أرسلت حرفاً في الهوى عذُباً
وحديث قلب بالشذى انسكبا
كلماتك استوفت ألذ مُنىً
وتمثلت صَبّا هوى وَصَبَا
يا أنت أتعبتِ الذى سكنَتْ
دنياك منه النبض والعصبا
فإذا قوافي الشعر مُرْسَلَةٌ
تُلقي على عشاقها العجبا
تلقي إليك القول ما عرفَتْ
كلماته في شدوها الكذبا
وسرى شجياً في تَرَسُّله
حتى أمال وألهم الطربا
ومضى الزمان الغضُّ مزدحماً
بالذكريات وسالفاً عَذُباَ
يصغي للذة بوحها فإذا
منها أفاق أناب محتسبا
غفران ماقد كان من لمم
وبأن عفو الله ما حُجبا
ينأى به عمر ورهبته
من هول عقبى تُورث العطبا
مَلَكَ النُّهى والعمر قد غبشت
فيه الرُّؤى واستوحشته رُبَا
ماعاد للعشاق من لغة
ترتادها زمن الهوى غرُبَا
ما عادت الأيام مشرقة
ذهب الزمانُ بحالنا شُعَبَا
في أمة تصحو على غُصص
وتفيق تحسُو همَّها وَصَبَا
أكلت حُشَاشات القلوب بها
فِتَنٌ تمور تَسَعَّرّتْ لهبا
يشوي لظاها أنْفُساً وقُرى
ويباشر الأحداق والهدبا
القدس تبكينا مآذنها
وتميزت أحرارها غضبا
ودمشق ماغَنَّتْ حمائمها
البُوْمُ فوق ركامها نَعَبَا
كسرى على نار يمجِّسها
وشوى على آثارها حلبا
بغداد جف الضرع من لبن
عطشا وماء فراتها نضبا
الفرس تحكم في حواضرها
والحر في ساحاتها صُلِباَ
وتساءلت صنعاء عن وطن
أشرارهُ قد أسرفوا السَّلَبا
نكأوا جراحي فتَّتوا كبدي
والقلب من حَزَنٍ به انْشَعبا
يا أنت قد ثقلت مواجعنا
وسرى بنا الليل الذي اغتربا
وانفض سامرنا على دخَنٍ
يغشى الأناسي استنبت الرَّهبا
يا أنت لي صدر فُتِنَّ به
تلك الهموم وكاهلا تعبا
ودَّعْتُ من زهو الصِّبا عُمُراً
يختال فيه العمر شرخ صِبا
آويت قلبي دفء صحوته
وأَلَنْتُ صبوته فما عتبا
لملمت أوراقي التي نزفت
فيها الجراح ونبضهنَّ خبا
والآن في أحلى هوى عرفت
دنياي صفو العمر قد ذهبا
حَال تقلبنا على كمدِ
والكأس مُرُّ ما فم شربا
- أحمد صالح الصالح (مسافر)
ahmed_mosafer@hotmail.com