلّ واستمرّ الغذامي بمنهجه النقدي الذي يراه؛ لذا هُوجم من كل الأطياف الفكرية و التيارات المختلفة خلال مسيرته النقدية؛ لذا جاءت مقولته الاستنتاجية بعد تلك المسيرة الطويلة:
«أن تكون مفكرا حراً مستقلّا يعني أنك تدفع ثمناً غاليا لمواقفك؛ لأن كل طرف يريدك في صفّه فيغضب حين تخالف توقعاته.. « ويؤكد دائما على مقولة أخرى أصبحت نبراساً ومنهجا لمعظم من هو مهتم بالفكر والمعرفة:
«سموا أنفسكم مستقلين، كونوا دعاة سلام ومحبة، قولوا بحريّة التفكير والتعبير لمخالفيكم قبل أنفسكم، قل رأيك ولا تبالي شرط أن تقول هو: رأيي أعرضهُ ولا أفرضه»
- تحرّك إمضاء الغذامي على كتاب الثقافة في المملكة العربية السعودية؛ لتصبح عناوين الفصول قابلة للتغيّر الدائم تبعا لحالة الزمن «المتغيّر» الذي تعيشه الثقافة!
حمد الدريهم - الدلم