الثقافية - سعيد الدحية :
بغلاف أسود، حمل عنوانه في الجزء العلوي منه «ثقافة تويتر»، برسم إلكتروني أحمر، وصورة معدلة إلكترونياً لحصان يركض على شاطئ بحري بينما بلورات الماء تتطاير على وقع حوافره وسرعته.. يقدم الدكتور عبدالله الغذامي كتابه الجديد «ثقافة تويتر.. حرية التعبير أو مسؤولية التعبير»، ضمن أعماله واشتغالاته في سياق مشروعه الكبير «النقد الثقافي».
كتاب التغريد، الذي أصدره الغذامي عن المركز الثقافي العربي مؤخراً، يبدأ بتغريدة على غلاف الكتاب في الجزء السفلي لصورة الحصان، نصها: «لسانك حصانك.. إذن: أظهر فروسيتك لا حماقاتك»..
وفيما يتصل بحرية التعبير أو مسؤولية التعبير يورد الغذامي في مقدمة الكتاب أن هذه الثنائية ليست خياراً، وفي تويتر يصبح المرء هو المالك المطلق لحريته، ولكنه يكتشف تلقائياً أن غيره يملك حرية مماثلة، وهنا تتصارع الحريات..
ويضيف الغذامي: لن يستقيم أمر الخطاب التويتري إلا بتوافق ركني المعنى الفلسفي ومفهوم الحرية، أي حرية التعبير مرتبطة بمسؤولية التعبير.. لأنك لا تغرد وحدك، لكنك ترسل تغريدتك، وغيرك يشترك معك بالضرورة فيما ترسله من خطاب، كما أنه يرسل ويغرد بقدرة مماثلة لما عندك..
ويرى الغذامي أن الحرية صارت في تويتر مزية وعيباً معاً؛ لأن حرية هذا تحتكّ بحرية ذاك مباشرة، ودون ضوابط مادية ولا زمانية، وهي فعالية تكشف عن تحول الخطاب من الورقة والصفحة إلى الإصبع والشاشة، وهذا اقتضى سرعة التفاعل حتى تكون ضربة الإصبع أسرع من حركة الذهن، ويسبق القول التفكير، وينكشف المخبوء الذاتي دون رقيب حتى ليعجز الرقيب الذاتي عن التحكم بسرعة الإرسال.. وهذا تغير نوعي عميق في تفاعلية الثقافة، تبعه تكشف حالة الخطاب كمن يستحم في بيت زجاجي على شاشة من سمتها أنها كاشفة/ مكشوفة..
الغذامي بهذا الكتاب يقدم رؤية فلسفية، تتجه نحو بيئة الاتصال الإلكتروني، عبر طرح أسئلة تويتر بوصفها خطاباً تفاعلياً نقدياً، وبوصفها (ما فوق تفاعلية)، وفق هذا المصطلح الجديد الذي يطلقه الغذامي.