اعتادت المجتمعات أن تحتفي بما تقدسه وتؤمن به بتخصيص يوم عالمي له تتداول فيه أفكارا ومقترحات تخدمه، ولكن السؤال المُلِح في هذا اليوم هو: ما مخرجات تلك الأفكار التي يسفر عنها اليوم العالمي ؟
في كل عام يحتفل أرباب اللغة العربية بهذا اليوم بترديد شعارات وقصائد تُذكر بأهميتها وقدسيتها حتى بات القاصي والداني يحفظ تلك العبارات، ويستحضرها كل عام، وفي الواقع ليس هذا ما تحتاجه اللغة فحسب، إنما تحتاج إجلاء العوائق وتمهيد العقبات في سبيل بناء جيل واع ٍقادر على التعبير عن فكره وتطلعاته بلغة سليمة، فكم هو مؤلم أن خريجي المدارس والجامعات الذين درسوا جل مناهجهم بهذه اللغة يعجزون عن صياغة أفكارهم في بضع كلمات واضحة صحيحة! ولعل من أهم أسباب ذلك اعتقاد بعض المعلمين أوالمختصين أن القيمة العلمية للتخصص لا تحصل إلا باستقلاله التام عن سائر التخصصات ،ولا يؤمنون بفكرة تلاقح المعارف وتفاعل العلوم ومابينها من وشائج؛ لذلك يظنون أن هذه اللغة حكرٌ على معلمي اللغة العربية فيقدمون علومهم، ويلقون دروسهم بلغة متعثرة عامية لا ترقى بفكر المتعلم، فعلى هؤلاء أن يدركوا أن رقي الأمم يبدأ بقدرتها على التعبير عن أفكارها المختلفة بلغة فصيحة وفكر نيرِ، فاللغة هي مادة كل العلوم، وهي جزء من التراث المعرفي والثقافي للأمم، والإبداع المعرفي والعلمي ينبثق من الإبداع اللغوي الجمالي.
لتكن ثمة خطوات جادة للرقي باللغة العربية أولها يكمن في المعلمين والمختصين لأننا لا نستطيع أن نطالب المتعلم بأمر يعجز عنه معلمه، فالمناهج الدراسية التي كتبت بهذه اللغة الفصيحة يجب أن تؤدى بهذه اللغة أيضا.
ما تحتاجه اللغة اليوم هو قرارات حاسمة لا شعارات زائفة.
مريم الشنقيطي - الرياض